الاردن بعد مصر
صحف عبرية
لزم كثيرون في اسرائيل وفي أنحاء العالم شاشات التلفاز ودعوا الله، كل واحد بطريقته، من اجل نجاح ثورة ديمقراطية في مصر. وسُمعت منها تعبيرات عن الأمل في المنطقة كلها ايضا. لكن دعواتهم لن تُستجاب. لن يكون مبارك حاكما، لكن لن تكون ديمقراطية حتى لو لم يكن الحكام الجدد من الاخوان المسلمين. ففي لبنان ايضا ليس الحكام الرسميون من رجال حزب الله. بحسب هذا السيناريو يجب على متخذي القرارات في اسرائيل التخطيط للحفاظ على اسرائيل الديمقراطية باعتبارها الوطن القومي للشعب اليهودي.
إن الوضع الجديد القديم معقد جدا وخطر لكن تُمكن مجابهته. والنجاح، كما في ايام أصعب كانت هنا قبل اعلان الاستقلال وبعده، ليس متعلقا بما سيقوله رؤساء نظم الحكم حولنا (أو الباحثون عن خير اسرائيل مثل باراك اوباما)، بل بما يؤمن به ويفعله اليهود. وما زال اليهود يؤمنون ايمانا باطلا بأن السلام يطرق أبوابهم ثم يهرب بذنب منهم. ومن اجل هذا ارتكبوا وما زالوا يرتكبون اخطاء بعضها مصيري.
مصر تُصدر الغاز والنفط. وهي الآن تصدر عدم الاستقرار الاقليمي. وقد تعاني اسرائيل لا النظم العربية في المنطقة فقط من عدم الاستقرار هذا. إلا اذا استطاعت، ويوجد غير قليل من الخيارات، تحويل الوضع لصالحها. على خلفية عدم الاستقرار الاقليمي، وبعد ما تم الكشف عنه في مذكرات ايهود اولمرت في موضوع جُبن محمود عباس، وآفاقه الضيقة وعدم التأييد الشعبي له ولجماعته حان وقت التفكير من جديد في الأولويات الاستراتيجية لاسرائيل. لا يمكن ان يكون السلام مع فلسطين على كل حال في مقدمة الأهداف بعد. إن النار التي بدأت في تونس وتعلقت بمصر قد تنتشر الى شوارع عمان ونابلس وجنين ورام الله. النار تسد كل امكانية للتقدم في مسار السلام حتى لو كان ناس السلطة مخلوقين خلقا آخر (وليسوا كذلك). ستـُغرق الجماهير كما في مصر وتونس الشوارع وتـُسقِط الحكام الذين تجرأوا على خيانة الشعب الفلسطيني.
عندما يهدد الطوفان من النيل باغراق الاردن ايضا، فقد يحسن ان تُغير اسرائيل وجهتها وأن تكف عن ان تكون دعامة انقاذ للتاج الاردني. ونشك في ان تستطيع الحكومة الجديدة التي سارع الملك عبد الله الى انشائها قادرة على وقف التيارات العميقة المتدفقة للأكثرية الفلسطينية وهي نحو 70 في المئة من السكان. لن تستطيع هذه الأكثرية كما يلوح في أعقاب أحداث مصر ان تجلس مكتوفة الأيدي ازاء بيت مالك شمولي يستبد بها ويتركها في الخلف من الناحية الاقتصادية والسياسية.
اذا سلكت هذه الأكثرية سلوك الجماهير في مصر فستنشأ الدولة الفلسطينية قطعا. في الاردن أولا، وبعد ذلك كما نفترض، ستُنسج علاقات اتحاد كونفيدرالي ثم وحدة مع المناطق التي أخلتها اسرائيل في يهودا والسامرة، ويعيش فيها نحو 95 في المئة من السكان العرب في المناطق.
إن قيام دولة كهذه قد يزيل الضغط عن اسرائيل من الداخل بل من الخارج. ينبغي ان نفترض ان النظام الجديد لن يكون صديقا لاسرائيل، لكن جُل جهوده ستوجه الى انشاء دولة وطنية، وإقرار وضع نظام الحكم، وحل مشكلات اقتصادية ووطنية والحصول على اعتراف وشرعية من بلدان المنطقة والعالم. وهكذا، في هذا المجال على الأقل قد يصدر عن الزلزال الحالي أمر حسن. وكي تستوي هذه المسارات يجب على اسرائيل ان تكف عن الجثوم في مربط الأغنام.
هآرتس 3/1/2011