18 يوما لثورة "الشباب" في مصر.. تسقط نظام حكم 30 عاما
غادر مبارك.. مصر تحتفل على طريقتها.. كان لا بد من عود ثِـقاب يشعله محمد البوعزيزي التونسي في جسده لتصل النيران الى مصر، في حدث يشد مشارق الوطن العربي الى مغاربه.
غادر مبارك.. ما بين رحيل قمر وبزوغ شمس حاملا ثلاثة عقود بالوان مختلفة وعادت مصر تحاول النهوض ولملمة الجراح تعيش لحظات تاريخية تبحث عن جديد يعيد اليها لحظات قادت خلالها مسيرة العرب وقضاياهم نحو الانعتاق من نير الاحتلال و الاستعمار.
غادر مبارك مِصر كما غادر جاره بن علي تونس.. وغادر جمال مبارك ايضا وهو من اريد له ان يكون خليفة لابيه في نظام جمهوري اراد للابن أن يرث عرش ابيه في ارض الكنانة.. هذا زمن آخر يقف فيه العرب وجها لوجه أمام هويتهم.
غادر مبارك.. تنهض مصر أرضا وشعبا.. تقترب من تاريخها اكثرَ فاكثر.. هناك الى جانب اهرامات ترفع اعينها في وجه الشمس و تشهد كيف قادت مصر واهلها مسيرة الحضارة الانسانية منذ فجر التاريخ وكيف اهدوا لاعدائهم قبل اصدقائهم الفن والعلم واللغة.
غادر مبارك.. بثلاثة وثمانين عاما قضى منها 30 سنة رئيسا منذ اغتيال انور السادات على يد خالد الإسلامبولي في العام 1981.. وهو الذي لم يعرف أن العقود الثلاثة التالية ستكون في قبضة الرجل الواحد .. الرئيس الواحد .. النِظام الواحد.
غادر مبارك بعد سنوات وُجد فيها العرب والمصريون منهم يقفون أمام ابواب السفارات وصالونات المطارات ليبحثوا بعيدا عن اوطانهم عن لقمة عيش تقيهم ذل جوع اصابهم على ارضهم وبين اهليهم. اوهربا من سجن او سجان يتربص بمستقبل اجيالهم... زمن اصبح فيه العربي متهما بلغته ودينه ولونه حتى في وطنه.
غادر مبارك وتنفتح الصفحات مسرعة.. هل كان البوعزيزي التونسي يعرف أن تَوقَه للانعتاق سيمتد خارج بلده الى كل مدينة عربية. وتنهال الاسئلة من كل مكان من أخرج الناس من مكامن خوفها الى حتف ربما تجده في كل زقاق وكل شارع.
غادر مبارك.. وحل الطوق.. وانفتح الوطن العربي على تداعيات تـترى.. في منطقة تترقب الحدث التالي، ما هو؟ ومن هو؟
غادر مبارك.. واتى عبد الله العربي على حصان قافية كتبها الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب حين كان يتنقل بين مدن المنافي خارج بغداده.. من صوتك تهرب حيات وحكومات وعقارب .. يرفع عبد الله العينين فيرتفع الموج وتصبح كل الارض قضية .. احبك يا عبد الله لانك يا عبد الله قضية، ولأنك يا عبد الله محارب.