الغرب يصرّ على إنتقال للسلطة في مصر بعد خطاب الرئيس
الجيش يدعو إلى عودة الحياة الطبيعية ويضمن "إصلاحات" مبارك
مصادر مختلفة
أعلن الجيش المصري في بيان أسماه "البيان رقم 2" وتلي على التلفزيون المصري قبيل ظهر الجمعة أنه "قرر ضمان تنفيذ" الإصلاحات التي تعهد بها الرئيس المصري حسني مبارك في خطابه مساء الخميس.
القاهرة، واشنطن، عواصم: أعلن الجيش المصري قبيل ظهر الجمعة دعمه للرئيس المصري حسني مبارك وخطته لنقل السلطة وللإصلاح السياسي، لكنه حاول طمأنة المتظاهرين متعهدًا بـ"ضمان تنفيذ" تعهدات مبارك بالإصلاح.
وكان العديد من المتظاهرين طالبوا الجيش المصري بالتدخل من أجل تنفيذ مطلبهم برحيل مبارك فور إلقاء الأخير خطابه الذي أعلن فيه مساء الخميس عن تفويض سلطاته لنائبه عمر سليمان مع تأكيده استمراره في موقعه.
وأعلن الجيش في "بيانه الثاني" أنه "في إطار ما تقرر من تفويض للسيد نائب رئيس الجمهورية من اختصاصات وإيمانًا من مسؤولياتنا الوطنية بحفظ واستقرار الوطن وسلامته، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة ضمان تنفيذ" الإصلاحات التي تعهد بها الرئيس المصري.
وعدد البيان الإجراءات والإصلاحات التي سيضمنها، وأبرزها:
- "إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة فى ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية".
- "الفصل فى الطعون الانتخابية ومايلي في شأنها من إجراءات" أي في الطعون في انتخابات مجلس الشعب المصري.
- "عدم الملاحقة الأمنية للشرفاء الذين رفضوا الفساد، وطالبوا بالإصلاح".
- "إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية".
ودعا الجيش المصري إلى "انتظام العمل بمرافق الدولة، وعودة الحياة الطبيعية حفاظًا على مصالح وممتلكات شعبنا العظيم". و"حذّر" بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة من "المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين".
وفي محاولة لبثّ الطمأنية، خصوصًا في نفوس المتظاهرين، أكد الجيش "التزامه برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعي إلى تحقيقها، من خلال متابعة تنفيذ هذه الإجراءات في التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم، حتى يتم الانتقال السلمي للسلطة، وصولاً إلى المجتمع الديموقراطي الحر، الذي يتطلع إليه أبناء الشعب".
إلى ذلك، انضم ثلاثة عسكريين في الجيش المصري إلى المتظاهرين المناوئين للنظام صباح الجمعة في ميدان التحرير في وسط القاهرة. وقال شاهد عيان، وهو طالب يدعى عمر جلال، لوكالة فرانس برس، "لقد انضموا إلى الحشد، وهم يبتسمون، ويرددون شعارات تطالب بإسقاط النظام".
ويشهد ميدان التحرير والشوارع المحاذية لمجلس الشعب تظاهرات ضخمة تجدد المطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك. وكان مبارك أعلن مساء الخميس تفويض صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان طبقًا للدستور، بعدما طلب من مجلس الشعب إدخال تعديلات على بعض مواد الدستور المتعلقة خصوصًا بالانتخابات الرئاسية.
غير أن التفويض الذي رآه المتظاهرون شكليًا، لا يمنح نائب الرئيس، طبقًا لنص المادة 82 من الدستور، حق تعديل الدستور أو حل مجلسي الشعب والشورى أو إقالة الحكومة.
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط أعلنت في وقت سابق أن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة عقد اجتماعًا مهمًا صباح اليوم" الجمعة. وأضافت الوكالة أن "المجلس سيصدر بيانًا مهمًا إلى الشعب عقب الاجتماع".
وأفاد التلفزيون المصري أن نائب الرئيس المصري عمر سليمان أصدر توجيهاته إلى رئيس الوزراء أحمد شفيق بتوسيع نطاق عمل الحكومة من خلال تعيين نائب لرئيس الوزراء من الحكماء ليتولى شؤون الحوار الوطني في مصر.
من جانبه، حذر وزير المالية المصري سمير رضوان من أن انقلاباً عسكرياً في بلاده سينعكس سلبًا على الشعب وعلى الاقتصاد المصري، مؤكدًا أنه يجب تجنب مثل هذا السيناريو.
