فصل المقال فيما بين الشيشة و لمشيشة من اتصال
انتقلت في السنوات الأخيرة عدوى الشيشة من دول الشرق إلى المغرب ، وبدأت الظاهرة خجولة ، حيث كانت مجرد حالات نادرة ، ولا تخرج للعلن ، لكن في السنوات القليلة الماضية ، صارت على عينيك يا بن عدي ، بعدما لاقت ترحيبا من بعض المسؤولين الفاسدين الذي يتقاضون أجورا شهرية مقابل التغاضي عن الظاهرة.
لذلك انتشرت مقاهي الشيشة في أغلب المدن المغربية بشكل عام ، وبين محور الرباط الدار البيضاء على وجه الخصوص ، وقد تصدى لهذه الآفة أناس شرفاء ، نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر عاملة عين الشق ،فوزية إيمنصار ، وعامل مقاطعات ابن امسيك ، بعدما كثرت الشكايات بشأنها .
انتشار الظاهرة أفرز ظاهرة لا تقل خطورة عنها ، ونخص بالذكر استغلال القاصرات ، حيث أن الكثير من مقاهي الشيشة باتت تؤثت فضاءاتها بفتيات في عمر الزهور ، بهدف مضاعفة عدد الزبناء الوافدين ، وهو ما حقق هدفه ، فصار شباب اليوم في أغلبه ،مدمن شيشة .
إن الخطير في الأمر أن مقاهي الشيشية هذه ، ساهمت بشكل كبير في الانحلال الخلقي الذي صار يعيش على إيقاعه المغرب ، وبات مألوفا رؤية شاب رفقة كتكوتة لا يتجاوز عمرها ثلاثة عشر سنة ، وجدت في مقاهي الشيشة ملادها و استغنت بها عن المدرسة . كيف لا يحدث ذلك وقد تفرخت هذه المقاهي لدرجة أن أكثرها وجدت المجال خصيبا قرب الثانويات فجاورتها ، لتستقطب زبناءها من هذه الفضاءات العلمية المقدسة . دون الإكتراث لخطورتها .
فالشيشة تهدد حياة جيل قادم بأكمله ، بحيث أن جل رجال الغد صار همهم الشاغل تكييف المزاج عبر التخدير بشتى الوسائل ، و بشكل خاص الشيشة ، وقد أظهرت دراسات عديدة أن الشيشة أخطر بكثير من التدخين .
وقد بينت الأبحاث ان تدخين النرجيلة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الشفاه والفم والمسالك البولية وهناك ظاهرة أمراض الجلد، ومنها ما يطلق عليه اكزيما مدخني النرجيلة والتي تظهر على الأصابع التي يمسك بها المدخن أنبوب النرجيلة ".
كما أثبتت الدراسات أن التدخين بالشيشة: يسبب الإدمان. و يقلل من كفاءة أداء الرئتين لوظائفهما, ويسبب انتفاخ الرئة (الإنفزيما) والالتهاب الشعبي المزمن، وهذا المرض يحد من قدرة الإنسان على بذل أي مجهود كلما تفاقم. يؤدي إلى حدوث سرطانات الرئة والفم والمرئ والمعدة. يؤدي إلى ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الدم. يؤدي إلى تناقص الخصوبة عند الذكور والإناث. يساعد على ازدياد نسبة انتشار التدرن الرئوي عند مستخدمي الشيشة. عند النساء المدخنات للشيشة أثناء الحمل يؤدي إلى تناقص وزن الجنين, كما يعرض الأجنة إلى أمراض تنفسية مستقبلاً أو إلى حدوث الموت السريري المفاجئ بعد الولادة. انبعاث الروائح الكريهة مع النفس ومن الثياب، كذلك من التأثيرات الأخرى كبحة الصوت, واحتقان العينين, وظهور تجاعيد الجلد والوجه خصوصا في وقت مبكر.
الأدهى والأمر كون أغلب المسؤولين يغضون الطرف عنها ، رغم كثرة الشكايات التي ترد إليها ، مطالبة بمحاربتها ، ونادرا ما يقومون بحملات خجولة ، ليس استجابة لشكايات المواطنين ، وإنما تأتي الأوامر من الرباط .
إن مثل هذه المقاهي يجب أن تقفل بشكل نهائي ، فأغلب أصحابها من المافيا التي انتقلت من إيطاليا إلى المغرب ، عبر مهاجرينا الذين فضل بعضهم الربح السريع على حساب مستقبل أمة برمتها ، ضاربين بعرض الحائط كل القيم والأعراف ، ولا يكثرتون إلا لريعها التجاري ، مستغلين تواطؤ أغلب المسؤولين ، والذين لا يتحركون إلا حين تأتيهم الدقة من لفوق .
فكيف سيحاربونها و هم يعلمون أن أبناءهم المفششين أول المستفيدين منها؟
في موروثنا الشفهي ننادي الطفلة القاصر بالمشيشة ، تدليلا لها ، و صار لزاما علينا جميعا أن نعمل على محاربة الشيشة صونا للمشيشة ، و لعمري إن مثل هذه الظواهر أشد خطرا على المجتمع مما تدعي الأحزاب السياسية محاربته في برامجها الانتخابية .
حسن الخباز