حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي فني إعلامي شامل((((((((( مدير و مهندس المنتدى : حسن الخباز ))))))))))
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com

 

  سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعد السعود




عدد المساهمات : 1959
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

  سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن Empty
مُساهمةموضوع: سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن     سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن I_icon_minitimeالسبت 19 فبراير - 12:28:11


سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن

lotfi Flissi

على بعد 11 كلم شرق باتنة يقع أشهر سجن بالجزائر، سجن "لامبيز" الرهيب الذي بناه الفرنسيون سنة 1852، أي ثماني سنوات بعد تأسيس مدينة باتنة سنة 1844، وفي ذات الموقع الذي كان من المفترض أن يؤسس فيه الفرنسيون باتنة الجديدة باسم "نيو لمباز" قبل أن يهبوا سكان المدينة‮ ‬سجنا‮ ‬بدل‮ ‬حاضرة‮!‬
في الطريق نحو "لامبيز" الرسم المفرنس لكلمة "لامبيزيس" الرومانية الشاهدة على مدينتها بالآثار الرومانية كباب "لامبيز"، يتراءى لك أشهر و"أخطر" سجن مثل "القلعة الحمراء" في نهاية طابور من البنايات والفيلات الفخمة والمطاعم الممتدة على طول 11 كلم جعلت السجن يقع في‮ ‬الضاحية‮ ‬الشرقة‮ ‬لباتنة،‮ ‬على‭ ‬مدار‮ ‬155‮ ‬سنة‮ ‬حافظ‮ "‬لاميز‮" ‬على‮ ‬سطوته‮ ‬كمكان‮ ‬للرهبة‮ ‬والقمع‮ ‬يلقيه‮ ‬كثيرون‮ ‬بـ‮ "‬آلكاتراز الجزائر" وأأمن مكان في الجمهورية بعد مكتب وزير الداخلية، نزل به مشاهير السياسة على غرار الزعيم والرئيس التونسي لحبيب بورقيبة، وفي عهد الحزب الواحد استقبلت زنازنه زعماء سياسيين محليين على غرار الراحل محفوظ نحناح، وزعيم الآرسيدي سعيد سعدي، وتحول عقب أحداث 1992 وتوقيف المسار الانتخابي إلى مكان يعج بالمسلحين و"الإرهابيين"، ومن أمام بابه أطلق بوتفليقة سنة 2002 كلمة "المصالحة الوطنية" لأول مرة، في رسائل مشفرة اعتقد البعض أنها موجهة للمسلحين المسجونين، قبل أن يكتشفوا أنها كانت ولا تزال موجهة لعامة الجزائريين سجناء‮ ‬الأزمة‮ ‬الأمنية‮ ‬والدموية‮!‬

