ملف الشروق أون لاين: صفية..الطفلة التي تحوّلت إلى قضية دولة
**"شاربوك" يهين الدولة الجزائرية وساركوزي يطلب من بوتفليقة التدخل لاسترجاع صفية
**شاربوك يقول بأن قضيّة صفية "مُسيّسة"
**اتصالات مُنتظمة ومستمرّة بين وزيرة العدل الفرنسية وزرهوني بشأن القضية
**محمد يوسفي الأب البيولوجي لصفية في حديث لـ"الشروق أون لاين":
"صفية ابنتي بنسبة 99.99 بالمائة وأطالب بنتائج تحاليل الحمض التي أجريتها قبل عامين"
**عائلة صفية تردّ على "لوموند"
عشيّة عرض القضيّة على المحكمة العليا
"شاربوك" يهين الدولة الجزائرية وساركوزي يطلب من بوتفليقة التدخل لاسترجاع صفية
**شاربوك يقول بأن قضيّة صفية "مُسيّسة"
*اتصالات مُنتظمة ومستمرّة بين وزيرة العدل الفرنسية وزرهوني بشأن القضية
تعرضُ، اليوم الأربعاء، في المحكمة العليا بالعاصمة قضية الطفلة صفية التي كانت الشروق تناولتها طيلة ثلاث سنوات، وستتناول المحكمة العليا بالدراسة الطّعن الذي تقدمت به عائلة صفيّة في قرار الحضانة الذي حظي به الوالد المزعوم لصفيّة "جاك شاربوك" من محكمة الصديقية بوهران قبل سنوات.
كتب: مسعود هدنه/ الشروق أون لاين
وتعود قضيّة الحضانة إلى اليوم الذي حكمت فيه محكمة الصديقية بوهران بحضانة الفرنسي جاك شاربوك لصفية وهو القرار الذي طعنت فيه عائلة صفية وتقرّر بموجبه نقل القضية بين يدي المحكمة العليا. زفي اتصال بـ"الشروق أون لاين" قال عبد الله فرح بلحوسين وهو خال صفية في بأن عائلة الطفلة تثق في العدالة الجزائرية وفي عدالة القضية التي أوضح بأنها طالت كثيرا.
من جهة أخرى، عادت صحيفة "لوموند" الفرنسية المعروفة إلى القضية عشية عرضها على المحكمة العليا، وقالت في مقال لعدد اليوم عنونته "العدالة الجزائرية تعيد دراسة قضية صوفي المُختطفة منذ العام 2005" بأن القضية كانت محلّ محادثات بين الرئيسين بوتفليقة وساركوزي قبل شهرين، وأضافت "لكن ومنذ ذلك الحين لم تعرف القضية حلا".
واستعرضت "لوموند" قضية صفية كاملة - حسب الرواية التي سمعتها من "جاك شاربوك" الأب المزعوم- وقالت بأن جدة صفية السيدة بن نكروف التي "تختطف" صفية منذ ثلاث سنوات راسلت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 15 ديسمبر من العام الماضي وطلبت منه أن ينظر في قضيتها، وأضافت بأن السيدة بن نكروف هدّدت بالانتحار مع حفيدتها من أعلى العمارة التي تقطنها في وهران إذا ما دُفعت إلى تسليم صفية لـ "جاك شاربوك"، وحاولت "لوموند" بهذا الأسلوب أن تُلصق صفة "الوحشية" بجدة الطفلة وتأليب العدالة الجزائرية عليها، عشية صدور الحكم في قضية الحضانة.
وكشفت "لوموند" بأنّ مستشارا مقربا من الرئيس نيكولا ساركوزي قال في وقت سابق بأن قضية صفية تشكل "اهتماما خاصا" في قصر الرئاسة الفرنسي وأضاف "هناك إرادة حقيقية لمعالجة هذه القضية على مستوى الرئاسة".
