يوسف العربي... الأمازيغي الهداف
مجرد صدفة جعلت يوسف العربي، الدولي المغربي، لاعبا محترفا، كان يمكن أن يترك كرة القدم والملاعب الكبيرة للاكتفاء بكرة القدم داخل القاعة، كان يمكن أن ينقاد هذا اللاعب المولود في فرنسا والمتحدر من ورزات إلى نزوات المراهقة، ويضيع موهبة تمتدحها الآن وسائل الإعلام المتخصصة في كرة القدم، وتعتبرها اكتشاف الموسم الجديد، وتلقبه بالرشاش، ربما للحركة التي يقوم بها بعد تسجيل أي هدف.
لا أحد كان يصدق أن هذا الشاب غير المنضبط يمكن أن يعود إلى الملاعب المعشوشبة والجمهور الغفير. يقول ثييري طراوري مدربه السابق الذي طرده من فريق "كان" قبل أن يعود إليه " لم تكن تتوفر فيه تلك المواصفات التي يطلبها ناد محترف في ما يخص الصرامة والانضباط" كما أن سلوكه المنفلت وغياب الجدية أثرا بشكل كبير على مساره، وجعله يتراجع إلى الخلف ويلعب إلى جانب ناد صغير في المدينة، وقضى فيه ثلاث سنوات كانت بمثابة مدرسة يتعلم فيها آداب الكرة والاحتراف، مساعدة إياه على العودة إلى القمة. وبالفعل فقد تم استدعاؤه مرة ثانية إلى ناديه الأصلي، واحتفظ به في البداية كاحتياطي للتأكد من أنه استفاد من الدرس. بعد أن كان يوسف العربي أحد النجوم الذين ساهموا في صعود فريقه إلى القسم الأول في البطولة الفرنسية، ها هو الآن يكتشف صفوة البطولة الفرنسية ويلعب ضد الكبار.
لقد سبق له وأن ظهر لفترات نادرة في الدرجة الأولى قبل أن ينزل فريقه. لم يكن إلا مجرد لاعب احتياطي، بينما انتزع الآن رسميته وصار رقما لا يمكن تجاوزه في حسابات فريقه، بل إنه أصبح أيضا واحدا من أفضل الهدافين في فرنسا.
يتوفر يوسف العربي على كل المقومات التي تجعل منه مهاجما كبيرا. إلا أنه مع ذلك لا يمكن التغاضي عن بعض سلبيات اللاعب، الذي كان يلعب سابقا كرة القدم داخل القاعة، والتي يجب أن يشتغل ويعمل للقضاء عليها، كما يقول بعض الذي تتبعوا مساره من البداية.
إنه بالفعل جد موهوب من الناحية التقنية ويعرف الجميع أنه شارك مع المنتخب الفرنسي لكرة القدم داخل القاعة للذين تقل أعمارهم عن 21 سنة سنة 2008 ، إلا أن ذلك تسبب له في بعض العادات السيئة : فهو يتعامل مع الكرة بشكل جيد، لكنه يقوم في نفس الوقت ببعض الحركات التقنية التي تصبح مع الوقت زائدة ومؤثرة سلبيا على مردوده.
لقد عمل مدربه فرانك ديما على تدريبه من أجل التخلص من ذلك، ولكي يتجنب تعقيد اللعب "لم يكن الأمر سهلا دائما، إن يوسف شخص يحب مداعبة الكرة والتحكم فيها، ولهذا عليه أن يفهم أنه في المناطق المحايدة لا جدوى من تعقيد الحياة"، مع ذلك فإن كرة القدم المصغرة منحته حسا كبيرا في التعامل مع الكرة، وهذا ما يؤكده مدربه"إنه في منطقة الحقيقة فقط تظهر أهمية كل مواهبه وإمكاناته"
يرى يوسف العربي أنه"في كرة القدم داخل القاعة عليك أن تكون مرتاحا من الناحية التقنية خاصة في المساحات الصغيرة، وهذا ما يسمح لي اليوم باقتناص الفرص ، في ما يتعلق بالفعالية فإنها تأتي لوحدها" رغم ذلك فهو مقتنع بأن عليه تبسيط طريقة لعبه وعدم الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة ليكون أكثر فعالية داخل الملعب.
يقول هنري إميل، واحد من الذين ساهموا في تطوير كرة القدم داخل القاعة، في ما يخص حالة يوسف العربي، إنه"يجد يوسف سهولة في تحكمه في الكرة أمام المرمى بفضل كرة القدم المصغرة، والتي تلزمك على التحرك والرد بسرعة لأن الخصم سيداهمك في لحظة خاطفة".
لقد كوفىء يوسف العربي على إنجازاته، وبالفعل فقد تم استدعائه لأول مرة إلى صفوف المنتخب المغربي ، وهو ما شكل فخرا كبيرا بالنسبة للاعب.
ورغم عروضه المميزة فإن يوسف العربي لم يتمكن من إخراج ناديه من الوضع الحرج الذي يتواجد فيه، والذي مازال يكافح من أجل تفادي النزول، و يبدو أنه لا يتوفر على الإمكانات لإشباع طموح مهاجمه الذي اختار اللعب للمغرب. العربي الآن في الثالثة والعشرين من عمره ويتطلع إلى اللعب في فريق يحتل الصفوف الأولى، مع أنه لا يفضل الحديث في هذا الموضوع حاليا"لن أركب رأسي في الفترة الحالية والفريق مهدد بالنزول"، فمسؤولو الفريق يرغبون في الاحتفاظ بمهاجمهم هذا الشتاء، إلا أنه يبدو أن مصيره سيتحدد هذا الصيف، حيث تلاحقه عدة أندية من بينها أولمبيك مارسيليا وأولمبيك ليون وباري سان جرمان وبوردو وجوفنتوس وأندية إنجليزية، بعد أن أدهش الجميع بأهدافه التي سجلها على فرق تعتبر كبيرة في فرنسا، مع أنه يلعب في ناد متواضع.
ميزة يوسف العربي أنه استفاد من نزق المراهقة، وصار شخصا ناضجا وذا حس احترافي، وحين اختار المغرب كان يعرف أن خط الهجوم هو الأقوى في المنتخب الوطني، وأن هناك لاعبين متمرسين لهم مكانتهم التي لا يمكن انتزاعها بسهولة، ولحد الساعة فهو مرتاح لوضعه كلاعب احتياطي، يتفرج على الشماخ أو الحمداوي، وينتظر الفرصة السانحة ليأخذ مكانهما، ويؤجل إلى حين مراوغاته التي قد تسرق قلوب الجمهور المغربي، وتنسيهم صرامة الشماخ وعقلانيته المفرطة في اللعب.