5 ‮‬ملايير‮ ‬سنتيم‮.. ‬مقابل‮ ‬2000‮ ‬نسمة
لست أدري لماذا مر هذا الشريط التاريخي بالأبيض والأوسط على مخيلتي وأنا أقترب من الباب الخارجي للسجن، يطلب منك الانتظار لدقائق إمعانا في "تدقيق هوية أنك الشخص المطلوب للدخول" والمرور عبر ثلاثة أبواب كاملة، لتكون في قلب السجن.. نتذكر ونحن صغارا أن الطريق لم تكن‮ ‬هذه،‮ ‬كنا‮ ‬نعبر‮ ‬ونحن‮ ‬ندخل‮ ‬مدينة‮ ‬لامبيز‮ (‬تازولت‮) ‬بمحاذاة‮ ‬الباب‮ ‬الخارجي‮ ‬مثلما‮ ‬تعبر‮ ‬أية‮ ‬سيارة‮ ‬على‮ ‬قصر‮ ‬الدكتور‮ ‬سعدان،‮ ‬لكن‮ ‬ذلك‮ ‬الباب‮ ‬التهمة
باب حديدي تقدم بعشرات الأمتار قاطعا على الزوار أروع مشهد بانورامي للقلعة الحمراء، والسبب أن الأزمة الأمنية التي غيرت الجغرافيا السياسية والأمنية للبلد غيرت أيضا الجغرافيا الخارجية للمكان بسبب حادثة 10 مارس 1994، التي أساءت لسمعة السجن الذي شهد تلك الليلة الغريبة أكبر حالة فرار في تاريخ السجون الأخطر سمعة من "ألكاتراز" طيلة اليوم الذي سبق فرار 1000 سجين لاحظ سكان المدينة الهادئة حركة سيارات غير عادية وتوافد غرباء في الشوارع، ليتضح مع الخيوط الأولى لليل أن بعض الشبان المسلحين وفي خطوة ممهدة للضربة حاصروا مقرات أمنية منعا لتحرك قوات الأمن، فيما سارع آخرون لتخريب بعض الطرق بواسطة جرافات، بعدما تواطؤوا مع بعض "الحراس".. ساد الهرج الكبير داخل السجن، فُتحت العنابر والزنازن وهرب زهاء 1000 سجين، نصف نزلاء السجن، بعدما "أجبرت أقلية من المسجونين لأسباب إرهابية أغلب المسجونين في قضايا الحق العام اللحاق بهم وأخراجهم عنوة" هذه الحداثة الخطيرة التي أعادت ضخ دماء جديدة في الإرهاب منتصف التسعينيات كلفت إقالة والي ولاية باتنة آنذاك، وتكلفك اليوم الانتظار قبل الدخول، وقطع مساحات جديدة، تقطع خلالها الباب البراني، ثم الباب الوسطاني‮ ‬المؤدي‮ ‬إلى‮ ‬مصالح‮ ‬الإدارة،‮ ‬ثم‮ ‬الباب‮ ‬الأخير‮ ‬باب‮ ‬الحيازة‮ ‬المؤدي‮ ‬إلى‮ ‬العنابر‮ ‬والزنازن‮!‬

بعد انتظار قصير جاء "إذن المرور" رافقني عون حراسة ليسلمني إلى عون حراسة آخر عند الباب الثاني الذي سلمني إلى الإدارة بدوره مثلما يسلم ساعي البريد رسالة مؤمنة، لكن بأدب واحترام وصرامة أيضا، وبحسن معاملة وضيافة دلت عليها قهوة مدير السجن "عبد الحق بلعماري" الذي دخل في صلب الموضوع "يوجد في هذا السجن الذي هو مؤسسة إعادة التأهيل تازلوت 2000 سجين، مخصص لاستقبال السجناء الذين تفوق عقوبتهم 5 سنوات فما فوق فقط بخلاف مؤسسة الوقاية التي تستقبل الموقوفين مدة سنتين، ومؤسسة إعادة التربية التي تأوي نزلاء محكوم عليه من سنتين إلى خمس سنوات، إذ أن مؤسسة لامبيز هي مؤسسة إعادة تأهيل النزلاء الموزعين على ثلاثة أجنحة رئيسية، هي الجناح التقويمي الذي يقيم به أصحاب العقوبات طويلة المدى والنزلاء العنيفين، وجناح الحبس الجماعي والجناح الثالث جناح الورشات الذي يتقاضى فيه السجناء المشتغلون شبه راتب نظير الأعمال المقدمة، مع جود كافة المرافق الضرورية اللازمة، والأهم وجود سياسة واستراتيجية من طرف المديرية العامة للسجون ووزارة العدل توفر للنزيل شروط عيش لائقة تحت حقوق الإنسان من خلال مفاهيم الأنسنة، أما أدوات التكفل الأخرى مثل توفير المأكل الذي نصرف عليه زهاء 6 ملايير سنويا والرعاية الصحية التي ننفق عليها 1.1 مليار سنتيم لتوفير الدواء للمرضى، فهي محددات تنسجم مع هذه الرؤية، لكن الهدف الأساسي أيضا تحضير النزيل لحياة الاندماج والعيش بسلاسة ما بعد فترة العقوبة، وتعتبر هنا مصلحة إعادة الإدماج والتعليم‮ ‬والتكوين‮ ‬هي‮ ‬العصب‭ ‬الحساس‮ ‬لسجن‮ ‬لامبيز‮".‬

