امتعاض إسرائيلي من تشكيلة الحكومة المصرية
تل أبيب: شرف يعادينا وتعيينه للعربي خطوة ضد السامية
حسن مواسي
أثار اختيار المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر الدكتور عصام شرف رئيسا للوزراء، بعد استقالة الفريق احمد شفيق أخر رئيس وزراء مصري في عهد الرئيس المصري المخلوع، سخط وامتعاض اسرائيل. وتسابقت وسائل الإعلام الإسرائيلية فيما بينها في تقدير تداعيات تشكيل الدكتور شرف الحكومة الجديدة في مصر.
أدت حكومة رئيس الوزراء المصري الجديد عصام شرف أمس الاثنين اليمين الدستورية أمام المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وفور إعلان تكليف شرف بتشكيل الحكومة قامت اسرائيل بشن هجوم على رئيس الوزراء المصري الجديد، معتبره إياه انه خطر حقيقي عليها.
فقد اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة وتابعت تداعيات تعين شرف لمنصب رئيس الوزراء في مصر ما بعد مبارك، مشيرة في ذات الوقت إلى المواقف التي يحملها شرف ضد اسرائيل، وتحديدا موقفه من التطبيع مع اسرائيل.
قلق إسرائيلي كبير
ومن متابعة ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية حول ما يجري في مصر، يتضح ان ثمة قلق كبير يساور القادة الإسرائيليين من جراء تشكيل شرف للحكومة المصرية الجديدة، وفي هذا السياق ذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية إن شرف معروف بعدائه لإسرائيل والتطبيع معها، وصوله لكرسي رئاسة الحكومة يشكل كارثة حقيقية وقوية لإسرائيل لن يكون من السهل تجاوزها. معبره عن تخوف إسرائيلي حقيقي من استمرار وقف ضخ الغاز إلى إسرائيل وتأثير ذلك على عمل محطات الكهرباء الإسرائيلية التي تعتمد في 80 بالمائة من طاقاتها على الغاز المصري، والتي توقفت بسبب هجوم آخر على الخطوط من قبل مسلحين.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات أدلى بها شرف للإعلام المصري مؤخرا دعا فيها إلى ضرورة إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي قبل تطوير العلاقات القائمة بين اسرائيل ومصر.
فيما رأت إذاعة الجيش الإسرائيلي "جالي تساهل" ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم عين رئيس وزراء معادي لإسرائيل، وان شرف معروف بمعارضته الشديدة للتطبيع مع اسرائيل، مع العلم انه لم يعرف حتى الآن متى ستجري الانتخابات لرئاسة الجمهورية ولمجلس الشعب المصري الجديد.
فيما كانت صحيفة "يديعوت احرنوت" قد نشرت تقريرا بعنوان :" اعرضوا السلام على 80 مليون مصري"، دعت فيه الحكومة الإسرائيلية توجيه دعوة سلام فورا لشعب المصري، مشيرة إلى تخوفها من استلام شرف رئاسة الحكومة المصرية.
وأضافت تقول:" اليوم يمر الشرق الأوسط مرحلة تاريخية، ونرى كيف يتغير الموقف في دول الجوار أمامنا، وثمة اعتقاد في اسرائيل أن الأسوأ لم يأت بعد وعلينا أن نستعد له، وما على الحكومة الإسرائيلية هو استغلال الفرصة الآن، والقيام بسلسلة خطوات تبرهن لحكام مصر الجدد ان اسرائيل مهتمة وباحثة عن سلام حقيقي، لأجل أولادنا ومستقبلهم".
