صراع الصقور والحمائم يعود الى الواجهة في الجزائر
رفعت السلطات الأمنية الجزائرية التأهب الأمني الى الدرجة الثانية تحسبا للمسيرة الشعبية المقررة يوم السبت من طرف التنسيقية الوطنية من أجل الديمقراطية والتغيير التي تصر على السير رغم منع ولاية الجزائر العاصمة لها في بيان صدر نهار أمس.
كما لوحظت تعزيزات أمنية تتجه نحو العاصمة من الثكنات والمراكز الأمنية القريبة من العاصمة، التي أخذت تلك المصالح في تطويق مداخلها، لتعطيل دخول الراغبين للمشاركة في المسيرة اليها.
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت تعليمات بتشديد الحراسة على المقار الحكومية تفاديا لأي محاولات تخريب أو شغب يستهدفها على غرار ما حدث في نهاية الشهر المنصرم، كما نصحت مصالح الولاية المنظيمن للمسيرة بتنظيم تجمع شعبي في قاعة مغلقة.
وصرح فضيل بومالة، أحد الناشطين في التنظيم المذكور أن الجزائر العاصمة هي عاصمة كل الجزائريين وليست عاصمة السلطة فقط، وقال مستغربا: " كيف تدعي السلطة رفع حالة الطوارئ وتمنع على الجزائريين التعبير عن انشغالاتهم في العاصمة، التي هي عاصمة كل الجزائريين وليست عاصمة السلطة فقط ".
وعن حزمة المطالب التي لبتها الحكومة في اجتماعها الأخير، يضيف بومالة: " المسألة في الجزائر لا تتعلق بمطالب اجتماعية واقتصادية بحتة، ولا بأكل او شرب، بل بضرورة تغيير نظام سياسي بكامله أثبت فشله وفساده ومرضه ".
وتذكر مصادر متابعة للشأن الجزائري في الآونة الأخيرة أن هناك تناقض في خطاب السلطة، مما يوحي الى صراع في سرايا الحكم بخصوص التعاطي مع التطورات الأخيرة وموجة التغيير التي تجتاح العالم العربي.
ففي اطار ما أسمته بـ " الصقور الحمائم " أدرجت التناقض المذكور بين جناح متصلب يريد الاستمرار في النهج الحالي، وتترجمه عدة تصريحات صدرت عن نائب الوزير الأول ووزير الداخلية الأسبق، نور الدين يزيد زرهوني، الذي أكد أن التهديدات الارهابية القائمة لا تسمح برفع حالة الطوارئ، والتجربة السياسية في تسعينيات القرن الماضي لا تسمح كذلك باعتماد احزاب سياسية جديدة، تحمل خطابا متطرفا يجر البلاد الى أتون ازمة جديدة، في اشارة منه لعدم الاستجابة لطلبات الاعتماد المودعة من طرف بعض الأحزاب منذ عدة سنوات.
ومن الجانب الآخر صدرت تصريحات مضادة من طرف الجناح الآخر، داعية لفسح المجال أمام المزيد من الانفتاح السياسي والاعلامي، ورفع حالة الطوارئ، وهو المطلب الذي ما انفك عدد من وزراء حركة " حمس " الاخوانية يرفعونه، الى جانب معتدلين آخرين من حزب جبهة التحرير الوطني ذو الأغلبية النيابية.
وهو الأمر الذي يكرس وضعية " الصقور والحمائم " في مراكز القرار، خاصة في أوج الأزمة التي عصفت بالجزائر خلال العشرية الماضية، لما كانت البلاد تترنح بين دعاة حل الأزمة بالحوار وبين الداعين للحلول الأمنية.