239 ‮‬سجين‮ ‬جامعي‮.. ‬وحفلات‮ ‬تخرج‮ ‬في‮ ‬العلاقات‮ ‬الدولية؟‮!‬
خلال السنوات الفارطة سحب السجناء البساط من تحت أقدام طلاب المدارس الثانوية وسرقت الزنزانة الضوء من بعض المدرجات الجامعية، لدرجة أن نكتة جديدة ظهرت طالبت من بوتفليقة اعتقال كافة طلاب الجزائر في سجون لتحسين المستوى الدراسي بعدما تحول لامبيز إلى مدرسة وجامعة، أرقام النجاح للسجناء المترشحين لنيل شهادة البكالوريا وشهادة التعليم الأساسي فاقت في نسبها المئوية كافة التصورات، فبالنسبة لشهادة التعليم الأساسي نجح 26 من أصل 87 سنة 2003، و66 من أصل 104 سنة 2004، و110 من أصل 174 مسجل سنة 2005، فيما تجلت نتائج نجاح السجناء‮ ‬في‮ ‬شهادة‮ ‬البكالوريا‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬42‮ ‬من‮ ‬أصل‮ ‬103‮ ‬سنة‮ ‬2003،‮ ‬و87‮ ‬من‮ ‬أصل‮ ‬131‮ ‬سنة‮ ‬2004
،‮ ‬و88‮ ‬من‮ ‬أصل‮ ‬158‮ ‬سنة‮ ‬2005،‮ ‬ثم‮ ‬22‮ ‬ناجحا،‮
‬و61‮ ‬سجينا‮ ‬طالبا‮ ‬في‮ ‬سنة‮ ‬2006‮ ‬نالوا‮ ‬هذا‮ ‬الاستحقاق‮".‬

هذه الإنجازات الخارقة لنزلاء فاقدي الحرية الجسدية وأحرار القدرة العقلية يفسرها مبارك شملال، ضابط إعادة التربية ورئيس مصلحة التعليم والتكوين بالإصلاحات المستحدثة منذ سنة 1995 من طرف المديرية العامة للسجون ووزارة العدل، في السابق كان التعليم بطيئا حيث كان النزيل يدرس في مكان "اعتقاله" بيد أنه أصبح بعد تلك الفترة يدرس في أقسام، هناك ثمانية أقسام بحبس تازولت، إضافة إلى إدخال مفهوم التكوين المهني الإقامي حيث تتوزع ورشات التكوين المهني بلامبيز على ورشات للمعلوماتية والدهن المعماري والكهرباء المعمارية والخياطة والنجارة‮ ‬والحلاقة‮ ‬والطبخ‮ ‬والنجارة‮ ‬والخبازة‮".. ‬تعليميا يستفيد النزلاء من محو الأمية وفق أسلوب التعليم النظامي، ومن التعليم المتوسط والثانوي عن طريق المراسلة وفق اتفاقية مبرمة بين المديرية العامة لإدارة السجون (وزارة العدل) والديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، وهؤلاء يتابعون دراساتهم داخل زنزاناتهم، فيما يدرس المحضرون لشهادة التعليم الأساسي والبكالوريا داخل أقسام يؤطرهم سجناء متعلمون ومقتدرون في الاختصاصات المطلوبة"، في حين يسجل الناجحون في شهادة البكالوريا في الجامعة، وشهادات الدراسات التطبيقية وشهادة جامعة التكوين المتواصل داخل السجن الذي تقام به مناقشة رسالة التخرج بحضور دكاترة وأساتذة منتدبين، وقد طرح لنا بعض السجناء المتعلمين إشكالية عدم التمكن من الدراسة بالجامعة وفق شروط الحرية النصفية التي تمكن المحكوم عليه بحكم نهائي الخروج لمتابعة الدراسة والعودة مساء، حيث يزاول طالبان سجينان دراستيهما الجامعية من أصل 21 ناجحا في البكالوريا خلال الموسم الماضي، لكن شرط الاستفادة للمحكوم عليه المبتدئ (غير العود) الذي أمضى نصف العقوبة، ما حتم الإدارة إلى تسجيل غير المستفيدين في الجامعات، ما يسمح لهم بإكمال الدراسة عقب استنفاذ العقوبة، وفي انتظار ذلك يتابع هؤلاء الدراسة‮ ‬في‮ ‬جامعة‮ ‬التكوين‮ ‬المتواصل‮ ‬بالمراسلة‮ ‬في‮ ‬اختصاصات‮ ‬هي‮ ‬قانون‮ ‬الأعمال،‮ ‬وقانون‮ ‬العلاقات‮ ‬الدولية‮!‬

