نموذج عبد الناصر يعود الى الواجهة من جديد
الثورات الشعبية تهدد إسرائيل في كيانها واتفاقياتها
ريما زهار من بيروت
تتعامل إسرائيل بكثير من الحيرة في كل ما يتعلق بالانتفاضات الشعبية في الدول العربية. وكان القلق سيد الموقف في إسرائيل عندما انفجرت الانتفاضة في تونس، لكن سرعان ما احتل الواجهة نوع من الذعر بعد نشوب الانتفاضة في مصر.
بيروت: يعتبر معن بشور، المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية، في حديثه لإيلاف ان الخوف الاسرائيلي لما يجري في المنطقة هو طبيعي جدًا، لان هذه الانتفاضات التي ستقود إلى حرية الشعوب وإلى إمساكها بقرارها، تعني ان الامة كلها بكل اقطارها، ستصبح في موقف واضح من اسرائيل، وهذه الاخيرة تدرك دائمًا ان الاستبداد في المنطقة كان حارسًا أساسيًا من حراس اسرائيل، وحين يسقط هذا الاستبداد فموقف الشعوب سيخرج الى العلن كما يقولون، وبالتالي تصبح الإمكانيات لمواجهتها أكبر، هذا ما يفسر حيرة وارتباك اسرائيل، وخصوصًا الموقف مما يجري في مصر، فاسرائيل تدرك انه رغم معاهدة كامب دايفيد لم تنجح في إقامة تطبيع مع الشعب المصري، الذي يرفض هذه المعاهدة وكل تداعياتها ومفاعيلها، وبالتالي في حين يستطيع الشعب المصري ان يمارس حريته في اتخاذ القرارات المتصلة بمصيره، هو بالتأكيد سيكون رافضًا لكامب دايفيد ومفاعيلها، ثم ان سقوط الاستبداد يفتح المجال بقيام التعاون والتكامل بين الاقطار العربية، وهو امر يشكل خطرًا كبيرًا على اسرائيل التي لم تدعم القوى الغربية قيامها على ارضنا الا لمنع الوحدة العربية، انما في الوقت ذاته يجب ان ندرك ان اسرائيل لا تنزعج من تحول هذه الانتفاضات والثورات الى عمل فوضوي، ويضيف:" هي تريد دعم هذه الثورات باتجاه الفوضى وتقسيم الاقطار العربية، وتعميق الصراعات الدموية، وهذا هو مشروعهم الحالي من اجل مواجهة الثورات الشعبية التي تحصل.
وردًا على سؤال ماذا سيكون مصير اتفاقات بعض الدول العربية مع اسرائيل كاتفاق كامب دايفيد؟ يجيب بشور:" انا واثق جدًا انه اذا استمرت مسيرة الثورة الشعبية في مصر باتجاهها وتمكَّن المصريون من اختيارهم لمجلس نيابي وحكومة فأنا اعتقد ان القرار المصري بتجويف هذه الإتفاقية، وبإسقاطها سيكون حاسمًا.
سقوط الاتفاقات
اما كيف ستتصرف اسرائيل امام سقوط هذه الاتفاقات هل سترى نفسها بمواجهة كل العرب؟ يقول بشور:" من السابق لاوانه الحديث عن هذا النوع من الاحتمالات، لكن اعتقد ان اسرائيل تدرك تمامًا انه بمقدار ما تقترب جماهير الامة العربية من الإمساك بقراراتها فإن ذلك يجعلها اقرب من مواجهة اسرائيل، وبالتالي فان مثل هذه الاتفاقية لن تكون قائمة، ولن تشكل اي حماية لاسرائيل.
عبد الناصر
ولدى سؤاله هل تخاف اسرائيل اليوم من الدعوة الى وحدة عربية كما كان الحال سابقًا مع جمال عبد الناصر؟ يجيب:" قبل يومين انعقد في بيروت المؤتمر العربي العام لنصرة الثورة الشعبية العربية بحضور 350 شخصية من كل الاقطار العربية، وكان لافتاً انه حين ذكر اسم جمال عبد الناصر في احدى الكلمات علا تصفيق استثنائي وبالتالي، بقي الحاضرون وكلهم من الشخصيات العربية، يصفقون لمدة طويلة، ويدل ذلك على ان النموذج الذي قدَّمه جمال عبد الناصر، خصوصًا في مواجهة اسرائيل والاستعمار، لا يزال النموذج الافضل، لذلك اعتقد ان مصر ستندفع باتجاه نموذج مواجهة الاستعمار، من دون شك لا يمكن ان يكرر التاريخ نفسه بشكل تفصيلي، ولكن ايضًا فإن الخيارات التي اعتمد عليها جمال عبد الناصر، كانت خيارات وطنية نابعة من مصلحة مصر، لانه كان يدرك ان الامن القومي لمصر، هو جزء من الامن القومي العربي، كان يدرك ان امن مصر ليس على حدودها فقط وانما على مستوى المنطقة، وبالتالي، كلما تمكَّن الشعب المصري من تحقيق خياراته، فانه يجد نفسه على الدرب الوطني والقومي الذي اختاره عبد الناصر.