مَنْعُ القَاصِرَاتِ مِنَ الزَّوَاجِ اعْتِدَاءٌ ...وَانتِهَاكٌ لِلحُرِّيةِ الشَّخْصِيةِ!

هيسبريس


ذ. عبدالكريم القلالي

بسم الله الرحمن الرحيم

القول بعدم جواز إجبار المرأة على الزواج إكراها، أمر مفروغ منه. والفصل 475 من القانون الجنائي الذي ينص على سقوط المتابعة في حق مغتصب القاصر إذا تزوج منها٬ إهانة للمرأة؛ كما أن مجرد الحبس لمغتصبها انتقاص من قدرها. والعدل في مثل هذه الأحوال تطبيق شرع رب العالمين القاضي بجلد المغتصب إن كان غير متزوج وقتله إن كان متزوجا، حماية لأعراض المسلمات وحفظا لكرامتهن، وصونا للمجتمع المسلم، وهذه هي العقوبة الوحيدة الناجعة لاستئصال هذا الداء. وما سواها من العقوبات التي تفنن البشر في وضعها، يثبت فشلها يوما بعد يوم والحال يغني عن المقال.

وأما منع القاصرة من الزواج (كما تطالب بذلك المنظمات والجمعيات الحقوقية) فاعتداء على الحرية الشخصية، وظلم للمرأة ومنع لها من حق من حقوقها وكبت للقاصر وصد لها عن مزاولة نشاطها الفطري في الحلال. وتشجيع على الفاحشة والزنا.

وإلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة التي تسمح بزواج القاصرات (بعد إذن القاضي) يعتبر اعتداء صريحا وصارخا على حرية المرأة وحقها في الزواج وحرمان لها من متعة أحلها الله لها ما دامت مطيقة للزواج وقادرة عليه. والذي ينبغي أن يقرر في هذا هي الفتاة ووليها؛ فمن آنست من نفسها أو آنس وليها الرشد للزواج؛ فليس لأي أحد أن يتدخل في حريتها الشخصية ويمنعها من الزواج، ولا يلزمها طلب إذن من أي جهة إلا من وليها الذي تعود إليه في حال حدوث الطلاق أو الخلع؛ فإذا طابت نفس القاصر في الزواج فهي صاحبة الشأن في هذا; ترغب فيمن رغبت وتمتنع عمن تمتنع عن طيب نفس وراحة خاطر; والولي ليس له إلا الأخذ بما تراه ولا يحق له أن يكرهها؛ فالإسلام يجعل العلاقات بين الزوجين قائمة على الرضا والاختيار المطلق والمودة النابعة من القلب والرغبة التي لا يبقى معها حرج؛ لتكون الحياة الزوجية في أمن وأمان.

وعلى المنظمات الحقوقية أن تعي أن القاصر لها مطالبها الفطرية التي لا يمكن أن تغفل؛ فإما أن تتم تلبية تلك المطالب عن طريق المنفذ المشروع الذي هو الزواج وإما أن تتم عن طريق الانحلال الخلقي والفوضى الجنسية عن طريق البغاء والمخادنة (ولعل المنظمات لا ترى حرجا في هذا).

وما فعل بأمينة الفيلالي (الفتاة المغتصبة بمدينة العرائش) جريمة سواء تعلق الأمر بقاصر أو راشد، وسواء كانت ضحيتها فتاة أو عجوزا؛ فلو حدث واغتصبت عجوز ثم أرغمت على الزواج بمغتصبها هل سنطالب أيضا بإصدار قانون يمنع زواج العجائز! وهل لو حدثت قصة أمينة لامرأة في الثلاثين أو الأربعين من عمرها سنخرج ونطالب بقانون يمنع الزواج بذات الثلاثين أو الأربعين، المشكلة ليست في القاصر ولا غير القاصر المشكلة في الفساد الأخلاقي الذي تعتبره المنظمات والجمعيات الحقوقية حرية شخصية؛ حتى إذا أصابتهم بعض شظاياه؛ حاولوا اتقاء الشظايا دون النظر في مصدرها الذي تصدر منه!.

ومشكلة أمينة وما شاكلها ينبغي أن تعالج بالنظر في أسبابها والوسائل التي أدت إلى وقوعها، وتلك الوسائل كممت أفواه الجمعيات والمنظمات الحقوقية عن الحديث عنها.

والقوانين التي ينبغي أن تفعل هي القوانين التي تجرم مظاهر الفاحشة والرذيلة والزنا العلني الذي تصمت عنه مختلف الأطراف معتبرة إياه حرية شخصية لا ينبغي المساس بها ما دام ذلك برضا الطرفين حسب زعمهم. والذي ينبغي أن يكون هو إعانة القاصرات على الزواج، وتمكينهن من العفاف، باعتباره وسيلة من أهم الوسائل الوقائية من الوقوع في الفاحشة.

إن الصيحات ينبغي أن تتعالى على أحوال القاصرات ومظاهرهن وحالاتهن في المرافق العامة وعلى أبواب المدارس؛ حيث القاصر بحضن قاصر آخر مثلها؛ لم لا نسمع صوتا للمنظمات، ونراها تصاب بالخرص في هذه الحالات، وإذا ظهر ما له صلة بالشرع بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.

إن المشكلة ليست في القاصر بل المشكلة في الإباحية المقننة التي تنشر تحت أقنعة مزيفة، فهل يجرؤ الذين يقولون بمنع القاصر من الزواج القول بمنعها وتجريم من يرافق القاصر في الأماكن العامة والخاصة من (الأخلاء) أم أن ذلك استمتاع وحرية شخصية؟ وفي الحلال اعتداء! وأي الحالتين أحق بالاحتجاج زواج القاصر في الحلال؟ أم مرافقتها للذئاب؟ حتى إذا ظهرت حوادث الاغتصاب تعالت الصيحات، إن المشكلة ينبغي أن تعالج قبل وقوع الحادثة بتلافي أسبابها!.

لما ذا تطلق المنظمات الحقوقية للقاصر العنان في أن تخادن وتسافح من تشاء من الرجال! ولا نسمع لها صوتا إلا أثناء الحديث عن الزواج!

ولما ذا لا تندد المنظمات والجمعيات الحقوقية بمشاهد الإثارة الجنسية في مختلف المنتوجات الإعلامية، ومظاهر المجون المشاهدة! قديما قالت العرب: "وراء الأكمة ما وراءها".

Karim_kallali@targuistcity.net
صفحة الكاتب على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/karimkallali

تويتر

https://twitter.com/#!/fata_rif[img][/img]