جين نوفاك الصحافية الأمريكية الملاحقة من الحكومة اليمنية
أنصار القاعدة في اليمن هم بعض كبار المسؤولين في الوزارات والأمن والجيش
الصحافية والناشطة في حقوق الإنسان الأمريكية جين نوفاك-Jane Novak
جين نوفاك... اسم بات مقروناً باليمن، ليس باليمن الذي يعرفه من لا يعرفه، ولكن اليمن الذي يعرفه أهله بمآسيه ونكباته الاقتصادية والسياسية والانسانية والتي تعرفت عليها الكاتبة (جين نوفاك) عن بعد، من الولايات المتحدة الأميركية، موطنها، حيث سخرت هذه الكاتبة والناشطة الحقوقية والسياسية والإعلامية نفسها لليمن وقضايا اليمن المتعددة والتي لم تحول المسافة بينها وبين معرفتها بقضاياه بل تعرفت عليها عن قرب، عبر التماس حال الناس أنفسهم، سواءً بأسلوب تقليدي أو معاصر عبر التقنية الحديثة.
وعرفت "جين نوفاك" بدفاعها الشرس عن حقوق الإنسان في اليمن، وحرية الصحافة والكلمة، إلى جانب تقديمها المبادرات تلو الأخرى للخروج باليمن من أزماته السياسية المتأزمة، حيث تمتاز بقراءتها المتأنية للواقع اليمني وعدم اتباع الإعلام الواحد سواء كان إعلام السلطة أو المعارضة حيث قامت بكتابة العشرات من المقالات عن اليمن وأزماته بكل موضوعية ودقة وتعبير عن حال اليمن المعاش في عدة مواقع إلكترونية معروفة كـ World Press و Arab American News بالإضافة إلى موقعها الشهير Armies of Liberation أو "جيوش الحرية"، الشيء الأمر أدى بالتالي إلى اكتسابها تعاطف الكثير من حملة القضية الجنوبية جنوباً, وحملة قضية صعدة شمالاً, وحملة القضايا الاقتصادية والسياسية والحقوقية والاجتماعية جنوباً و شمالاً.
هاجمتك وسائل إعلام يمنية... هل أنت خائفة من زيارة اليمن؟
- الحكومة اليمنية تهددني كأنني صحافية يمنية، فقد قامت بحجب موقعي لسنوات، وقدمت شهادات كاذبة ضدي في المحاكم، وافترت علي في الصحف. نحن نعلم أن هذا يحدث للصحافيين اليمنيين، فهم يعتقلون، يختطفون، يسجنون، ويعانون من العقوبات بسبب عملهم. الحكومة اليمنية ليس لديها آداب أو حدود إنسانية فيما يتعلق بمواطنيها. السبب في استهداف الصحافيين اليمنيين هو أن الحقيقة خطرة جداً على النظام. الحكومة اليمنية تنفق الكثير لأجل الدعاية و والوقائع الكاذبة للمواطنين اليمنيين والمجتمع الدولي.
ألا ترين تناقضاً بين مفهوم "الديمقراطية" ودعم أميركا لنظام الرئيس صالح المسيطر على الحكم في اليمن منذ 1978م؟
- كل دولة تعمل استناداً إلى مصلحتها الذاتية، ودعم الولايات المتحدة لإدارة الرئيس صالح دفعتها متطلبات مكافحة الإرهاب في السنوات الحالية. فالوظيفة الأولوية للولايات المتحدة هي جعل الأميركيين يشعرون بالأمان. وفي نفس الوقت الولايات المتحدة أسست على مبادئ ديمقراطية وهي ملتزمة دستورياً بالمساواة بين الجميع. الحكومة الأميركية تقدم نظرية الحرية الفردية ومسائلة الحكومة - في حين أنها بعيدة عن الكمال في الممارسة العملية - هي صياغة لحماية وتمكين الضعفاء والأقليات وتشجيع الموهوبين وتمكين الوئام الاجتماعي والنمو الاقتصادي.