أما الناطق باسم وزيرة العدل الفرنسية، المغربية الأصل، رشيدة داتي، تتكفّل بصفة شخصية بهذه القضية وأوضح بأن الوزيرة داتي "تجري اتّصالات بصفة مستمرة مع وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني"، وأن الرئيس نيكولا ساركوزي ووزيرته للعدل أبرقا، مؤخرا، رسالة إلى الرئيس بوتفليقة يطلبان منه فيها التدخّل في القضية.
ووجّه شاربوك عبر "لوموند"، مناشدة للرئيس بوتفليقة يطلب منه فيها بصورة غير مباشرة أن يأمر العدالة أن تسلم له صفية، وقال شاربوك "كل شيء في هذه القضية مُسيّس، لو أراد الرئيس بوتفليقة أن تعود إلي ابنتي فسيكون ذلك في ظرف 24 ساعة.." وأضاف بلهجة حملت إهانة للدولة الجزائرية وعلى رأسها العدالة "إذا كان هناك جهاز يسير بصفة مثالية وصحيحة في الجزائر فهو الشرطة".
وسيشكّل الحكم الذي ستصدره المحكمة العليا في قضية الحضانة، حلقة مفصلية وحاسمة في مسلسل الطفلة صفية، فكيف ستفصل أعلى هيئة قضائية في البلاد في قضية طفلة تحوّلت في فرنسا إلى قضيّة دولة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد يوسفي الأب البيولوجي لصفية في حديث لـ"الشروق أون لاين"
"صفية ابنتي بنسبة 99.99 بالمائة وأطالب بنتائج تحاليل الحمض التي أجريتها قبل عامين"
**أنا مستعد لإجراء تحاليل الحمض النووي في فرنسا إذا أرادوا ذلك
في هذا الحديث "للشروق أون لاين"، والذي يأتي لحظات قبل أن تبُتّ المحكمة العليا في قضية الحضانة المتعلقة بالطفلة صفية، يتحدّث السيد محمد يوسفي وهو الأب البيولوجي- كما يقول- لصفية، عن ظروف زواجه من والدة صفية السيدة خديجة فرح بلحوسين، رحمها الله، ويكشف ما أسماه "إخفاء" نتائج تحاليل الحمض النووي الذي كان أجراه قبل عامين رفقة صفيّة، ويوجّه نداء عاجلا للرئيس بوتفليقة يدعوه فيه لأن يتدخل في القضية قبل فوات الأوان.
هذا، وقد اعتذر السيد يوسفي عن التقاط صورة له بسبب ارتباطاته العائلية.
حاوره:مسعود هدنه/الشروق أون لاين
*الشروق أون لاين: هل لنا أن نعرف من أنتم؟
*محمد يوسفي: أنا محمد يوسفي، من مواليد الجزائر العاصمة، أبلغ من العمر 42 عاما، مدير عام لشركة خاصة، متزوّج وأنتظر مولودا قريبا إن شاء الله. عشت فترة طويلة في وهران، واليوم أقيم في العاصمة لكنني دائم التنقل بينها وبين وهران بسبب ظروف العمل والتزاماته.
*الشروق أون لاين: نريد أن نعرف منكم قصة ارتباطكم بالسيدة خديجة، زوجتكم السابقة، رحمها الله، كما نود أن تطلعونا على ملابسات افتراقكما؟
*محمد يوسفي: تعود قصة معرفتي بخديجة، رحمها الله، إلى العام 93، لكننا لم نتزوج إلا بقدوم العام 99، غير أن زواجنا لم يُعمّر سوى عام واحد تقريبا، إذ تطلقنا في أواخر العام 2000. بعد ذلك عُدنا إلى بعضنا ثانية لكن من دون وثائق وإنما بعقد عرفي، كان هذا في أواخر العام نفسه أو في بداية العام 2001، لست أذكر التاريخ بالتحديد، وبقينا معا إلى الـ11 ماي 2001 وهو التاريخ الذي تطلقنا فيه ولم نلتق بعدها أبدا إلا مرّة واحدة كانت عبر الهاتف، إلى أن بلغني نبأ وفاتها.
