"لافيراي" ينافس شركات السيارات قطع غيار أفخم السيارات وأحدث الموديلات

"لافيراي" ينافس شركات السيارات





قطع غيار أفخم السيارات وأحدث الموديلات

من كل صوب وحدب، مهنيون ومقاولون ورجال أعمال يحجون إلى سوق المتلاشيات بالسالمية في الدار البيضاء، أو بالأحرى "لافيراي السالمية"، لدى باعة هذا السوق، قطع غيار وأجزاء هياكل كل أنواع السيارات واكسسوارات لمختف العربات، الفاخرة منها والعتيقة، وحتى النادرة.


وسط متاهة أزقة السوق، محلات متراصة وأكوام من أجزاء السيارات، تبدو للعيان مجرد خردة، لكن "قيمتها تقدر بالملايين"، يقول محمد المراكشي، أحد تجار هذا السوق، ووراء ركام السيارات في قلب "لافيراي السالمية" تصادفك في الطريق محلات فاخرة، بما تحتويه وما تعرضه للبيع، محركات لأفخر السيارات وقطع غيارها الباهظة الثمن، إلى جانب أجزاء لهياكل سيارات فخمة من كل الموديلات والطرازات، ألمانية وفرنسية وآسيوية.




مصائب قوم عند قوم فوائد

الفيضانات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، نهاية شهر نونبر الماضي، ساهمت في الرفع من وتيرة الإقبال على "لافيراي" السالمية بسبب الخسائر التي سببتها بإتلافها عددا من السيارات، ويؤكد عدد من تجار السوق أن شهر دجنبر عرف إقبالا منقطع النظير بعد غرق عدد من السيارات المتواجدة بمرائب العمارات المتضررة من الأمطار الغزيرة التي عرفتها البيضاء ليلة الثلاثاء الأخير من شهر نونبر، ولا زال بعض المتضررين يتوافدون على السوق ممن فضلوا التريث في إصلاح سياراتهم.

"مغرب اليوم" صادفت خلال جولتها بأزقة السوق عبد الإله، أحد الذين تضررت سيارتهم بسبب الأمطار، والذي جاء يبحث عن محرك لسيارته "فولسفاكن باسات"، لم يأت وحيدا، بل جاء رفقة ميكانيكي لاختيار محرك لا يزال في حالة جيدة وبثمن مناسب، يقول عبد الإله ل"مغرب اليوم": "لا يمكنني اقتناء أي قطعة غيار بمفردي، أفضل مرافقة مهني إلى السوق"، وعن لجوئه إلى سوق المتلاشيات عوض الشركة المصنعة لاستبدال محرك السيارة، أكد أن فارق السعر هو الحافز الأول.

الفيضانات لم ترفع عدد زوار "لافيراي" السالمية فقط، وإنما، حسب ما أكده عدد من تجار هذا السوق، فقد تم تزويد التجار بمجموعة من السيارات التي تعرضت لخسائر بالغة وفضل أصحابها بيعها، حيث تم اقتناؤها ليتم تفكيكها ويعاد بيع بعض قطعها التي لا تزال صالحة للاستعمال.


من يزود السوق؟

إذا كانت الفيضانات الأخيرة قد زودت السوق، ولو بكل نسبي، في الفترة الأخيرة، فإن السيارات التي تعرضت لحوادث السير، وتلك التي يتم استيرادها، تبقى المزود الرئيسي لقطع الغيار المستعملة بالمغرب. فإلى جانب السوق الوطنية التي تزود "لافيراي"بسيارات مختلف القطاعات المختلفة التي انتهت صلاحية سيرها على الطرقات، نجد سيارات الأمن والدرك مركونة إلى جانب سيارات الإسعاف، وأخرى تابعة لمكاتب عمومية، تلعب السوق الدولية دورا أساسيا في تزويدها بقطع الغيار.

