في لقاء نادر مع قناة «فوكس» اليمينية المعادية لإدارته
أكبر مخاوف أوباما: العيش في فقاعة الرئاسة بدون مخرج
صلاح أحمد
اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن أكبر مخاوفه في البيت الأبيض هو عجزه التام عن الهروب من فقاعة الرئاسة غير القابلة للانفجار، جاء هذا في حوار نادر مع "فوكس نيوز" الإخبارية لأن أوباما يعتبر القناة "متخصصة فقط في مهاجمة إدارتي". وفي اللقاء، الذي استمر 15 دقيقة، وشاهده أكثر من 100 مليون أميركي، تحدث الرئيس الأميركي عن مشاعره ودواخله على نحو غير مسبوق منذ توليه الحكم.
كشف باراك أوباما للمرة الأولى أن أكبر مخاوفه في البيت الأبيض هي عجزه التام عن الهروب من فقاعة الرئاسة غير القابلة للانفجار.
جاء هذا في حوار مع "فوكس نيوز" الإخبارية، اعتُبر نادراً، لأن أوباما كان يقول عن هذه القناة التلفزيونية الشهيرة إنها "متخصصة فقط في مهاجمة إدارتي". وفي اللقاء، الذي استمر 15 دقيقة، وشاهده أكثر من 100 مليون أميركي، تحدث أوباما عن مشاعره ودواخله على نحو غير مسبوق منذ توليه الحكم.
فقال الرئيس الأميركي ممازحاً إن "أسوأ ما في الرئاسة هو أن تضطر إلى إرتداء البذلة وربطة العنق في يوم "السوبر بول" (أعلى فئات كرة القدم الأميركية). ومضى على نحو أكثر جدية فأوضح أن "إحدى الأشياء المؤلمة هي إحساسك بأنك عاجز عن التواصل بشكل طبيعي مع الناس، كما يفعل الشخص مع جاره. هذه خسارة كبيرة".
وأكد أنه كان يعلم أن أعباء الرئاسة ستكون ثقيلة على كاهله، "لكن أن تعلم نظرياً شيئًا، وأن تجرّب عملياً شيء آخر". ومضى قائلاً "مهما تصوّرت بخيال جامح نوع المسؤوليات التي ستلقى على كاهلك، فإن هذا بذاته لا يعدّك تماماً لخوض التجربة. وعلى سبيل المثال فكل مشروع قرار يصل إلى طاولة مكتبي يعني أن لا أحدًا آخر توصل إلى حل له، وأنني الوحيد القادر على إعتماده بوضع توقيعي عليه. المسائل السهلة يحلها الآخرون، لكن المستحيلة هي التي تصل إليك، وعليك حلها، لأنك الأقدر من غيرك على ذلك، ولهذا إنتخبك الناس رئيساً دون سواك".
وتقول صحيفة "تايمز" البريطانية، التي أوردت النبأ إن أوباما، بعد تسلمه الرئاسة، دخل المكتب البيضاوي ليجد على طاولته مشكلات جهنمية بإنتظار الحل، مثل حالة الإقتصاد الأميركي المزرية في أوج الأزمة المالية العالمية. وقد اضطر إلى تخفيف قرارات كان ينوي إتخاذها، مثل إصلاح نظام الرعاية الصحية، قبل أن يطرحها على الكونغرس، الذي كان مرآة لإنقسام الشعب الأميركي إزاءها، بحيث تحولت البلاد إلى ما يشبه ساحة حرب.
ووجد أوباما أمامه أيضاً المعضلة المتمثلة في السعي إلى السلام بين العرب وإسرائيل. فانهمك في مساع محمومة ردحًا من الزمن قبل أن يصطدم بالواقع المرير، ويكتشف أن تفاؤله كان من قبيل السذاجة. ولهذا فقد قال إن في وسعه تقديم أفضل آرائه "فقط عبر الإدراك أنك لا تملك المعلومات الأمثل وأنك، بناء على ذلك، لن تقدم الحل الأمثل".
وعندما ذكر هذا، فربما كان أوباما يفكر أيضًا في مأزق أفغانستان، وفي فترة الشهر التي كان يُعتقد أنه يتدبر فيها الأمور مع جنرالاته، واتضح لاحقًا أنه كان يخوض حربًا ضدهم، مضافة إلى الحرب الأفغانية نفسها. وقد تجلى هذا في اللقاءات التي أجرتها مجلة "رولينغ ستون" وعبّر فيها الجنرال ستانلي ماكريستال وأعوانه عن إزدرائهم الصريح للقيادة المدنية، وإضطر أوباما إلى تعنيفه وطرده علناً، وعيّن الجنرال ديفيد باتريوس مكانه.
ولما قيل لأوباما إن الناس يلاحظون إنه صار يحسب خطواته وأقواله متخليًا عن بعض عفويته، رد بالقول إنه الشخص القديم نفسه، لكنه أقرّ بأن هذا الافتراض ليس خاطئًا بكامله "لأن هذا هو ما تفعله الرئاسة بالمرء. هذا هو الثمن الذي تدفعه للجلوس في المكتب البيضاوي" على حد قوله.
فيبدو أن موافقة أوباما على إجراء حوار مع قناة تلفزيونية اشتهرت بيمينيتها وبعدائها لإدارته قرار يتسق مع سعيه الذي أعلنه في خطاب "حالة الاتحاد" إلى "تجاوز الخلافات الحزبية والعمل يداً واحدة"، في أعقاب الهزيمة التي مني بها الديمقراطيون في انتخابات الكونغرس النصفية.
لكن المؤكد أن القرار كان مدروسًا وموفقًا بسبب الجمهور الهائل الذي يشاهد القناة بإنتظام، ولأن اللقاء سبق "السوبر بول"، وهو ما يعني إضافة المشاهدين غير المنتظمين، وأخيراً لأن الناس إعتبروا اللقاء نفسه معركة بين خصمين لدودين، وكان يهمهم معرفة المنتصر في المعركة الإعلامية الضروس، فحصلوا عليه في جانب أوباما.
إلا أن بيل أورايلي، الذي استضاف أوباما، ويعتبر أحد أشهر المذيعين الأميركيين، وبين أقساهم على ضيوفه، عمد إلى توجيه ضربة أخيرة، فسأل الرئيس "هل ستشاهد السوبر بول هذا المساء؟ هذا السؤال لعلمي أن لعبتك المفضلة هي كرة السلّة".
وكان واضحًا أن أورايلي يقصد القول إن أوباما في واد والشعب الأميركي في واد آخر، لأن كرة القدم (الأميركية) هي الرياضة المفضلة لدى الأميركيين (مع البيسبول). ورد الرئيس بقوله "أعرف كرة القدم تماما يا رجل.. صدقني".