*الشروق أون لاين: وُلدت صفية في العاشر ديسمبر من العام 2001، أي سبعة أشهر بالضبط من تاريخ انفصالكما، نريد منك إجابة محدّدة، هل كانت خديجة حاملا منك في تلك الفترة؟
*محمد يوسفي: أؤكّد لكم بأنّي وخديجة كنا على علم بالمولود الذي في بطنها، ولطالما قلّبنا قضيّة مصير هذا المولود بعدما قررنا أن ننفصل نهائيا، إذ تأكدنا أننا لا نستطيع أن نعيش معا أبدا، واتفقنا على أن نفترق شريطة أن نرعى مولودنا ولا نفرّط فيه أبدا، كلٌّ من جهته.
*الشروق أون لاين: على أيّ أساس تؤكّد أنه كان هنالك مولود في بطن زوجتك السابقة؟
*محمد يوسفي: إجابتي ستكون من جانبين. الجانب الأول أني متأكّد من داخلي ومن أحاسيس الأبوة التي تسكنني منذ ذلك الحين، أن هذه البنت هي ابنتي بنسبة 99.99 بالمائة، وأنا هنا أقصد صفية.
الجانب الآخر من الإجابة، أني تقدّمت مع صفية في 04 جانفي 2006 على الساعة 14.30 مساء إلى المخبر العلمي للتحاليل الجينية بـ"شاطوناف" بالعاصمة والتقينا بالدكتور بشّار وأجرينا تحاليل الحمض النووي، وطلبت منهم حينها أن يأخذوا بصماتي وبصمات صفيّة الرقمية، وقد حدث ذلك فعلا، ولكني لم أحصل إلى هذه اللحظة على نتائج تلك التحاليل، وأنا اليوم أطالب بتسليمي النتائج وأتساءل: من أخفى تلك التحاليل ولماذا ولفائدة من؟
إنني أريد أن أقول من وراء هذا الكلام بأنني لو شككت مرة واحدة بأني لست أبا لصفية لما تقدّمت وأجريت التحاليل، وأنا اليوم مستعد للمثول أمام العدالة إذا ثبت بأنني لست والدها وأتحمّل المسؤولية كاملة عمّا سيلحقني بعدها.
عليّ أن أقول شيئا آخر أراه مهما في هذا الوقت بالذات أي قبل صدور الحكم من المحكمة العليا، أنا أطالب سلطات بلادي أن تظهر لي نتائج تحاليلي وتحاليل البنت ولا دخل لي في شاربوك، له أن لا يجري التحليل هذا شأنه، لكن ألا تكفي نتائج تحاليلي لتثبت ما إذا كانت صفية ابنتي أم لا؟ لماذا هذا التعطيل المريب في كشف نتائج التحاليل..ثم إنّني جاهز لأن أطير إلى فرنسا وأجري التحاليل هناك إذا أرادوا ذلك؟
*الشروق أون لاين: قلت لنا بأنك تحدّثت إلى خديجة هاتفيا قبل وفاتها، ماذا قلت لها؟
*محمد يوسفي: الحقيقة أنها هي التي كلمتني. لقد قالت لي بأنها تريد أن تخبرني شيئا عن المولود الذي كان في بطنها؟
*الشروق أون لاين: وماذا قالت لك؟
محمد يوسفي: قالت لي بأن المولود حي وعمره ثلاث سنوات، وهذه المكالمة دليل آخر على أن صفية ابنتي. صحيح أنه ليس لدي إثبات على هذا، لكن هذه المكالمة تدفعني على المستوى الشخصي لأن أواصل المسيرة من أجل استرجاع ابنتي.
*الشروق أون لاين: هل دخلت كطرف في "الحرب" الدائرة بين عائلة زوجتك السابقة والرعية الفرنسي جاك شاربوك؟
*محمد يوسفي: حاولت ذلك وتقدّمت بالعديد من الشكاوي ضدّ شاربوك ولكن العدالة رفضت كل شكاواي بدعوى أنّي لا أملك الصفة، فأنا لست رقما في هذه القضية في نظر العدالة الجزائرية.