نشطاء‮ ‬الجماعات‮ ‬المسلحة‮ ‬أكثر‮ ‬ترددا‮ ‬على‭ ‬العيادة‮ ‬النفسية
تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد السجناء المستفيدين من قانون المصالحة الوطنية الذين غادروا سجن لامبيز يتراوح ما بين 180 إلى 190 مستفيد، فيما لا يزال ما بين 65 إلى 70 محكوما عليه في القضايا الخاصة (الإرهاب) محسوبين على ما أصبح يعرف بأصحاب الملفات العالقة، ومع أن هذه الأرقام قريبة للأرقام الرسمية بعدما تحفظت جميع "الهيئات المخولة عن الأرقام الحقيقية تحت طائل السر المهني وحساسية المواضيع الأمنية، بعدما أكد لنا (ب.ح) 34 سنة المدعو أبو عبد الله الموقوف إثر اشتباك مع مصالح الأمن سنة 1992 بخنشلة عقب انتمائه للجماعة الإسلامية المسلحة ضمن سرية كان يقودها صالح الوناس محمد المكنى "أبو دجانه" أنه يأمل أن يستفيد من المصالحة رفقة 59 من زملائه بالسجن للعودة إلى كنف المجتمع بعد تجربة أثبتت له أن المصالحة هي النهج الأسلم لعودة الاستقرار ووحدة الشعب الجزائري"، ومع أن ما تبقى من المحكوم عليهم في "القضايا الخاصة" بضع عشرات، فقد لاحظت أن بعضهم يعيش حياة عادية ويلقون معاملة حسنة من طرف الأعوان والمسؤولين، وقد فوجئت بمشهد بريء كان فيه محكوم عليه في قضية إرهابية يلعب "البابي فوت" مع محكوم عليه في قضية حق عام، ولم أستطع مقاومة إغراء الحياة داخل السجن حتى وجدت نفسي أقاسمهما اللعب في لحظات أنستني أني في سجن لامبيز، وتحديدا في غرفة تقوية العضلات غير بعيد عن العيادة الواقعة في الجهة الأخرى مرورا بعنبر القاعات والزنازن الواقعة في قلب السجن.

تستقبل عيادة السجن 60 نزيلا، ولكل سجين يدخل المؤسسة سجل طبي خاص به، يشرف عليهم 9 أطباء عامون وثلاثة أطباء أسنان وسبعة أطباء نفسانيون، مع زيارات وفحوص شهرية يجريها أطباء أعصاب وأطباء أمراض مزمنة، السكري على وجه الخصوص، وبحسب طبيبة في السجن فإن "الأمراض المنتشرة هي الأمراض الجلدية لسهولة انتقالها بين 2000 شخص يعيشون في بيئة واحدة ومغلقة، إضافة إلى الأمراض التنفسية "الربو" بالنظر إلى أن "بيئة باتنة تساعد المصابين لانخفاض درجة الرطوبة، لذلك يتم تحويل السجناء المصابون بهذا الداء من مختلف سجون الجمهورية"، وكشفت لي طبيبة نفسانية أن "السجناء أكثر تعرضا للقلق، وعُصاب السجن، والوساوس" مع ملاحظتها على مدار خبرتها الطويلة "أن عناصر الجماعات المسلحة والمحكوم عليهم في قضايا الإرهاب هم أكثر النزلاء ترددا على الأطباء النفسانيين، بسبب عدم قدرتهم على الاندماج مع المحيط وفقدانهم للمعنى والهدف نتيجة الأفكار وبيئة الجماعات التي نشأوا فيها" مشيرة إلى أن أميرا لجماعة مسلحة في منطقة البرج كان يتردد باستمرار على المصحة النفسية، مفضلا إجراء "المحادثة النفسية" مع ترك الباب مفتوحا تفاديا للخلوة المحرمة مع امرأة، وقد ساعدته تلك الجلسات على‭ ‬كسب‮ ‬الثقة‮ ‬والحديث‮ ‬عن‮ ‬خصوصيات‮ ‬حياته‮ ‬بصورة‮ ‬منطلقة‮ ‬وغير‮ ‬متوقعة‮!‬

