سكان "مدينة 20 أوت" يطالبون بغلقها
بيت الدعارة "الرسمي" الوحيد في شرق البلاد
زين الدين .أ
تصوير: مكتب سكيكدة
من الغريب أن مدينة 20 أوت التي صال وجال فيها عظماء الثورة الجزائرية، مازالت، دون كل مدن الجزائر، تحتوي على دار دعارة "رسمية" شهدت في شهر فيفري الماضي بعض الأحداث المؤسفة زادت المكان "قذارة" وجعلت سكان مدينة سكيكدة المجاهدة يتمنون غلقها من خلال الرسائل التي وجهوها للمسؤولين، خاصة أن غلق بقية بيوت الدعارة في شرق البلاد جعل هذه الدار عاصمة للرذيلة.
"الصينيون" انضموا للطابور والجيران والتجار هجروا المكان
مديرية التنظيم والشؤون العامة أسمته "دار التسامح"
فإذا تكلمت عن أقدم مهمة في التاريخ سواء كنت في مدينة سكيكدة أو في أي مكان في الجزائر ستقفز مباشرة إلى مخيلتك بيوت الدعارة التي لاتزال ـ للأسف ـ منتشرة بكل من بشار، عنابة وسكيكدة يقصدها زبائن يطلبون المتعة المحرمة مقابل مبلغ من المال يحدد بصفة مستقلة.
الشروق توغلت في هذا الملف "الطابو" وعادت بهذا التحقيق.
من "بيت الدعارة" إلى "بيت التسامح"
من أشد ما استوقفني خلال إنجاز هذا الروبورتاج، التسمية الرسمية المعتمدة لبيت الدعارة حيث هو مسجل في ملفات مديرية التنظيم والشؤون العامة تحت إسم »دار التسامح«، ولكم أن تتصوروا قدسية ومكانة هذا الإسم وصل فعلا يطابق الإسم واقع الحال؟ وقبل أن نتوصل إلى معرفة إسم الدار »دخنا سبع دوخات كما يقال« ونحن نبحث عن الجهة التي تشرف على الدار فأينما ذهبت تجد جوابا واحدا »خاطينا«.
تحقيق إداري لكل مومس جديدة
يخضع الالتحاق بالدار إلى إجراءات إدارية وصحية معقدة، حيث يجرى للراغبة بالالتحاق، سواء كانت تقطن بسكيكدة أو مستقدمة من ولاية أخرى، تحقيق إداري معمق وفحص طبي كامل للتأكد من سلامة المومس وخلوها من الأمراض الجنسية على غرار الزهري والسيدا، وعند التأكد من سلبية التحقيقات ونتائج التحاليل والفحوصات الطبية تمنح الموافقة للمومس للالتحاق بالدار وممارسة مهنة الدعارة لكسب قوت يومها. وعند الالتحاق بالدار تخصص لها غرفة بأحد الأجنحة تقوم فيها باستقبال الزبائن على فراشها مقابل مبالغ مالية تتعدى في بعض الأحيان الـ1000 دينار حسب طبيعة ونوعية الممارسة الجنسية.
الدخول بـ50 دينارا وأجر المومس 600 دينار
تحدد بيت الدعارة بسكيكدة، والمتواجدة في بناية قديمة تقع بحي السويقة العتيق، الدخلة إلى الدار بـ50 دج يدفعها الباحث عن المتعة عند الباب أين تقف عجوز هناك مهمتها تحصيل أموال »الدخلة« التي تتجاوز في بعض الأحيان 10 ملايين سنتيم يوميا. بعد ذلك يتوجه الداخل إلى الدار نحو الطابق العلوي الذي تقيم فيه المومسات، حيث تصطف طوابير طويلة من الشباب ومن الكهول ولكل شخص حرية الوقوف في أي طابور على حسب اختياره للمومس التي تروقه، وبينما نحن بصدد إنجاز هذا الروبورتاج، خرج شخص في الخمسينات من العمر وتحت إبطه 05 خبزات قضى متعته قبل التوجه إلى منزله. وحسب بعض المترددين على هذه الدار، فإن ثمن المتعة الواحدة يختلف بحسب طبيعة ونوعية الممارسة، فإن كانت على السريع فثمنها 600 دج وإن كانت متعة تطول فإن ثمنها يقفز إلى الضعف.
الصينيون زبائن ثقال الظل رغم سخائهم!