بشكل واضح، الديمقراطية اليمنية ذاهبة في الاتجاه الخاطئ، السفير كراجسكي كان محقاً في 2005م عندما قال أن التقدم نحو الديمقراطية في اليمن قد توقف. في الواقع إنها قد انعكست. تحرير الإصلاحات في اليمن انتهت عندما تهدد هذه الإصلاحات قبضة النظام الحاكم على السلطة. واعتماداً على هذا، رأينا دعاية مفصلة صممت لتبدو كأن الدولة عندها التزامات بالمثل الديمقراطية.
الجزء الذي لا يمكن فهمه هو ادعاء الولايات المتحدة بأن اليمن بلد ديمقراطي أو مهتم بالتقدم الديمقراطي. وهذا يسمح للنظام الحاكم أن يتنصل من المسؤولية عن أفعاله. اليمن بلد مليء بالفساد. حيث تتركز السلطة والمال والأرض بأيدي مقربي الرئيس صالح بشكل متزايد. وسائل الإعلام تقمع بشكل متزايد والحقوق المتساوية تصبح هدفاً بعيد المنالً كل يوم. تأخر الإصلاحات الانتخابية والموقف تجاه الانتخابات هو مثال جيد. وفي الوقت نفسه الولايات المتحدة والمانحين الغربيين يبدو أنهم يريدون أي انتخابات، سواء كانت نزيهة أم لا، لكي تضفي صورة شرعية على حزب حاكم مهيمن.
ما الفائدة التي يجنيها النظام من علاقة سرية مع القاعدة؟
- يلعب النظام اليمني ببطاقة الإرهاب بشكل جيد جداً. والعلاقة السرية مع القاعدة تجلب الكثير من الفوائد لكل من النظام والقاعدة على حد سواء. النظام اليمني يجني الدعم الدولي والتمويل من خلال استغلال تهديد الإرهاب. البعض ألمح إلى أن أجهزة المخابرات قد قامت ببعض الهجمات على نفسها لكي تولد الدعم ولتصور نفسها بأنها ضحية ولتخفف الضغط الدولي تجاه الإصلاح. هناك فائدة أخرى للدولة وهي استخدام عناصر القاعدة كمرتزقة سواء في حرب صعدة أو أخرى ضد المعارضة الداخلية من اغتيالات لقادة جنوبيين العام 1993 وإغتيال عمر جار الله. هناك أسئلة حول خطف تسعة ألمان في يونيو 2009م. الدولة تقدم فكر القاعدة نفسه من خلال إصدار الفتاوى ضد معارضتها، الشيء الذي يحد من الحقوق المتساوية والتعدد ويكرس المزيد من البنية الحاكمة.
عناصر تنظيم القاعدة يظهرون أنفسهم كمرتزقة عندما يشاركون في مؤامرات لاستهداف أعداء صالح و أيضاًُ كل البيانات التي تحسب لمجموعة متنوعة من القتلة الذين يدعمون صالح سياسياً. معظم متعصبي تنظيم القاعدة لايعلمون لصالح من يعملون وبمن يلحقون الضرر. بالرغم من أنهم يصرحون بهدفهم وهو تدمير إقتصاد الولايات المتحدة، في الواقع هم يدمرون اليمن وفي الأغلب يضرون اليمنيين ويدعون أنهم الحماة. التشابك الطويل في هذا العقد بين القاعدة والحكومة اليمنية يثبت بلا شك أن تنظيم القاعدة هو أيديولوجية زائفة. تنظيم القاعدة هم من المرتزقة العازمين على تحقيق القوة للسيطرة على المجتمع وفرض وجهة نظرهم الضيقة من خلال بيانات كاذبة وقتل أشخاص أبرياء.
إلى أي مدى تتوافق رغبة اليمن في الدعم الأميركي الذي زاد مؤخراً مع تصريحات وزير الخارجية اليمني بأن عدد عناصر القاعدة لايتجاوز 400 عنصر؟
- عدد 400 من أعضاء تنظيم القاعدة صحيح فقط إذا كنا لا نحتسب أنصار القاعدة بين الوزارات اليمنية والأمنية والتجارية والمنح والجيش والتعليم. هذه العوامل المساعدة لتنظيم القاعدة لها تأثير كبير على إنتاجية هذه المجموعة وقدرتهم على ترويع العالم بأسره. لتقليل تهديد تنظيم القاعدة من وجهة نظري - بالطريقة التي لا تعرض أي مدنيين يمنيين للخطر- هو أن يتم تطهير أنصار القاعدة هؤلاء من الحكومة بدءً ببعض من كبار المسؤولين.