‮"‬فْريت‮" ‬بالألدول‮.. ‬والكسكس‮ ‬بالمخدرات؟‮!‬
بخلاف المشكلات النفسية لأصحاب القضايا الخاصة، تجدر الملاحظة إلى أن أغلب الموقوفين في قضايا الحق العام (80٪) الذين يدخلون سجن لامبيز في قضايا مختلفة هم في حقيقة الأمر "مدمنو كحول ومخدرات" قبل استقبالهم، ما يطرح لهم عدة مشاكل مرتبطة بغياب هذه المادة أثناء فترة العقوبة، وبالتنسيق مع بعض أصدقائهم يلجأ السجناء إلى عدة طرق شيطانية واحتيالية لإدخال المخدرات والمؤثرات العقلية السائلة منها على الخصوص، حيث كشف لنا متحدث "بعضهم يوصي اقربائه بقلي البطاطا "فريت" ثم رشها بسائل "الألدول" مباشرة بعد طهيها في الزيت لتقوم بامتصاص المخدر داخل قطع الفريت، التي تطلق السائل المخدر أثناء القطع في مشهد وديع لا يثر انتباه الحراس، ولم تكن هذه الطريقة تستثني "الشامبوان" والقهوة وحتى الكسيكسي الجاف الذي يتم إدخاله بعد رشه بسوائل مخدرة أيضا.. بعضهم يلجأ الاتفاق مع أصدقاء له خارج السجن إلى استقبال طرود بريدية مرسلة بأسماء مستعارة تفاديا لمتابعة المرسل قضائيا وجزائيا تحتوي على أحذية يعثر داخل أعقابها على المخدرات المحشوة بعناية، ولم تسلم حتى النعال الخفيفة "الكلاكيت" من حشوها بمخدرات بعد شطها وإعادة لصقها.

ومع أن كافة هاته الطرق أحبِطت من طرف الحراس إضافة إلى قوانين صارمة تحظر إدخال المواد السائلة موازاة مع "توفير الإدارة لمختلف المشتريات المطلوبة التي تقوم باقتنائها مع خصم ثمنها من المبالغ المالية التي يتحص عليها السجناء من أهاليهم"، ومع ذلك ونحن نعبر إلى سجناء بإحدى الورشات ثم إلى داخل عبر ورواق مظلم في قلب السجن، حيث شاهدنا محبوسين أمام الزنازن يسيرون في خطوات منظمة داخل الرواق الجماعي وسط ابتسامة عريضة وقهقهات، شاركنا فيها بعدما روى لنا أحد المرافقين "أن موظفا قضى يوما في حالة "خبطة" بعدما تذوق طعام أحد السجناء، اتضح أنه رش بمخدر سائل".. ومن الضحك سادت أجواء "الغرابة" بعدما أكد لنا أحدهم أنه بأحد العنابر يوجد "سجين من نوع خاص".. الظاهر أنه "مركوب بقوى روحية غامضة" حيث لم يستطع ثمانية حراس السيطرة عليه رغم نحافة جسمه" ويستطيع هذا السجين ذي البنية الصومالية فك ثلاثة قيود (Les menottes) وردها للحراس متحدثا "لو أردت الخروج من السجن لفعلت خذوا بضاعتكم" أكثر من 6 حقن لا تكفي لتنويمه لدرجة أن الطبيب أصيب بالدهشة من القوى الخارقة للسجين، الذي يتحول إلى "حمَل وديع" بمجرد حضور أحد الحراس المكلفين به!