محلل الشؤون العربية في "هآرتس" تسفي برئيل كتب مقالا بعنوان "الانتقال من ميدان التحرير لكرسي رئاسة الحكومة" أشار فيه إلى إن رئيس الوزراء المصري الجديد د.عصام شرف الحاصل على شهادة الدكتوراه في هندسة الطرق شغل منصب وزير للنقل في حكومة أحمد نظيف عام 2004 لكنه أقيل من منصبه بعد 18 دون أن توضيح ما هو السبب وراء إقالته، وأن شرف كان معارضا لسياسة الخصخصة التي اتبعها نجل الرئيس المخلوع جمال مبارك، بعد ان كان يخطط لإقامة شبكة طرق تربط أنحاء مصر ببعضها البعض وتساعد مواطني الضواحي للوصول إلى المدن المركزية مما يقلل أيضا من حوادث الطرق التي تسقط حوالي 12 ألف ضحية سنويا، وقد رفضت قيادات الحزب الوطني آنذاك خطته، وبعد ان أقيل عاد إلى الأكاديمية كمهندس وحين اندلعت الثورة الشعبية المصرية والمظاهرات في ميدان التحرير انضم إليها وطالب رحيل النظام .
رسالة هامة لإسرائيل
التلفزيون الإسرائيلي الرسمي اعتبر قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية تكليف الدكتور عصام شرف تشكيل حكومة جديدة هو رسالة مهمة يريدون إيصالها لإسرائيل، على اسرائيل عدم الاستهانة والتنكر لها، مفادها على قدرة ثورة شباب ميدان التحرير على فرض أجندتهم للتغيير، وفرض إرادتهم على السلطات في القاهرة.
وأشار تقرير بثه التلفزيون الإسرائيلي الجمعة نقلا عن مسؤولين إسرائيليين ان تكليف شرف بتأليف الحكومة المصرية الانتقالية يشكل ضربة سياسة قاسية لإسرائيل، وخصوصا ان شرف من معارضي التطبيع مع اسرائيل. وبين ان العلاقات الإسرائيلية-المصرية تمر الآن بمرحلة دقيقة وأمام مفترق طرق مع استمرار ضبابية الموقف المصري، وعدم معرفة اسرائيل للخطوات السياسية التي سيقوم بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم. علما ان المهم الآن في الأمر معرفة مواقف الشباب المصري الذي أحدث التغيير من السلام بين اسرائيل ومصر، وبالنسبة أيضا لدول أخرى في المنطقة.
هجوم على حكومة شرف
وسائل الإعلام الإسرائيلية هاجمت اليوم الثلاثاء التشكيل الحكومي الذي يرأسه رئيس الوزراء المصري الجديد عصام شرف مؤكدة ان شرف والسفير نبيل العربي وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية، أعداء لإسرائيل وأنهما معاديان للسامية، وذلك ضمن متابعتهما لتغطية التطورات الحاصلة في مصر.
وقالت صحف "ذي ماركو" الاقتصادية و"يديعوت احرنوت" و"معاريف" أن شرف معروف بمواقفه المعادية لإسرائيل وسياساتها للشعب الفلسطيني، ويصر على معاداته للسامية وكذلك وزير خارجيته نبيل العربي، مشيرة إلى الخطر الذي يمثله تولي شرف رئاسة الوزراء في مصر ويضر بمصالحها.
القناتين السابعة والعاشرة من التلفزيون الإسرائيلي أوضحت أن شرف يتبنى مواقف رافضة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بسبب الممارسات الناتجة عن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، ولأسباب أخرى لن يفصح عنها، ووصفته بأنه الرجل "الثوري" الذي جاء بإرادة الشعب المصري ونال شرعيته منه، وانه اختيار دبلوماسي مخضرم معروف عنه كراهيته الشديدة لإسرائيل وسياساتها، اتضح ذلك من خلال إدانته ورفضه الشديد للجدار العازل التي شيدته إسرائيل، حين وصفه العربي بأنه "جدار عنصري"، إلى جانب هجومه الشديد على ممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، ونعته سياسات وممارسات اسرائيل بـ "الجرائم التي يجب أن تعاقب عليه"، وأخيراً مطالبته بمقاضاة إسرائيل وقادتها بتهمة قتل الشعب الفلسطيني.
واعترفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بحجم المخاوف الكبيرة، وإن إسرائيل تنتظر من شرف وحكومته خلال الفترة المقبلة، تقييد أو وقف تعزيز التعاون الاقتصادي والاتفاقات التجارية بين مصر وإسرائيل، وأكثر هذه المخاوف ستتحقق لو استجاب شرف لمطالب الشعب المصري بوقف الغاز المصدر إلى إسرائيل أو يعيد النظر في سعر تصديره لإسرائيل.