كيف تفسرين انتقال اليمن من تضخيم وجود تنظيم القاعدة إلى تصغيره، خصوصاً بعد حادثة الطرود المفخخة؟
- الحكومة اليمنية تقول أي شيء تعتقد بأنه سيكسبها الدعم، حتى ولو أن تصريحات اليوم تتناقض مع تصريحات الأمس. استغرب نائب الرئيس في الآونة الأخيرة ضجة الإعلام العالمي حول الطرود الملغمة، بينما كان من الممكن أن تقتل تلك الطرود الكثير من الناس، في حين صرح مسئول آخر بأن اليمن بحاجة إلى مليارات الدولارات لمكافحة التهديد. في الوقت نفسه من المهم أن نقدر ونحمي جميع أشكال الحياة على قدم المساواة. عملية مكافحة الإرهاب التي تقتل يمنيين بريئين هي بنفس سوء مؤامرة الإرهاب التي تقتل أميركيين بريئين. لايزال هناك الآلاف من النازحين بدون غذاء بعد الاعتداءات على الحوطة في شبوة.
العديد في اليمن يؤمنون بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد تم تضخيمه، وأنه بضاعة للأمم الغربية أو السعوديين. شيء واحد واضح وهو أن طموح القاعدة في جزيرة العرب هو قتل الأميركان. أنور العولقي، ابن بلدي، شارك في مؤامرة الطائرة الأولى، مع النيجيري، والأخيرة مع طائرة النقل. فقد صرح بأن كل الأميركان ينبغي أن يقتلوا. وتعتبر القاعدة في جزيرة العرب نفسها قاضٍ مقدس لكل اليمنيين، وقال أن كل اليمنيين الذين يقتلون يستحقون ذلك، سواء كان سائقاً فقيراً أو امرأة تمشي. بهذه التصريحات الحمقاء، العولقي مع بقية الـ 40 أو الـ 400 يوجهون الكوارث إلى الشعب اليمني. من العنف الإرهابي وطائرات بدون طيار إلى مخاوف من تدخل عسكري وغارات هذه من جانب قوات مكافحة الإرهاب اليمنية التي لا تذهب بالقرب من مكان الإرهابين ولكنها تذهب إلى المعارضة. القاعدة تستغل الشعب اليمني بوحشية مثلما يفعل نظام صالح. والشعب نفسه هو من يدفع ثمن طموحات القاعدة.
في رأيك، هل هناك احتمالية لتدخل عسكري في اليمن، حسبما صرح به رئيس هيئة الأركان البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز؟
- لا، أعتقد أن أي محلل عاقل سوف يتنبأ بالنتائج الكارثية التي ستكون حصيلة تدخل عسكري في اليمن. إنه بالضبط هدف القاعدة أن تجلب الولايات المتحدة إلى اليمن. وزير الدفاع الأميركي صرح بأنه لن تكون هناك حرب في اليمن، ولذلك هم يعملون مع الجيش والأمن اليمنيين. وبعد ذلك، بالطبع، الولايات المتحدة معاقة بسبب افتقارها للمعلومات الصحيحة من الجانب اليمني.
هل تعتقدين بإمكانية رفع قضايا في محاكم دولية، حول استخدام أسلحة غير تقليدية خلال الحروب المتقطعة مع المتمردين الشيعة في شمال اليمن، ضد الرئيس صالح؟
- هناك أدلة ظرفية أن الجيش اليمني تحت قيادة العميد علي محسن الأحمر قد استخدم أسلحة كيماوية محظورة خلال الجولات السابقة من حرب صعد, قد يكون هناك دليل مادي أيضاً. ولكن حتى الآن ، هناك دليل ضعيف ورغبة ضعيفة من جانب المجتمع الدولي لتعقب هذه الاتهامات.
