مواطنون يسقطون في 'فخاخ' ممتهني التسول
الرحمانية, المغربية
في حديثهم عن التسول، يرى أساتذة باحثون في علم الاجتماع أن الفقر والحاجة تضطر العديدين إلى استجداء المواطنين للحصول على "الصدقة".
وأبرزوا، في حديثهم لـ"المغربية"، أن الطرق السهلة وغير المكلفة لتوفير المتطلبات، تكون في الغالب هي الطاغية، لدى منعدي الضمير، ويفضلون، بالتالي، ركوب هذه الطرق بإبداع أساليب حديثة ومتنوعة لاستمالة عطف وأريحية الناس.
هكذا أصبح التسول، يقول عبد الله مشرف، أستاذ باحث، مهنة قائمة الذات لدى الكثيرين، تستخدم فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، بهدف التأثير النفسي على المواطنين وجعلهم يسقطون في فخاخ ممتهني التسول، إلى درجة أن هناك حكايات وطرائف وأحاديث مسهبة عن حالات لمتسولين يحبكون مشاهد لمسرحيات درامية يشخصونها بإتقان.
وقال مشرف إن هذه المشاهد تعرض يوميا في الحافلات والطرقات والممرات، وفي المساجد والمقاهي ومحطات ركوب المسافرين، وكل منا، بلا شك، يحتفظ في مخيلته بصور مؤثرة لمسافر "تقطع به الحبل"، لا يجد ثمن تذكرة سفر للعودة إلى بلده، ومنكوب انتشلت محفظته ومشاهد لمن يتصنع البلاهة والجنون، ومن يقوم بتجبيس يده أو رجله، أو من يضع ضماضة عليها "الدواء الأحمر على عينيه، كما هناك نوع من التسول عبر توسل المارة لشراء بضاعة، وما إلى ذلك من حالات يصعب التأكد من صدق أو بطلان ادعاءاتها.
وفي غياب تدابير وإجراءات ردعية لمواجهة هذه الحالات الشاذة والمؤذية، تبرز العديد من الفعاليات الحقوقية والجمعوية، ممن استقت "المغربية" آراءها، تحول التسول لينتج ظواهر إجرامية خطيرة، من صناعته للنصب والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل، متسائلين، في السياق ذاته، حول من يحق له أن يحظى بـ "الصدقة" ومن لا يستحقها؟ بالرغم من أن النية هي القيمة المعنوية لها، مع العلم أن المحتاجين في الأصل من الصعب أن يمدوا أيديهم إلى الغير، فالعديد منهم تحسبهم أغنياء من التعفف لصعوبة المتاجرة بوجوههم وحيائهم.
نحاول، من خلال هذه الورقة، مقاربة هذه الظاهرة مع شباب من المجتمع المغربي وكيف ينظرون إلى التسول، وبهذا الخصوص، أكد لنا سعيد، طالب جامعي، على أنه أصبح من الصعب التمييز بين من هو المتسول المحتاج والمتسول النصاب، إضافة إلى أن دهاء هؤلاء المتسولين في اختيار المناسبات السانحة، وفي إبداع طرق جديدة، وحكايات مثيرة لامتلاك قلوب المارة.
واعتبر محدثنا أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، التي نعيشها، هي التي ساهمت في تفشي الظاهرة، وتحولها إلى عملية انتقام من المجتمع.
بدوره، أبرز خالد، مستخدم، أن بعض الأماكن في مدننا تحولت إلى أصول تجارية، لدى ممتهني التسول، الشيء الذي يؤكد، حسب محدثنا، أن هناك "لوبيات" حقيقية متحكمة في هذا السوق، التي تبتز فيه الأحاسيس والعواطف، وتبتكر فيه أساليب عدة للوصول إلى جيوب المواطنين .
وأكدت نادية، ناشطة حقوقية، على أن عدم وجود شرطة متخصصة لمتابعة ومواجهة الظاهرة، ومواكبة تحركاتها ميدانيا، سهل من مأمورية العديد من ممتهني هذه الحرفة على استغلال الأطفال المتخلى عنهم أو المخطوفين وذوي العاهات، للرفع من مردودهم المالي.
إلى ذلك، يرى العديد من الشباب أن الاصطبار على التسول يتحول إلى مرض نفسي، لا يجد ممتهنه بدا من التعاطي له، حتى ولو أصبح ميسورا، بل هناك حالات، يقول محدثونا، لمتسولين ساقتهم الصدفة إلى التسول ولم يستطيعوا الانسلاخ عنه، لما وجدوا فيه من أريحية، ومورد مالي دون أدنى تعب.