وأضاف الوزير رضوان في مقابلة مع إذاعة "بي بي سي" أن قوات الجيش تلتزم بأقصى درجة من ضبط النفس، وهي اتخذت قرارًا بالامتناع عن إطلاق النار باتجاه المتظاهرين. ورأى مع ذلك أن المأزق الذي تشهده مصر لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
صدر هذا البيان من البيت الأبيض بعد ساعات على إعلان الرئيس المصري نقل صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان، ولكن بدون أن يستقيل، كما كان يأمل المصريون، الذين يحتجون على سلطته في الشارع منذ 17 يومًا. وأضاف أوباما في بيانه أن "الكثير من المصريين ما زالوا غير مقتنعين بجدية الحكومة في عملية انتقال حقيقية إلى الديموقراطية والحكومة مسؤولة عن التحدث بوضوح إلى الشعب المصري والعالم".
ورأى الرئيس الأميركي أنه "لا بد للحكومة المصرية من أن ترسم طريقًا يتمتع بمصداقية وعملية وبدون أي التباس نحو ديموقراطية حقيقية، ولم تنتهز بعد هذه الفرصة". كما دعا السلطات المصرية إلى "التحرك لتوضيح التغييرات التي حصلت وإعلان العملية التي ستقود إلى الديموقراطية وتشكيل حكومة تمثيلية خطوة خطوة وبلغة واضحة وبدون أي لبس".
وفي البيان نفسه، الذي لم يرد فيه اسم مبارك إطلاقًا، وصدر بعد ساعات من خطاب الرئيس المصري إثر اجتماع طارئ لفريق الأمن القومي الأميركي، حذّر أوباما من لجوء السلطات المصرية إلى العنف. وقال "يجب أن تتحلى كل الأطراف بضبط النفس. ويجب تجنب العنف بأي ثمن"، مؤكدًا أنه "من الضروري ألا ترد الحكومة على تطلعات شعبها بالقمع أو بأعمال وحشية".
وأكد الرئيس الأميركي أن "أصوات المصريين يجب أن تسمع". وجدد أوباما أيضًا دعوته إلى "احترام الحقوق العالمية للمصريين" وإنهاء حالة الطوارئ المطبقة منذ حوالي ثلاثين عامًا في البلاد، التي تعطي صلاحيات واسعة لقوات الأمن. وردًا على رفض مبارك الخضوع "لإملاءات" قوى خارجية، ذكر أوباما أنه في نظر الولايات المتحدة يعود للمصريين أنفسهم تقرير مستقبلهم.
وطرح الرئيس الأميركي أفكارًا لانتقال السلطة. وقال "نعتبر إن مفاوضات جديرة بالثقة مع المعارضة بمجملها ومع المجتمع المدني المصري، يجب أن ترد على كل الأسئلة المهمة التي تنتظر مصر في المستقبل". وأشار أوباما في هذا المجال إلى "حماية الحقوق الأساسية لجميع المواطنين ومراجعة الدستور وقوانين أخرى، كي يظهر أن التغيير لا عودة عنه، ووضع خارطة طريقة واضحة بشكل مشترك نحو انتخابات حرة وعادلة". جاء هذا الخطاب في ختام يوم شهد أنباء متضاربة، تحدثت عن احتمال تنحي مبارك عن السلطة. وبدأ أوباما خلال زيارة لولاية ميتشيغن (شمال) يستبق الأحداث، بإعلانه أنه "ما هو أكيد هو أننا نشهد مسيرة التاريخ".
من جهته، كان مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" ليون بانيتا قال إنه "من المرجح جدًا" أن يغار مبارك السلطة مساء الخميس، وأن يحلّ محله نائبه. وقال مسؤول في الاستخبارات المركزية بعد ذلك ردًا على سؤال لوكالة فرانس برس إن بانيتا تحدث استنادًا إلى معلومات نشرت في وسائل الإعلام، وليس أنباء خاصة بالسي آي ايه. وأعرب السيناتور الجمهوري جون ماكين عن أسفه العميق وقلقه لإعلان الرئيس المصري حسني مبارك بقاءه في السلطة.
ماكين أوضح في بيان أصدره أن أصوات الشعب المصري تواصل ارتفاعها، وهي أكثر توحداً، وأنهم لا يطلبون تحويلاً جزئياً للسلطة أو تعديلاً صغيراً على الحكومة الحالية. وأضاف ماكين أن المصريين يطالبون بتنحي مبارك كبداية لانتقال ديموقراطي جدي ودائم.
