بعد مصر.. حلفاء امريكا خائفون
صحف عبرية
يتهم محللون كثيرون ادارة اوباما بأن سياستها الشرق أوسطية ساهمت غير قليل في الاحداث الاخيرة، بما في ذلك الفوضى في مصر وفي اماكن اخرى. كما أن هناك من يشيرون الى انعدام الاخلاقية التي في ترك حليف قديم كالرئيس مبارك لمصيره وان كان هنري كيسنجر لا بد يستطيع أن يشرح لهم بان الاخلاق والسياسة الخارجية يسيران معا فقط في مناسبات بعيدة.
في الجانب الديمقراطي من الخريطة السياسية في امريكا يصفقون لحذر وحسن فكر الادارة وهم ليسوا وحدهم. كما أن جزءا من الناطقين بلسان الجمهوريين يتماثلون مع خط الادارة. ثمة بينهم من يفسر ما يجري في مصر، في تونس، في اليمن وربما في الاردن ايضا كتبرير بأثر رجعي لـ 'اجندة الحرية' لجورج بوش، بمعنى النظرية التي تقول انه دون قيادة ديمقراطية في العالم العربي لن يسود الاستقرار في المنطقة (وان كانت احدى النتائج العملية لهذه النظرية كانت، كما يذكر، سيطرة حماس على غزة). كما أن هناك من دعا ادارة اوباما الى وقف كل المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر طالما بقي مبارك في مكانه (وبالمناسبة سناتور جمهوري واحد، ويدعى راند باول، امتطى هذه الموجة ودعا الى وقف المساعدات لاسرائيل ايضا).
ليس كل الجمهوريين يشاركون في هذه الاراء. هناك، مثل المرشح للرئاسة هاكبي، من يشيرون الى الخطر الذي يكمن للسلام المصري الاسرائيلي ولاستقرار حلفاء الولايات المتحدة الاخرين في المنطقة اذا ما سيطر على مصر الاخوان المسلمون و/أو عناصر شعبية انتهازية اخرى يتعاونون معهم بعد سقوط مبارك. باختصار، من اعتقد أنه في المواضيع الخارجية سنشهد جبهة جمهوريين موحدة فقد اخطأ. رجال حفلة الشاي، بالمناسبة، يكادون لا يطلقون صوتا، وربما لان معظمهم ببساطة ليس لديهم رأي واضح في المسائل الخارجية.
رئيس وزراء اسرائيل كان محقا حين أمر وزراءه، في بداية الاضطرابات، بعدم التحدث في الموضوع المصري. وهذا لا يعني ان ليس لحكومته رأي في هذا الشأن، ولكن مصلحتنا هي، مهما كانت نتيجة الدراما على النيل، هي ابعاد اسرائيل عن كل صورة لمن له ضلع في هذا الاخراج.
ومع ذلك، فعلى الاقل من ناحية حساب النفس الداخلي لدينا، لا يمكننا أن نتجاهل الاثار المقلقة للاحداث في مصر. ليس فقط من ناحية ما يجري في الجانب الاخر من حدودنا، بل وايضا من ناحية الدور الذي تؤديه حليفتنا، الولايات المتحدة، خلف الكواليس أو أمامها.
دارج التفكير، وعن حق، بان علاقاتنا الوثيقة مع امريكا هي عامل استراتيجي من الدرجة الاولى من ناحية اسرائيل. ولكن يطرح السؤال: كيف سيتعاطى اعداؤنا مع قيمة هذه العلاقة الاستراتيجية في أعقاب ما يفسرونه كإدارة الظهر من جانب أمريكا لحليف آخر لهم، الا وهو الرئيس مبارك؟ ناهيك عن التذبذب بشأن 'انصرافه' الفوري.
استمرارا لذلك، سيطرح السؤال التالي: ماذا سيحصل اذا ما ثار لدى حلفاء امريكا الاخرين من العرب في الشرق الاوسط السعودية، الاردن، المغرب، امارات النفط الخوف من الا يكون الجدار الاستنادي الامريكي مستقرا مثلما قدروا حتى الان؟ أوليس هناك خوف من أن تبدأ هذه الدول في الغمز لطهران بالذات؟ واذا ما حصل هذا، فماذا سيكون على 'جبهة المعتدلين' امام التحول النووي الايراني؟
ناهيك عن الفرصة لمسيرة السلام بين الفلسطينيين والعالم العربي واسرائيل، فهذه مسيرة تقوم هي ايضا بقدر كبير على دور امريكا الرائد. ادارة اوباما تتبنى، كما هو معروف سياسة Soft Power، القوة الرقيقة، لحل المشاكل الدولية. ولكن هل في اعقاب الاحداث في مصر لن نجد بعضا من حلفاء امريكا في الشرق الاوسط يتعاطون مع هذه السياسة بصفتها 'بضاعة عليلة'؟
بالنسبة لنا، السؤال هو اذا كنا من الان فصاعدا سنكون منكشفين أكثر دون الحماية الفورية الامريكية. الجواب هو 'ليس بالضرورة وبالتأكيد ليس فورا. لاسرائيل مع الولايات المتحدة علاقات وثيقة عديدة ومتفرعة اكثر من تلك التي كانت لمصر مبارك مع امريكا. يجدر بنا ان نذكر هذا وبالمقابل ان نفهم باننا مرة اخرى تلقينا تذكيرا بان أمننا، اضافة الى كل عناصره الاخرى، يجب أن يقوم، في المستقبل أيضا، واساسا على قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا بأنفسنا.