حسن الخباز
فصل المقال فيما بين الشهيد والمنتحر من انفصال
انتشرت مؤخرا ظاهرة خطيرة وسط العالم العربي ، ويتعلق الأمر بالانتحار حرقا ضدا على الأوضاع السائدة في بلدان لغة الضاد ، فكل من يئس من" رحمة " العباد يرى أن الحل الأنسب لمشكله ، إضرام النار في جسده ، ومن تم الخلاص من هذا العذاب الدنيوي ، ناسيا أو متناسيا أن ما ينتظره –بفعله هذا- عند الله أشد وأقسى.
فالمنتحر مخلد في نار جهنم والعياذ بالله ، ولا تصلى عليه صلاة الجنازة ، ولا يرافق جنازته أحد من المسلمين لأنه آيس من رحمة الله ، ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون ، فقد حرم الله قتل النفس ، وفي ذلك يقول الباري "ولا تقتلوا أنفسكم ، إن الله كان بكم رحيما"
الإعلام العربي قدس المنتحر التونسي البوعزيزي ، واعتبره بطلا ،لدرجة أن بعض الخليجيين الأثرياء اللي ما لقاو مايديرو بالفلوس ، حاولوا بكل الطرق شراء عربة البوعزيزي ، على اعتبار أنه بطل ، ويجب الاحتفاظ بعربته .
نفس الأمر بالنسبة لرشيد نيني أشهر كاتب عمود بالمغرب ، حيث ذكر في عموده أن هؤلاء الأثرياء يريدون شراء وسيلة البطولة ، لكونهم يفتقدون للبطولة ، و وصف البوعزيزي وأمثاله بالشهداء ، والحقيقة أنهم بعيدين عن الشهادة بعد السماء عن الأرض . فشتان ما بين الشهيد والمنتحر ، فالأول يدفن دون كفن ، لأنه حي يرزق ، حيث قال الباري عز و جل "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء ، عند ربهم يرزقون " .
والمنتحر كذلك لا يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا تقام له جنازة ، لأنه آيس من روح الله ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، لذلك فهو مخلد في نار جهنم والعياذ بالله ، ويقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام : "من قتل نفسه بشيء ، عذب به يوم القيامة ".
لقد صار أخوف ما يخافه الحكام العرب ، حالات حرق النفس ، فترى أنظمتهم تكذب ، أي حالة مستجدة في هذا الباب ، ويختلقون لها الأعذار تلو الأعذار ، كتلفيق الجنون أو المرض النفس لمرتكب هذا الذنب ، محاولين استغفال شعوبهم ، وتوهيمهم أن لا علاقة لهذا الفعل بالسياسة .
لقد صار حرق النفس رهين ببداية ثورة ضد النظام ، لذلك تحرص كل الأنظمة العربية على إرضاء شعوبها ، كلهم ولاو كيديرو زوين معا شعبهم ، سبحاااان الله شحال ولاو ضريفين . كون غير يبقاو هاكا ديما.
كنا من قبل نعيش حالات حريك جماعية تجاه الطاليان ، لكن تغير الوضع وتبدل من الحريك للطاليان ، إلى حريك الأبدان ، فالشعوب فقدت كل أمل ، لذلك وجدت هذه الظاهرة المجال خصبا للأنتشار ، انتشار النار في الهشيم ، فالضغط يولد الإنفجار .
إن المعيشة بالعالم العربي صارت شبه مستحيلة ، فالأوضاع كارثية بامتياز ، لا عمل ، لا سكن ، لا صحة ، لا تعليم حقيقي ، لا حقوق ، كل هذه العوامل أفقدت المواطن العربي كل أمل في مستقبله ، فطفق يبحث عن البديل ، وحين لم يجد ، بدأ يفكر في وضع حد لحياته ، ظنا منه أنه الحل الأمثل ، وأنه بهذا سيرتاح ،ناسيا أو بالأحرى متناسيا أنه بفعله هذا يكون قد ارتكب جرما ، وأي جرم ، في حق نفسه من جهة وفي حق عائلته من جهة أخرى.
حسن الخباز