حدثنا رشيد نيني فقال :

الحسين العيساتي


للي لقا راحتو فلهبال ماعندو مايدير بالعقل، كان هذا ليكون عنوان احدى مقالات رشيد نيني، او الفكرة العامة لجل مقالاته في الاشهر الماضية، خصوصا خلال الاستحقاقات الاخيرة، باستثناء اعمدة يوم السبت التي كانت في اغلبها خواطر شعرية مكررة، وتساؤلات فلسفية يتحايل فيها بكلمات اقرب الى اللكمات.

لقد افتقدنا مقالاته وحكاياته، غمزاته ولمزاته، سقطاته واسقاطاته .. فبدل ذلك السواد الذي يغلف زاويته اليومية في الصفحة الاخيرة من الجريدة الاكثر مبيعا في المغرب، الجريدة التي لقبت يوما ما بالجريدة التي تقرأ من الخلف، ربما نكاية في المواد الاخرى التي كان الابداع فيها عاديا ومحدودا، رغم ان هذا اللقب احسن بكثير من القول انها لا تقرأ، او القول انها تقرأ بالعين فقط وربما احيانا باللمس...، بدل هذا السواد اذن، كان سيكون لنا موعد يومي نقرأ فيه مابين السطور ونعرف مايجري وما يدور.

لقد كان رشيد نيني يحرك الرأي العام، والحركة هنا حركة الشفاه عند "التهام" المقال، وليست حركات الشهور والايام التي نعرف، والمحركات التي لانعرف، بالرغم من ان حركات الشهور والايام هاته نهلت مجمل لافتاتها من العمود الشهير، فحورت وطورت كلماته وجعلت منها ماركة مسجلة باسمها في السجل المطلبي بينما سجل الكاتب اسمه في السجل العدلي.

تأثير العمود كان واضحا في تكوين بعض الاراء، فقد اصبحت مثلا بعض الانتماء ات القبلية والمناطقية عنوانا لاحتكار المناصب بدون اهلية ولا شرعية ، هذا في الوقت الذي نجد فيه الآن زعيم اكثر الاحزاب تمثيلية وشرعية، ينحدر من نفس المناطق، ولاحاجة للمقارنة مع وجود الفارق ولكن لو لم يكن كاتبنا مقيد الآن ، لصاغ لنا تشبيها ومقاربة تساعدنا على محو هذه التمثلات القبلية التي عمل على ترسيخها في عقولنا.

مانزال نتساء ل عمن كان يزود نيني بكل تلك المعلومات، فنحن نعرف ان الفصل 263 من القانون الجنائي هو من ادخله السجن،والفصل بين السلط هو الكفيل باخراجه. ولكن من اين كان يأتي بكل ذلك الكم الهائل من المعلومات والتفاصيل التي لا يمكن ان نجد لها مكانا سوى في ردهات و سراديب .. المنجمين.الاكيد ان السواد الاعظم لم يكن يعنيه هذا التساؤل، فالاهم كان هو تغدية الفضول وحلبات النقاش في كل مكان، لقد كان كلام نيني حاضرا في الندوات والاجتماعات والاعراس والحمامات والوقفات الاحتجاجية فما إن يبدأ احدهم في التحليل والتنظير حتى تشتم رائحة العمود في مصادره.

رشيد نيني كان يحدث كثيرا، ومن يتحدث كثيرا يخطئ كثيرا كما قال عمر ابن الخطاب؛ " من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت زلاته" فليس من السهل ضبط التشعب الا في حالة النقل من مصدر تابت ومعلوم، ومعلوم ان كاتبنا كان من رواد التنقل لا من رواد النقل، وهذا مايجعل هامش الخطأ اوسع.

ولكن على العموم فلقد كان كلامه اكثر من سقطه فلو كان بيننا الآن، وفي هذه الظروف لشرح لنا كيف سكت حزب كبير يمثل القوات الشعبية، على احتلاله مركزا في الانتخابات خلف احزاب تمثل القوات بدون اية شعبية.

لو كان بيننا لقال لنا كيف يجرأ حزب متقدم في اسمه، متأخر في تشكيل فريقه على طلب مقاعد في حكومة هرمنا من اجل لحظة تشكيلها ..وكيف يفوق حزب الاصوات الملغاة على حزب الاصوات الملقاة في إطارها الصحيح... اسئلة وغيرها نطرحها مباشرة على الخواء الذي يملأ مساحة عمود شوف تشوف[img][/img]