من الوثائق السرية لقادة تل أبيب

رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي دافيد إلعازار يؤكد أن وضع إسرائيل في الحرب سيكون أفضل إذا ما أصبح وضع السوريين صعبًا.


ميدل ايست أونلاين


كتب ـ عبدالسلام فاروق




سيناريو يوم القيامة




يضم كتاب "سيناريو يوم القيامة – محاضر الحكومة الإسرائيلية عن حرب 1973" ترجمة عربية كاملة لثمانية محاضر من أرشيف الدولة الإسرائيلية أجازت الرقابة العسكرية، في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول2010، نشرها على الملأ.

وتتضمن المحاضر ـ التي نشرت على مدار العدد 53 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" ـ توثيقًا لجلسات المداولات التي عقدتها رئيسة الحكومة الإسرائيلية الأسبق جولدا مائير خلال الأيام الأربعة الأولى من "حرب يوم الغفران" (حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973)، وقد ترجمها عن العبرية سعيد عيّاش وقدّم لها أنطوان شلحت.

وتتيح هذه المحاضر الصادرة عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، إمكان القيام بإطلالة من مصدر أول على الاستعدادات العسكرية والدبلوماسية للحكومة الإسرائيلية عشية تلك الحرب.

وبموجب تلك المحاضر فإن وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت موشيه دايان اقترح القيام بشن هجمات شرسة على مواقع في عمق الأراضي السورية وخصوصًا في قلب العاصمة دمشق وحولها، بصورة غير مسبوقة، حتى لو كلّف الأمر التعرّض لحياة السكان المدنيين وتعريض مدينة تل أبيب إلى هجمات مضادة، وذلك بهدف إخراج سوريا من الحرب.

وأكد رئيس هيئة الأركان العامة دافيد إلعازار أن وضع إسرائيل في الحرب سيكون أفضل إذا ما أصبح وضع السوريين صعبًا، وأن مهاجمة دمشق ستكون حيوية لكسر شوكة سوريا، أمّا مائير فإنها أبدت اهتمامًا كبيرًا باقتراح دايان بشكل يوحي بأنها كانت ميالة إلى قبوله. كما أنها تكشف أن القيادة الإسرائيلية كانت مستخفة إلى درجة كبيرة بالقدرة العسكرية الموجودة لدى الجيوش العربية، وأن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت إيلي زاعيـرا ظل حتى صبيحة يوم الغفران (أي قبل اندلاع الحرب ببضع ساعات) يقدّر بأن الرئيس الراحل أنور السادات لن يتجرأ على شنّ حرب على إسرائيل.








حرب 73 حطمت أسطورة الجيس الذي لا يقهر



لا شك في أن التفصيلات التي تتضمنها هذه المحاضر مهمة للغاية، غير أن ما لا يقل أهمية عنها هو أنها تشف عن الأفكار السائدة التي كانت معششة في رؤوس القادة الإسرائيليين في ذلك الوقت وانعكست ببريق أخّاذ في معظم أقوالهم وتقويماتهم.

ويبقى في طليعة ذلك الفكرة المخاتلة التي تقول "إن اليهود منتصرون دائمًا" وإن "العرب لن يغيّروا عقليتهم المهزومة"، وقد انعكست على نحو سافر في "اعتراف" دايان الذي جاء فيه بالحرف ما يلي: "لم أقدر كفاية قوة العدو، ووزنه القتالي، وقد بالغت في تقدير قواتنا وقدرتها على الصمود. العرب يقاتلون بشكل أفضل كثيرًا من السابق".

وسرعان ما رسم "سيناريو يوم القيامة" بقوله إن "العرب لن يوقفوا الحرب، إذا أوقفوها ووافقوا على وقف إطلاق نار، فإنهم قد يفتحون النار مجددًا، الحرب هي إذن على أرض إسرائيل. لقد وصلوا معنا إلى حرب على أرض إسرائيل. إذا انسحبنا من هضبة الجولان، فإن هذا لن يحلّ شيئًا".

وردّت مائير "هذه هي الجولة الثانية منذ 1948"، وأضافت "لا يوجد أي سبب يمنعهم من الاستمرار، وليس الآن فقط. لقد تذوقوا طعم الدم"، فأكد دايان "يريدون احتلال إسرائيل، والقضاء على اليهود"!

المهم أن حرب أكتوبر/تشرين الأول 73 تعتبر من أخطر الحروب التي خاضتها إسرائيل، سواء من حيث وقائعها أو إسقاطاتها، ذلك بأنها حطمت أسطورة "الجيش الذي لا يٌقهر"، وجعلت المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل تواجهان واقع استحالة الركون إلى القوة العسكرية طوال الوقت، ولو أنهما لم تستخلصا العبر المطلوبة من هذا الواقع حتى الآن.