وعلاوة على ذلك ، هناك العديد من حالات جرائم الحرب العلنية في اليمن القصف العشوائي في حروب صعدة فضلاً عن قطع المساعدات للمدنيين، فهي على حد سواء تنتهك القانون الدولي. إنها الآن مفتوحة تماماً وموثقة بشكل جيد من قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية، وحتى الآن يركز المجتمع الدولي على المضي قدماً مع الرئيس صالح. الكونجرس ووزارة الخارجية الأميركيان يشعران بالقلق حول تحويل المساعدات العسكرية الأميركية لصراعات داخلية، حيث قوانين الحرب اخترقت. غيرها من الانتهاكات للقانون الدولي تتضمن تكتيكات عنيفة ضد المتظاهرين بما في ذلك إطلاق النار على المحتجين جنوبيين من ضمنهم أشخاص عزل. إذا كان المجتمع الدولي يغض النظر عن أعمال العنف والعقاب الجماعي الصارخة، أعتقد أنه أبداً لن يحقق في موضوع الأسلحة الكيماوية.
هل تلعب أحزاب المعارضة اليمنية في شمال اليمن دوراً إيجابياً في الحياة السياسية؟
- أحزاب المعارضة تلعب دوراً إيجابياً حيث أن اللقاء المشترك يطرح القضايا ويفتح الحوار. هم يحاولون أن يحملوا الحكومة المسؤولية. ويواجهون ثمناً مريعاً بسبب ذلك. الكثيرون في المعارضة مسجونون ومهددون، يضربون ويختطفون.
لكن في المقابل أحزاب اللقاء المشترك لاتستطيع أن تزيد من تأثيرها بسبب عدم قدرتها على إصدار البيانات باللغة الإنكليزية على وجه السرعة إلى وسائل الإعلام الغربية. أنا لا أعرف إذا كانت هي مسألة الخلافات بين القيادة وبالنسبة لمضمون النشرات الصحفية، أو إذا كان فشل إداري في تعيين مترجم إلى اللغة الإنجليزية والتواصل الصحفي لأحزاب اللقاء المشترك. ولكنني أعرف أنها يمكن أن تكون صوتاً قوياً أكثر من ذلك بكثير إذا ما قامت بأي محاولة للارتباط بالعالم الناطق بالانكليزية.
علاوة على ذلك أحزاب اللقاء المشترك لديها نفس العقلية النخبوية التي ينتقدونها. الشخصيات القيادية لازالوا قيادات سياسية لعقود. هناك القليل من المدخلات من أعضاء الحزب. اللقاء المشترك يأمر الأعضاء، وليس العكس. اللقاء المشترك يحرك قاعدته في شكل احتجاجات فقط كتكتيك مؤقت للضغط على المؤتمر الشعبي العام وعادة مايكون في خضم صفقة غرفة خلفية. بينما النظام الانتخابي مرجح لصالح الحزب الحاكم بشدة، ليس هنالك شيء يمنع المعارضة من صياغة ممارسات ديمقراطية داخلياً من خلال احترام حدود الأجل، إظهار الشفافية المالية ، وخلق طرق عادلة للقيادة.
ماهي نصيحتك لإقامة انتخابات برلمانية شفافة في اليمن؟ وماذا تقولين للجنوبيين الذين يعتزمون مقاطعتها؟
- اليمنيون الجنوبيون يمتلكون الحق للمقاطعة. بعض الجنوبيين يرفضون الانتخابات على أساس أنها تحدث في بلد آخر. الجنوبيون هم مثل الشماليين، أيضاً لهم الحق في انتخابات نزيهة. الكثيرون كانوا مفعمين بالأمل بأن انتخابات 2006 الرئاسية ربما تجلب التغيير، أو على الأقل درجة أكبر من التفويض الشعبي. الكثيرون خاب أملهم عندما تم التلاعب بالأصوات بعد مغادرة المراقبين، عندما بدأ النظام يستهدف العاملين في مراكز الاقتراع ونشطاء المعارضة بسبب مشاركتهم في العملية الديمقراطية.