وأكد ماكين دعمه الكامل للتطلعات السلمية للشعب المصري، معربًا عن قلقه من أن عدم تلبية مطالبه مع كل يوم يمضي سيفتح إمكانية استغلال الأمل في التغيير من قبل عناصر متطرفة أو عنيفة.
ساركوزي يخشى إيران ثانية
أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فأمل معقبًا على خطاب مبارك "أن يتاح للمصريين وقتًا لتشكيل الهياكل والمبادئ التي تساعدهم في إيجاد الطريق إلى الديمقراطية، وليس إلى شكل آخر من الدكتاتورية .. الدكتاتورية الدينية مثلما حدث في إيران".
مطالبة الجيش بدور بناء
من جهته، قال رئيس البرلمان الأوروبي جرزي بوزيك إن تطلعات مواطني مصر مشروعة، والتغيير لا يمكن أن يتأخر، وينبغي طيّ صفحة النظام السابق، مطالبًا بتشكيل حكومة جديدة تضم القوى الديموقراطية، وداعيا الجيش إلى مواصلة لعب دور بناء.
بريطانيا تتريث قليلاً
من ناحيته، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج على تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ندرس بعناية ما قاله الرئيس ونائب الرئيس المصريان. لم يتضح على الفور ما هي السلطات التي فوّضت وما هي التبعات الكاملة. وأضاف هيج "نعتقد أن حلّ هذا الموقف يرجع إلى الشعب المصري نفسه. كل ما نريده في المملكة المتحدة هو طريقة سلمية"
أستراليا: التغيير يجب أن يبدأ
في المقابل، اعتبرت رئيسة الحكومة الأسترالية جوليا غيلارد أن "التغيير يجب أن يبدأ في مصر". وقالت "نعتقد إنه يجب أن يكون هناك إصلاح جوهري (...) التغيير يجب أن يبدأ". وأضافت إن "الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ولكن نريد رؤية السلام في العملية الانتقالية".
كندا: هناك حاجة إلى إصلاحات
في أوتاوا، قال وزير الخارجية الكندي لورنس كانون في بيان إن "الحاجة إلى إصلاحات ديموقراطية ملحة، لكن الإصلاح يجب ألا يؤدي إلى فراغ ينجم منه تطرف وعنف وتعصب".
ودعا كانون كل الأطراف إلى "ضبط النفس وحلّ هذه الأزمة"، مشددًا على دعوة الحكومة المصرية إلى "الاضغاء لصوت الشعب المصري، وبدء عملية انتقالية منظمة باتجاه انتخابات حرة وعادلة".
إسرائيل: القرار يعود إلى الشعب المصري
أخيرًا، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بعد لقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه "يعود إلى الشعب المصري أن يجد طريقه، وأن يفعل ذلك على أساس دستوره وقوانينه وأعرافه".
السعودية تستنكر التدخلات الخارجية
في الأثناء، أعرب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الخميس في الرباط عن "استهجانه الشديد واستنكاره البالغ لتدخلات بعض الدول الأجنبية" في شؤون مصر. وأعرب الفيصل في كلمة ألقاها خلال أعمال الدورة الـ11 للجنة المشتركة المغربية- السعودية عن ثقته "بقدرة مصر على تجاوز محنتها"، منتقدًا "مزايدات" بعض الدول على الشعب المصري من دون أن يسميها.
إلا أن تصريحات الفيصل بدا وكأن المقصود منها الولايات المتحدة، غداة محادثة هاتفية بين الملك عبد الله بن عبد العزيز الموجود حاليًا في المغرب، حيث يمضي فترة نقاهة، والرئيس الأميركي باراك أوباما.
وقد رأى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في هذه المواقف "تدخلاً سافرًا" في شؤون مصر الداخلية "على نحو يتنافى وأبسط القواعد الدبلوماسية والسياسية وميثاق الأمم المتحدة".
وصعد الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الخميس اللهجة ضد نظام حسني مبارك، معتبرًا أن الإصلاحات التي أعلنها الرئيس المصري "غير كافية"، وداعيًا القاهرة إلى رسم طريق واضح "بدون أي التباس" نحو الديموقراطية. وقال أوباما في بيان اتسم بلهجة حازمة إن "المصريين تلقوا تأكيدًا أنه سيكون هناك انتقال للسلطة، ولكن من غير الواضح حتى الآن إن كان هذا الانتقال سيتم فوريًا".