منتوجات‮ "‬صنع‮ ‬في‮ ‬لامبيز‮".. ‬شاعر‮ "‬مؤبد‮".. ‬وحافظ‮ ‬للقرآن‮!‬
دخلنا إلى مجمع الورشات، الواقع خلف ساحة، كان السجناء يلعبون مباراة في كرة القدم، سمعت أحدهم يخاطب رفيقه "هيا يا حاج عيسى" فيما رد آخر "اقذف يا زياني" وأدركت أن السجناء مطلعون على الساحة بفعل قراءة الجرائد، فيما أشار مسؤول من استفادة المحبوسين من "البث المتلفز" حيث يشاهدون داخل القاعات أشرطة وثائقية ودينية وأفلام هادفة وعائلية، داخل الورشات كان السجناء يعملون بصراحة ودقة داخل ورشات النجارة والكهرباء، وفيما تستهلك المخبزة 12 قنطارا من الفرينة يوميا، وهو رقم يفوق طاقة عمل المخابز "المدنية" بكثير، ما يحقق اكتفاء ذاتيا في الخبز لسجن لامبيز، والمؤسسة العقابية وسط باتنة، ينتج "السجناء" مختلف الأدوات الحديدية المختصة بالخراطة والنوافذ والأثاث الخشبي والخزائن والألبسة النسيجية وحتى بعض الأحذية، لكن اللافت أننا عثرنا على مكيف هوائي شغال أعاد سجناء اختراعه، كما نجحوا في إعادة اختراع موجه هوائيات مقعر (روتور) أوتوماتيكي صنع في "لامبيز" في السنوات الأولى لظهوره وقبل أن يعرفه العامة خارج أسوار الحبس، وازدادت دهشتي عندما حضرت احتفالا أقامه النزلاء بمناسبة يوم العلم أمس الأول، فقد تخيلت نفسي في "مدرج جامعي" بعدما سمعت في مسابقة فكرية مصطلحات العولمة واتفاقيات "الغات" بحور الطويل والعروض والبديع، قبل أن يلقي النزيل الشاعر (ب. زهير) المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضية قتل شخص حاول الاعتداء عليه "جنسيا" قصيدة عصماء في ابن باديس، علما أنه تحصل في السجن على شهادة البكالوريا 5 مرات في‮ ‬الآداب‮ ‬والعلوم‮ ‬الإسلامية‮ ‬والعلوم‮ ‬الإنسانية‮ ‬ويحضر‮ ‬لشهادة‮ ‬التكوين‮ ‬المتواصل‮.‬

أحلام السجناء لا تتوقف عند هذا الحد، حيث يعتبره (ب. مراد) 45 سنة من سوق اهراس الذي يقضي عقوبة 12 سنة سجنا في قضية اختلاس، أن "إدخال التكوين والتعليم في المؤسسات العقابية يسمح للسجناء بداية الحياة من جديد" حيث تحصل على البكالوريا مرتين في العلوم الإسلامية والإنسانية بمعدلات 12.20 و14.13 واستطاع أن يحفظ 45 حزبا من القرآن في ظرف 16 شهرا وأكمله في 3 سنوات مع تعلم أحكام الترتيل، ومنذ أصبح إمام السجناء وقارىء القرآن في صلاة التراويح يؤكد لنا أن السجن علمه معنى الآية الواردة في سورة الأنعام "أوَمَن كان ميْتًا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمَن مَثَلُهُ في الظلمات ليس بخارجٍ منها"، متعهدا بتكريس حياته بعد استنفاذ العقوبة بعد أشهر لابنته التي تركها وفي عمرها شهران وهي الآن تبلغ 13 سنة كاملة!

يحلم‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬صحافيا‮.. ‬وشرطي‮ ‬يخطط‮ ‬للدكتوراه‮!‬
لم أصدق أن النزيل (ل.م.عامر) المحكوم عليه بـ 20 سنة سجنا لتورطه في قضية قتل عمدي حدثت في موطنه القالة، أنه صاحب أطيب سلوك داخل السجن، رغم ارتكابه جريمة قتل قال إنها "كابوس وقع سنوات الطيش عندما كان عمره 19 سنة، رغم ذلك ورغم توقف مستواه الدراسي في الثامنة أساسي، فقد بدأ منذ سنة 1996 في الدراسة عن طريق المراسلة لبلوغ المستوى النهائي، ليتحصل على شهادة البكالوريا مرتين، في 2004 و2005، موازاة مع حصوله على دبلومات تمهين في الكهرباء المعمارية والإعلام الآلي، الآلة الراقنة، وتخرجه من التكوين المتواصل في مجال التسويق‮ ‬قانون‮ ‬أعمال،‮ ‬وينوي‮ ‬الالتحاق‮ ‬بالجامعة‮ ‬العادية‮ ‬بعد‮ ‬فترة‮ ‬العقوبة‮
‬في‮ ‬مجال‮ ‬العلوم‮ ‬السياسية،‮ ‬وأن‮ ‬يصبح‮ ‬صحافيا‮ ‬مشهورا‮
‬بعدما‮ ‬نال‮ ‬قسطا‮ ‬في‮ ‬اللغات‮ ‬الأجنبية،‮ ‬الفرنسية‮ ‬والإنجليزية‮..‬