ويؤكد صاحب محل تجاري بالسوق أن قطع الغيار الخاصة بالسيارات الفارهة يتم استقدامها من السوق الأوربية أساسا. ويكشف المتحدث ذاته ل"مغرب اليوم" أنه يتم اقتناء مختلف أنواع السيارات الفاخرة بعدد من الدول الأوربية، حيث يتم تفكيكها قبل نقلها إلى المغرب تفاديا لتكاليف الجمارك، وخصوصا تلك التي تعرضت لحوادث سير أو للسرقة، مضيفا أنه يتم تفكيك بعض السيارات التي لم تقطع مسافة 10 آلاف كلم منذ بدء استعمالها.


مهن على الهامش

بمدخل "لافيراي"ظن شبان يقتنصون الزبناء، أغلبهم من القاصرين، مستعدون لمرافقة الزوار للبحث عن مبتغاهم، يعرفون السوق عن ظهر قلب، علي، شاب لم يبلغ العشرين من عمره، يشتغل منذ ثلاث سنوات بالسوق ويعرفه جيدا، يحفظ أزقته ومحلاته، وأين يمكن للزبون العثور على ما يحتاجه من قطع غيار دون عناء.

"بمجرد انقطاعي عن الدراسة، بعد رسوبي بالسنة الرابعة إعدادي، التحقت بحثا عن شغل ب"لافيراي"، أحد أقرباء والدتي هو من دلني على السوق، اشتغلت في البداية بمحل لمدة سنة تقريبا، تعرفت خلالها على مختلف أجزاء العربات، وعلى الكثيرين من تجار السوق"، يقول علي، مضيفا، في حديثه إلى "مغرب اليوم"، بعد ذلك فضلت الاشتغال لحسابي الخاص، أقف بمدخل "لافيراي" لأرافق بعض الزبناء لاقتناء حاجياتهم مقابل مبلغ يتراوح بين 20 و50 درهما، حسب أريحية كل زبون، وحسب القطعة المقتناة، إضافة إلى ما يجود به صاحب المحل". أمثال علي كثيرون ويبدون استعدادهم لمرافقة الزبون إلى الميكانيكي لإصلاح العربة وتركيب أي قطعة غيار.


لافيراي: فضاء يلفه الغموض

بالرغم من رفض عدد من تجار "لافيراي" الحديث عن تزويد مافيا سرقة السيارات الفخمة لسوق المتلاشيات بقطع الغيار، إلا أن عددا من عمليات اعتقال العصابات، التي تستهدف السيارات الفاخرة، كشف عن دور هذه العصابات في تزويد مختلف أسواق المتلاشيات بالمغرب بقطع الغيار.

وكشفت مصادر أمنية ل"مغرب اليوم" أن هذه العصابات تنشط بشمال المملكة والمدن الكبرى، حيث يتم تفكيك السيارات المسروقة وبيع أجزائها. وأوضحت المصادر ذاتها أن عصابات سرقة السيارات بالمغرب عرفت تطورا في الآونة الأخيرة، إذ لجأت إلى استعمال تقنيات المافيات العالمية.

وأكد المصدر ذاته أن عناصر الشرطة القضائية أنفا تمكنت، السنة الماضية، من تفكيك عصابة إجرامية متخصصة في سرقة السيارات وحيازة وترويج وإخفاء السيارات المسروقة بعد تزوير معالمها الأساسية، حيث تبين أن غالبية المتورطين من ذوي السوابق العدلية في مجال سرقة السيارات، هم من المطرودين من أوربا.

إلى جانب موضوع تزويد السيارات المسروقة لسوق المتلاشيات بقطع الغيار، يتفادى حرفيو سوق المتلاشيات الخوض في تفاصيل مصير البطاقات الرمادية المتعلقة بالسيارات التي يتم تفكيكها.

مصادر من داخل السوق لم تستبعد أن تتم إعادة بيعها لتزوير الرقم التسلسلي لهياكل سيارات مسروقة من أوربا، وخصوصا من مدينتي سبتة ومليلية المختلتين.

ويبقى عالم سوق المتلاشيات فضاء يوفر مئات المناصب من الشغل، وملجأ لذوي الدخل المحدود من لهيب أسعار الأجزاء الأصلية الجديدة المعروضة بفضاءات الشركة الأم، كما يعتبر "منجما" لقطع سيارات وموديلات أوقفت الشركات المصنعة إنتاجها.

مجلة مغرب اليوم