هناك آليات واضحة من شأنها أن تمكن من انتخابات أكثر شفافية. وحددت الكثير من هذه المشاريع من قبل مراقبي الانتخابات في الاتحاد الأوروبي، وهي شكلت أساساً للاتفاق بعد انتخابات عام 2006. قضية واحدة صغيرة هي أين يمكن للمصوت أن يضع صوته. حالياَ يمكن للناخبين التصويت في اختيار إما عنوان المنزل أو عنوان عملهم، الأمر الذي يعني أن الجنود الــ30000 الذين تم نقلهم إلى عدن وأبين لدورة كأس الخليج 20 سيحق لهم التصويت في تلك المحافظات. عقبة أخرى أمام إقامة انتخابات نزيهة هي الخلط بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة. لوبيات الدولة لحزب المؤتمر ولوبيات حزب المؤتمر للدولة تعمل على مدار السنة. حتى أحزاب اللقاء المشترك عندها عائق. معظم الناس على الأرجح صوتوا لصالح الرئيس، ولكن السيد بن شملان كان يجب عليه التنافس ضد الفتاوى وإخافة الناس والترويج وترهيب الناخبين والرشوة.
الحزب الحاكم والدولة يحبطان أي محاولة مشاركة بالسلطة – كلاهما من أحزاب قادة المعارضة والحركات ومع الناس أنفسهم. الرئيس يختار الفائزين ثم تعقد الانتخابات، مثلما حدث في انتخابات المحافظين في العام 2008م. النتائج كانت مقلوبة في محافظتين، حيث لم ينجح مرشحي المؤتمر.
السبيل لحزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك من أجل ضمان انتخابات شفافة هو من خلال نزاهة اللجنة العليا للانتخابات. التي أعلن الرئيس صالح أنها سوف تتشكل من القضاةة. ولكن حتى القضاة هم عرضة للتهديدات لأسرهم, وغيرها من وسائل التأثير على قراراتهم. ويمكننا القول بطريقة مازحة أن قضاة اللجنة العليا للانتخابات ينبغي أن يتاح لهم اللجوء السياسي بعد الانتخابات، أو اختيار أولئك الذين لديهم أمراض عضال الذين لا يهابون الموت. ولكن المفتاح لهذه العملية هو عدم تسييس عملية صنع القرار وحماية صانعي القرار من أي ضرر أو عواقب.
ماهو سبب الصمت الدولي تجاه قمع الجيش اليمني للحركة الشعبية في الجنوب؟
- هناك الكثير من جرائم الحرب والفظائع التي ترتكب في اليمن والتي يتم التغاضي عنها. المليشيات الإيرانية قتلت ندى آغا سلطان خلال احتجاجات في إيران والعالم كله أصبح يعرف اسمها. لكن لا أحد خارج اليمن يعرف وضاح حسين علي أو أحمد درويش أو شافيز ذو العامين. هناك عوامل خارجية وداخلية لها دور في الصمت العالمي على القضايا والفظائع التي تحدث في الجنوب.
حتى أنني لست متأكدة من أن السفارات تعلم بمدى حجم ما يحدث، فقد كنت قلقة جداً لقراءة تسريبات الويكيليكس التي تحدثت أن الجنرال بترايوس والسفير سيتش اعتقدوا في يناير 2010 أن "ثلاثة مدنيين فقط" هم من قتلوا في الغارات الجوية في ديسمبر 2009. يحسب للرئيس صالح أنه حاول أن يشرح أن العديدين قتلوا، لكن الجنرال بترايوس والسفير سيتش اعتقدوا أن الرئيس صالح كان ببدلته الرسمية ولا يدري بما حوله. كما نعرف، الرئيس صالح كان يقول الحقيقة وهم كانوا مخطئين.
سبب آخر وهو نقص الفهم والتغطية الإعلامية العالمية، بالإضافة إلى حاجز اللغة، أنا أشيد بوكالة أنباء عدن التي تمتلك صفحة ناطقة باللغة الإنجليزية. لا أحد من القادة الجنوبيين عندهم مترجم، فليس مهماً للإعلام الغربي مايقوله السيد البيض ما لم يقله باللغة الإنجليزية. وأغلب ما يسمعه ويعرفه العالم المتحدث باللغة الإنجليزية عن اليمن يأتي من النظام وهذا جزء من منطق رقابتهم، فهم من جانب آخر يحظرون المواقع ويعتقلون الصحافيين. ينتقل العالم الحديث إلى تويتر وفيسبوك. فيمكن لأشرطة الفيديو وصور الهاتف المحمول أن تحل محل طاقم أخبار دولي إذا عممت على نطاق واسع. أنا أقدّر أن الكهرباء في اليمن سيئة والانترنت أسوأ، وأن هناك بعض ضباط الاستخبارات في مقاهي الانترنت والبعض قد يشعرون بالإحراج في حال أن لغتهم الإنجليزية ليست جيدة، لكن الحقيقة مهمة.