*الشروق أون لاين: صحيفة "لوموند" الفرنسية تقول بأن فرنسا الرسمية، رئيسا ووزراء، تقف مع شاربوك في هذه القضية؟ وتقول الصحيفة أيضا بأن ساركوزي ووزيرته للعدل راسلا بوتفليقة وطلبا منه التدخل في هذه القضية، ماذا تفهم من هذا الكلام؟
*محمد يوسفي: وأنا أيضا أطلب من الرئيس بوتفليقة أن يتدخل. أنا لا أنكر على المسؤولين الفرنسيين واجبهم في أن يقفوا مع مواطنهم، وبدوري أيضا أريد من الرئيس بوتفليقة ومن الدولة الجزائرية كلها أن تقف مع مواطنتهم صفيّة ومع مواطنهم محمد يوسفي ومع مواطنتهم السيدة صفية بن نكروف.
*الشروق أون لاين: هل من كلمة أخيرة بما أن القضية تعيش مرحلة حاسمة؟
*محمد يوسفي: في كلمة واحدة أقول بأن المتضرّر الأكبر في هذه القضية هي صفية. صفية الآن عمرها أكثر من 7 سنوات وهي لم تدخل المدرسة إلى الآن ولم تنل حقوقها الطبيعية كطفلة، إنها لا تعيش حياة طبيعية، فهل ستسمح عدالتنا بأن تُؤخذ صفية إلى فرنسا مع انتفاء أي دليل يثبت أنها فرنسية؟
ــــــــــــــــ
عائلة صفية تردّ على "لوموند"
وفي أول ردّ فعل منها على مقال "لوموند" الصادر يوم الثلاثاء 12-08-2008، اتهمت جدّة الطفلة صفية السيدة بن نكروف الصحيفة بالخضوع لـ "هيمنة" الدولة الفرنسية والنظام الفرنسي وسياسته القائمة على "استعداء المسلمين"، وأضافت "إنها سياسة حكومية تظهر بوضوح".
وقالت السيدة بن نكروف بأن "لوموند" وغيرها من وسائل الإعلام الفرنسية المُوجهة من طرف الدولة الفرنسية "تحاول أن تُسيّس هذه القضية غير العادلة المتعلّقة بالطفلة الجزائرية اليتيمة صفية"، واسترسل الردّ قائلا "إن الهدف من وراء تدخل الدولة الفرنسية في هذه القضية هو إظهار اليد الطولى لهذه الدولة في مستعمراتها السابقة ومنها الجزائر"، وضربت السيدة بن نكروف مثالا بما يجري في تشاد، حيث أفادت بأن الرئيس ديبي في تشاد قال بأنه يفكّر في العفو عمّن وصفتهم "عصابة المفسدين" الذين تورّطوا في قضية محاولة تهريب أطفال تشاديين إلى فرنسا، وقد ساقت السيدة بن نكروف هذا الكلام لتؤكّد - حسبها- عدم استقلال تشاد كمستعمرة فرنسية سابقة بقرارها في قضية تهريب أبناءها على فرنسا.
وقالت بن نكروف لـ"لوموند" بأن كل المراسلات التي وجهتها للمسؤولين الفرنسيين لإجبار شاربوك على إجراء تحاليل الحمض النووي لم تؤخذ بعين الاعتبار وقالت "أنتم أيضا مُهيمنٌ عليكم من طرف مسؤوليكم"، ودعت السيدة بن نكروف فرنسا إلى إعادة النظر في هويتها كدولة قائمة على العدالة وحقوق الإنسان "يجب أن تعيدوا النظر في هذه المفاهيم".
وختمت بن نكروف موجهة كلامها إلى كاتبة المقال في "لوموند" "سيدتي، إن مسألة إجراء تحليل الحمض النووي لا مناص منها بالنسبة لقضيتي، وإذا كنت تعتقدين بأن صفية هي ابنة شاربوك ففي هذه الحالة، فلن تكون وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي مغربية-جزائرية الأصل، بل ستكون سويدية أو نرويجية".في إشارة إلى أن تحاليل الحمض النووي هي الوحيدة القادرة على إثبات أصول أي شخص.
ــــــ
مسعود هدنة