لا يتوقف الطموح من وراء القضبان وداخل الزنزانة عند سقف محدود، ويبدو هنا أن السجين هو أكثر الأشخاص تحريرا لخياله وأحلامه، إنه يعي معنى الحبس وفقدان الحرية، ينطبق ذلك على النزيل (خ. نبيل) من سطيف الحاصل على 6 شهادات بكالوريا داخل السجن، المحكوم عليه بـ 20 سنة سجنا نافذا في قضية قتل عندما انطلقت رصاصة طائشة من مسدسه عندما كان شرطيا فأصابت صديقته، وخلال مساره الدراسي الحافل بـ 6 شهادات بكالوريا بمعدلات أقلها 11.08 وأعلاها 14.36، تمكن من إعداد مذكرة تخرج 2005 / 2006 حول أثر العولمة على التنمية الاقتصادية في الجزائر،‮ ‬ختمت‮ ‬شهادته‮ ‬في‮ ‬الدراسات‮ ‬التطبيقية‮ ‬الجامعية‮ ‬فرع‮ ‬علاقات‮ ‬اقتصادية‮ ‬ودولية،‮ ‬نوقشت‮ ‬داخل‮ ‬السجن‮ ‬بتأطير‮
‬دكاترة‮ ‬وأساتذة‮ ‬جامعيين،‮
‬منح‮ ‬إثرها‮ ‬علامة‮ ‬تقدير‮ ‬جيد‮ ‬جدا،‮ ‬جعلته‮ ‬يخطط‮ ‬للدكتوراه‮.‬

بعد يوم كامل قضيناه مع سجناء لامبيز، حملنا هؤلاء عدة رسائل، حيث طالبوا بتخفيض العقوبة والاستفادة من الإفراج المشروط، والدعوة للجزائر بالخير، و"ضرورة تغيير المجتمع نظرته للسجين" ولم أستسغ هذه النقطة الأخيرة، بعد الذي رأيته، المطلوب أن يغير السجناء نظرتهم عنا،‮ ‬بعدما‮ ‬أثبتوا‮ ‬أن‮ ‬الزنزانة‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬حلما‮ ‬بحجم‮ ‬بلد‮.. ‬وأن‮ ‬البلد‮ ‬بلا‮ ‬حلم‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬بحجم‮ ‬زنزانة‮! ‬وأن‮ ‬السجين‮ ‬بالعلم‮ ‬والحلم‮ ‬يكون‮ ‬مدرسة،‮ ‬وأن‮ ‬المدرسة‮ ‬بلا‮ ‬حلم‮ ‬وعلم‮ ‬سجن‮ ‬كبير‮!.‬

طاهر‮ ‬حليسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سجن لمبيز: سجناء، عباقرة، مخترعون، شعراء وحفظة للقرآن داخل الزنازن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ثورة 20 فبراير ألهمت الإسلاميين ، هكذا يثور سجناء السلفية داخل السجون
» أرسلان لم ينف وجود حركة تصحيحية داخل جماعته ، سر الخلافات التي قد تقود لانشقاق داخل العدل والإحسان .
» اكتشاف السمة النسائية للقرآن
» زنزانة انفرادية قصة ثلاثة سجناء سود وأربعة عقود من السجن الانفرادي
» ليبيا تؤجل القمة بسبب موجة الاحتجاجات مقتل 3 سجناء أثناء محاولتهم الفرار من سجن في طرابلس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حلم المهرجان :: وراء القضبان-
انتقل الى: