نربحوا نكسروا.. نخسروا نكسروا!؟
لم أفهم مثل بلخادم تماما تصرفات الجزائريين ”إذا ربحوا ماتش كسروا وإذا خسروا ماتش كسروا”، مثلما قال ذلك الأمين العام للأفلان في تعليق له على الأحداث.
لم أفهم كيف للشباب الذي التف السنة الماضية حول الفريق الوطني واحتضن العلم وكان مستعدا لخوض حرب حقيقية لو تطلب الأمر ردا لاعتبار الفريق الوطني، وانتقاما له من الإهانة التي تعرض لها في مصر؟!
لم أفهم كيف لشباب كانوا يذرفون الدمع حبا للجزائر وللفريق الوطني، كيف يخرجون اليوم وكلهم غل وحقد على كل شيء، يخربون ويحرقون ويعيثون في الأرض فسادا؟!
كيف انقلب الشارع الجزائري من النقيض إلى النقيض .. من الحب إلى الكراهية؟!
ألا تستدعي هذه الظاهرة استشارة المحللين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس على حد السواء؟ أم أننا في حاجة كل سنة إلى تظاهرات رياضية بحجم المونديال كي نضمن استقرارا للبلاد؟!
صحيح أن المشاكل الاجتماعية كثيرة ومتفاقمة ونفد الصبر انتظارا للحلول.. وصحيح أن قضايا الفساد التي تتحدث عنها الصحافة يوميا ولم تفصل فيها العدالة إلى اليوم، أدى إلى اتساع الهوة بين الحكومة والشعب .. وصحيح أيضا أن القدرة الشرائية لشريحة واسعة من الشعب زادت تدنيا، وفي المقابل ظهور طبقة ميسورة تنعم بخيرات البلاد .. وصحيح أن البطالة ازدادت تفاقما، والأمل في حل بات ضئيلا إلى درجة أن ظاهرة الحرڤة صارت هي البديل الذي لا غنى عنه لدى الكثير من الشباب.. لكن هذا ليس مبررا للتخريب والحرق والنهب وإلحاق الدمار بالمؤسسات التي صرف من أجلها الملايير خدمة للشعب.
المطالب الاجتماعية التي انطلقت من أجلها الشرارة الأولى للاحتجاجات هي مطالب شرعية وحقيقية لا غبار عليها، لكنها مطالب حق أريد بها باطل. فالثورة التي تحدثت عنها الفضائيات هي ثورة شرعية، لكنها خلفت أضرارا كارثية، وقضت على كل أمل للتغيير، عندما تولتها عصابات اللصوص وأخرجتها من أطرها.
كل الناس غاضبين في الجزائر، وأكثرهم غضبا أولئك الذين يتألمون وهم يرون المنشآت التي نجت من نار الإرهاب تحرق على يد شباب طائش متعطش للتدمير والفساد.
لكن الفضائيات، فضائيات صب الزيت على النار، لا تنقل غضب هؤلاء الذين يتألمون ليس فقط لمشاهدة الدمار، بل لما آل إليه المجتمع الجزائري من ضياع للقيم.
حدة حزام