الكنوز الأثرية في فيلات وقصور رموز النظام السابق
دليل إدانة للبعض وبراءة للآخر والمحافظة عليها واجب الجميع
بعد سقوط النظام السابق وهروب رموزه او توقيفهم لمحاسبتهم دفع الغضب فئة من الشعب المظلوم المقهور إلى اقتحام بعض منازلهم وقصورهم للتمثيل بمحتوياتها وإحراق مظاهر الثراء الفاحش فيها ولم يكن احد يقدر وقتها على لفت انتباههم أو التصدي لهم وتمنى الكل أن يأخذوا حقهم وينفسوا عن البعض من مشاعر الغبن والحرمان وهم يرون دليلا قاطعا على سوء استغلال ثروات تونس وعلى استحواذ الرئيس السابق وأفراد عائلته ومصادرتهم لحاضر الشعب التونسي ومستقبله وحتى تاريخه.
في هذه الفيلات والقصور التي اقتحمها الشعب تم العثور على آثار رومانية لا تقدر بثمن من رؤوس أسود وتماثيل ومخطوطات نادرة ولوحات زيتية وفسيفساء وكنوز هي مفخرة الشعب التونسي التي جمعها وحفظها على مر العصور سواء في المتاحف او تلك التي رممها وحفظها في مواقعها من التلف لتثبت أننا بلد حضارة تعود إلى آلاف السنين.
هذه الكنوز الأثرية المذهلة في أغلبها جزء مما افلت من أيدي شركات تهريب آثار أجنبية تم تزويدها بالتحف الأثرية التونسية سواء عبر أعمال الحفر والتنقيب غير المشروعة أو بالاستيلاء على مخازن المتاحف ومعاهد ومراكز الآثار دون ان يتمكن المعنيون بالأمر من الذين تعود هذه الكنوز لهم بالنظر من التصدي أو إيقاف النزيف نظر ا لما كان يتمتع به هؤلاء الجناة على التاريخ والحضارة وعلى تونس من حصانة وجاه ولكثرة ما يتصرفون فيه من أموال حاربوا بها الشرفاء واستضعفوهم.
و إذ نحمد الله على أن هذه التحف الأثرية استعملت لتزيين القصور والفيلات- رغم تأكدنا من أن ناهبيها لا يدركون أي قيمة جمالية لها او تاريخية - وعلى أنها بقيت في تونس فانه اليوم من واجبنا ان نبحث عنها ونطهرها من الدنس ونرمم ما اتلف منها ونعيدها إلى عرينها الأصلي وان نحرسها. سواء في إطار وزارة الثقافة أو أي هيكل آخر بعد أن تمت إزالة المحافظة على التراث من اسم وزارة الثقافة دون اي توضيح ولعنا نجد جوابا عن أسئلتنا في هذا الخصوص عندما يتسلم وزير الثقافة الجديد فعليا الوزارة وملفاتها.
ولان البعض ممن سيطر عليهم الغضب والإحساس بالظلم واتلفوا محتويات هذه القصور وسمحوا بان يمثل بهذه الكنوز الأثرية التي وجدوها فيها بإحراقها تشفيا في من سرقوها لا يعرفون مدى أهميتها فان من يعرف حقيقتها مطالب اليوم بالدعوة الى المحافظة عليها لحين إرجاعها الى المؤسسات المختصة لان هذه التحف والنفائس من أهم مكونات حضارة تونس وتاريخها وذاكرتها.
صحيح أنها ثمينة ماديا ومعنويا ولكنها تبقى دليل إدانة لا يجب ان نفرط فيها لحين يحاكم سارقوها كما أنها على ما يبدو وحسب ما تردد في بعض الأوساط دليل براءة من اتهموا بسرقتها وزج بهم في السجن ظلما. إنها أمانة.
علياء بن نحيلة