مع دخول الصينيين إلى مدينة سكيكدة في سنة 2003 عرفت »دار التسامح« إقبالا منقطع النظير حيث أصبحوا الزبائن الأكثر توافدا خاصة في الفترة المسائية التي تصادف فترة انتهاء العمل. ورغم اشمئزاز المومسات منهم، حسب تصريحات أحد المترددين على الدار، إلا أنهم يعدون الزبائن الأكثر إدرارا للمال حيث يدفعون بسخاء للمومسات، لكن ورغم وجود الدار إلا أن بعضهم فضل اصطياد فتيات من خارج الدار، حيث سجلت مصالح الأمن وضع مولود غير شرعي لفتاة من عزابة من أب صيني وقد تم تسليمه إلى مركز الطفولة المسعفة بمدينة سكيكدة.
حوادث وفيات... واعتداءات داخل الدار
وسجلت الدار العديد من حوادث العنف ارتكبها شبان في حق المومسات، كانت آخرها حادثة وقعت في نهاية السنة المنصرمة، حيث أقدم شاب يبلغ 27 سنة من العمر على الاعتداء بالسلاح الأبيض على إحداهن قبل أن يسلبها مجوهرات ومبلغ من المال تعدى 30 مليون سنتيم وقد تم القبض عليه بعد تحديد أوصافه من طرف الضحية وهو الآن رهن الحبس المؤقت. كما شهد، نهاية شهر جانفي من السنة الماضية كذلك، حالة وفاة على عتبة الدار، حيث لفظ الشاب »م.ش« ـ 24 سنة ـ وهو عسكري، أنفاسه أمام باب الدار بمجرد خروجه على إثر سكتة قلبية.
11 حالة سيدا والقائمة مفتوحة
أحصت مصالح الصحة بولاية سكيكدة 11 حالة لمصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة »السيدا«، وقد تم التفطن للتحاليل اللازمة بمقر وحدة بنك الدم بسكيكدة. غير أن هذا الرقم يبقى مرشحا للارتفاع في ظل الحديث عن وجود حالات أخرى حاملة للفيروس. وكان مستشفى جيجل قد سجل منذ نحو سنة حالة إصابة بالمرض لعامل يعمل بمدينة سكيكدة. ورغم تأكيد العارفين بسير عمل الدار على أن العاملات هناك يجرين فحوصات وتحاليل طبية دورية للوقاية من مختلف الأمراض، إلا أن خطر الإصابة بهذه الأمراض ونقلها يبقى قائما.
دعارة منذ الاستقلال إلى حكم "الفيس" و "الإصلاح"
رغم تعاقب العديد من الأميار على بلدية سكيكدة منذ الاستقلال إلى وقت »الفيس« إلى حكم »الإصلاح«، فإن الدار بقيت مفتوحة أمام طالبي اللذة والمتعة، فلم يسع منتخبو الفيس المنحل الذين كانوا على رأس المجلس البلدي لبلدية سكيكدة والمجلس الشعبي الولائي لغلق الدار وكل ما استطاعوا القيام به هو تغطية التماثيل المتواجدة بالمنزل البلدي حيث يتواجد مكتب رئيس البلدية بإزارات لتجنب رؤيتها وكفى. أما فترة الإصلاح التي تلت حكم الأرندي والذين ترأسوا المجلس البلدي بسكيكدة وكذا المجلس الشعبي الولائي ورغم أن الشيخ عبد الله جاب الله من أبناء مدينة سكيكدة، إلا أنهم لم يحاولوا حتى فتح ملف الدار؟!
جيران الدار... تذمر واستنكار
في لقائنا بجيران الدار، خاصة من فئة التجار، أكدوا لنا على تذمرهم واستنكارهم الشديد لعدم غلقهم الدار رغم الشكاوى والمراسلات العديدة التي بعثوا بها إلى مختلف السلطات المحلية، حيث أكدوا أن الحال وصل بهم إلى اجتناب مجالسة الأخ بهذا الحي أو المشي راجلا أمام الدار، مؤكدين على أن وجود الدار عار في جبين كل السكيكديين.
أما رأي الشارع فقد جاء متباينا، حيث أجمعت فئة، وهي الأغلبية من الذين استجوبناهم، على ضرورة إقدام الولاية على غلق الدار حفظا لماء الوجه وشرف السكيكديين. أما الفئة الثانية فرأت في غلق الدار دعوة إلى انتشار بيوت الدعارة السرية وما يصاحبها من أخطار صحية... وبين هذا وذاك تظل الدار منصبّة في مدخل المدينة يقصدها المئات من الباحثين عن المتعة غير مبالين بكونها حراما.