العالم هو مكان نشط جداً، ومليء بالجياع والحكومات الفاسدة التي لديها أناس أبرياء في السجون. الناس يحتاجون إلى سبب لكي يهتموا وطريقة للتواصل فكرياً، حتى رفع شعارات باللغة الإنجليزية أثناء الاحتجاجات ربما يساعد في الوصول إلى جمهور أوسع. هناك نقص في التفاهم الثقافي ومحاباة غير متعقلة من كلا الجانبين والتي ينبغي التغلب عليها. اليمن بلد مميز ومن المهم أن نظهر وجه اليمن الحقيقي للعالم.
هل مصالح المجتمع الدولي مع الحكومة المركزية في صنعاء تحول دون دعم علني للحركة الشعبية في الجنوب؟
- نعم، لا أعتقد أن الدول الغربية تستطيع إيجاد رئيس عملي بديل للرئيس صالح. فالدعم الغربي أو حتى الاعتراف بالقضية الجنوبية سوف يعرض تعاون النظام اليمني معهم للخطر. الحجة القانونية بموجب القانون الدولي بأن الجنوب محتل بعد الحرب الأهلية عام 1994م ليس لها وزن في الأمم المتحدة التي تدار بأغلبية من الديكتاتوريين، وحتى جمهورية أرض الصومال المستقلة منذ 20 سنة لم تحظَ باعتراف دولي.
البعض من قادة الحراك يقولون أن هدف الحراك الجنوبي هو الاستقلال، لكنهم لا يمارسون الديمقراطية أو يبدون القدرة على الحكم على أساس الآلية التي تحدد إرادة الشعب. هناك العديد من الهيئات التي كان من المستطاع أن تأتي إلى طاولة الحوار على أساس التساوي. لكن كما هو الحال في بقية اليمن، وكذلك في بنغلاديش، الشخصيات التاريخية عالقة في المنافسات والعادات القديمة. أنا أرغب بسماع المزيد من القادة الشباب الذين حتى لم يكونوا موجودين في الستينات، فكلمة أبطال فعلاً قليلة بحقهم، السؤال للجنوبيين هو: هل هم حقاً يريدون ترك المحسوبية وتقاليد النخبوية لإرساء قاعدة تكافؤ الفرص والحماية المتساوية والحقوق المتساوية؟ إنه تحدٍّ، ولكنه أساس الديمقراطية.
كيف يمكن لليمن أن تتجاوز المشاكل الحالية وتخطو خطوة نحو مستقبل أفضل؟
- في هذه السنوا ت الأخيرة قدمت اقتراحات، ليست كحلول، لكن كإضافة للأفكار. بعض هذه الاقتراحات كانت إقالة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وسن الفيدرالية وتحويل النظام إلى نظام برلماني وإعادة تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق ودفع لكل مواطن مبالغ متساوية من عائدات النفط، وإقامة حكومة انتقالية من التكنوقراطية اليمنية، والمحاسبة العامة من حكومة الجمهورية اليمنية، هي الطريقة الأسرع لمعالجة الأوضاع في اليمن شرط أن يصاحبها إعلام حر.
في رأيي معظم الشكاوى العامة والاختلالات الهيكلية ناجمة عن هيمنة العائلة الحاكمة. فالنظام هو مزيج من مزايا غير عادلة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يقوم على نكران الحقوق المتساوية. الحل لابد أن يتضمن ميكانيكية تخلق المساواة في ظل نظام يتعهد السلطة في مؤسسات بيروقراطية محايدة ومسئولين محدودي الأجل يخضعون للمحاسبة. الأزمات في اليمن يتعين معالجتها وحلها على وجه السرعة، في المدى الطويل، والحوار بين النخبة هو فقط "نخبوية" أكثر.