مبارك حكم البلاد 30 عاما بفضل المادتين 76 و77
تعديل الدستور المصري المدخل الوحيد إلى تغيير حقيقي
صلاح أحمد
إذا كان لمصر أن تشهد أي إصلاحات في مرحلة ما بعد مبارك، تعيّن لها أن تدخل عبر بوابة تغييرات دستورية واسعة النطاق حتى تأتي بترتيب سياسي جديد خال من حالة التصلّب التي تميّز الترتيب الراهن.
ليس سهلا التنبؤ بما سيحدث تاليا في مصر. لكن إذا كان للبلاد أن تشهد أي إصلاحات في مرحلة ما بعد مبارك، تعيّن لها أن تدخل عبر بوابة تغييرات دستورية واسعة النطاق حتى تأتي بترتيب سياسي جديد خال من حالة التصلّب التي تميّز الترتيب الراهن.
والمحادثات التي أجراها نائب الرئيس عمر سليمان، يوم الأحد مع بعض رموز المعارضة لم تأت بأي ثمار تذكر، هذا رغم ان اللقاء مع ممثلين للإخوان المسلمين كان سابقة رمزية بحد ذاته. لكن غياب الثقة يظل هو السائد. وعلى سبيل المثال، اشتكى عصام العريان مسؤول المكتب السياسي للإخوان، من أن البيان الذي صدر بعد المحادثات جاء خاليا من توقيع الأطراف المشاركة في اللقاءات.
والأهم من مسألة الاجتماعات نفسها، هو غياب كل ما يشير الى أن الرئيس مبارك سيتنحى فورا أو حتى قبل الخريف مثلما يطالب المتظاهرون في ميدان التحرير وما صارت تطالب به حكومات غربية صراحة مثل الأميركية والبريطانية.
والسؤال الكبير الآن هو ما إن كان التغيير ممكناً في وجود مبارك نفسه. من جهته محمد البرادعي، وهو الأقرب في صفوف المعارضة المشتتة إلى وضع الزعيم البديل، يصر على ضرورة رحيل الرئيس الآن ويدعو إلى تشكيل مجلس وزراء انتقالي يحكم البلاد لفترة سنة ويحضّر خلالها لانتخابات حرة ونزيهة. ويطالب أيضا بحل البرلمان، والأهم، بتعديل جوهري في الدستور.
في ما يتعلق بالدستور فيتعين بالتحديد إعادة النظر في المادتين 76 و77 اللتين تتناولان نوع السلطات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية وشكل الإنتخابات الرئاسية التي سمحت لمبارك في البقاء على كرسي السلطة خمس ولايات على مدى ثلاثة عقود كاملة. ويتعين أيضا تعديل المادة 88 من أجل استعادة القضاء إشرافه المستقل على أي انتخابات مقبلة.
وهناك أيضا المادة 179، التي أثار الجدل بتعديلها في العام 2007 لتشمل إجراءات مكافحة الإرهاب التي تتيح لقوات الأمن الإعتقال العشوائي والتنصت والتفتيش دون مذكرات قضائية وإحالة القضايا المدنية على المحاكم العسكرية.
وعلى خلاف قانون الطوارئ، فإن هذا ليس إجراء موقتاً يستدعي موافقة البرلمان، وإنما هو امتداد للسلطات التنفيذية بموجب بنود الدستور. ومن جهته فقد قال عمر سليمان إن قانون الطوارئ هو الوحيد الذي سيُرفع ولكن "بما يتماشى مع الوضع الأمني ومتطلباته".
ونقلت صحيفة "غارديان" البريطانية عن المدونة الشخصية على الإنترنت The Arabist "العروبي" القول إن الحوار في مصر يتركز على كيفية المضي للأمام إما بدستور جديد تماماً أو تعديل الحالي ليتواءم مع الظروف الجديدة. وإحدى المبادرات المطروحة على الطاولة هي أن ينقل مبارك لسليمان السلطات التي تخول له الإشراف على المرحلة الإنتقالية بحل شقي البرلمان، الشورى ومجلس الشعب، وتشكيل لجنة من الخبراء القانونيين والقضاة المستقلين للتحضير لمسألة تعديل بنود الدستور أو إعادة صياغته.
على أن وسط الخبراء من يحذر من أن رحيل مبارك مبكرا قد يحيل التغيير أكثر صعوبة. وفي هذا الصدد قال إبراهيم درويش، محاضر القانون الدستوري في جامعة القاهرة، في لقاء مع صحيفة "المصري اليوم": "إذا استقال مبارك أصبح الوضع خطرا لأن هذا سيحدث فراغا دستوريا. وهذا بدوره يعني أننا سنصبح عاجزين عن تعديله".
وفي الجهة المقابلة يحث شريف يونس، وهو محاضر قانوني آخر، على النظر الى التغيير في مصر في أكبر سياق ممكن. ويقول: "من الخطأ اعتبار الدستور مقدسا في الوقت الحالي. وصحيح أن العديد من المؤسسات تعمل وفقا لبنوده وإن كان بشكل سطحي في بعض الحالات. على ان الذي يفتقر اليه الحوار الآن هو النقاش الأمين حول حقيقة ان الدستور يوجد في إطار أكبر يتصف بسيادة الاستثناء على القاعدة وبأن الممارسات السياسية كثيرا ما تتجاوز حكم القانون".
ويذكر أن المتظاهرين من أجل الديمقراطية يطالبون بإطلاق سراح سجناء الإخوان المسلمين وحركتي "6 أبريل" و"25 يناير" وجماعات أخرى، مثلما يطالبون بالحريات العامة وحرية الإعلام المحلي والأجنبي والسماح لرموز المعارضة بمخاطبة الجماهير عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة. كما يطالبون ايضا بإشراف مدني على قوات الشرطة والأمن وأن يتولى الجيش حراسة الفترة الانتقالية نفسها، بمعنى أن يشرف على مسيرتها الى حين تتوّجها بانتخابات ديمقراطية.