مصر على موعد مع إختبار مبكر مع عودة البورصة إلى العمل من جديد
الحذر ينتاب المستثمرين خوفاً من المخاطر المصاحبة لرحيل مبارك
أشرف أبو جلالة من القاهرة
في خضم احتفال المصريين بثورتهم الشعبية التي نجحت في الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، بعد 30 عاماً قضاها في الحكم، بدأت تُثار تساؤلات حول الفصل المقبل الذي ينتظر أن تدخله البلاد على الصعيد الاقتصادي، فهل ستشارك مصر في ازدهار الاقتصاد العالمي، أم أنها ستخضع للفوضى، وتدخل حقبة أخرى من الفرص الضائعة؟
القاهرة: ينتظر أن تواجه مصر اختباراً مبكراً عندما تتخذ البورصة قراراً بعودة العمل مرة أخرى. حيث يُحتَمل أن يشهد استئناف التداول، بعد أكثر من أسبوعين، حالة من الفوضى.
وهو ما يُذكِّر أيضاً بالمخاطر الكبرى التي يواجهها المستثمرون عندما يستثمرون في الأسواق الناشئة والحدودية، تبعاً لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
وأكدت الصحيفة في السياق عينه أيضاً أن المخاطر التي تحدق بالاستثمار في مصر وبورصات الشرق الأوسط، بعد تنحّي مبارك يوم الجمعة الماضي، تشذّ بشكل كبير عن القاعدة، لدرجة إنها قد تفوق المكافآت المحتملة، في المدى القريب على أقل تقدير.
وفي مقابلة لها قبل الإعلان عن خبر تنحي الرئيس مبارك، قالت كيت مور، الخبيرة الإستراتيجية في الأسهم العالمية في بنك أوف أميركا ميريل لينش، متحدثةً عن مصر "يجب أن يكون لدى المستثمر المناقض في تلك المرحلة درجة عالية من تحمل المخاطر لدخول سوق بقدر كبير من عدم اليقين". وأعقبت الصحيفة بقولها إن مصر تدخل على ما يبدو الآن في نظام سياسي كامل جديد، وهو ما يُقدِّم للمستثمرين تحديات غير معروفة.
هنا، عاودت مور لتعتبر أن "هذا اضطراب هائل لنظام سياسي قائم، ومن المحتمل أن يستمر ذلك لمدة أطول تزيد عن بضعة شهور قليلة. فإذا كنت معرضاً لهذا المستوى من المخاطر، وأنت مغطى بشكل جيد في أجزاء أخرى من محفظتك، فهذا حظ سعيد. لكن من الصعب بالنسبة لنا أن نكون متحمسين".
ورأت الصحيفة من جانبها أن المشكلة تكمن في أنه في الوقت الذي تمر فيه الأسهم المصرية بمأزق، فإن المشترين لم يعرفوا فحسب القيمة الحقيقية للمحفظة الاستثمارية، وإنما دفعوا كذلك سعرًا أعلى من آخر قيمة صافية للأصول قام الصندوق بالإعلان عنها.
مع هذا، لم تستبعد الصحيفة احتمالية مساهمة تلك الثورة التي شهدتها مصر أخيراً في تحسين الأوضاع، وهو ما جعلها تقول إن المشترين ربما يكونوا على صواب، فمن يعلم، لربما تتم معالجة الأسباب التي اندلعت من أجلها الثورة، ومن بينها ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانتشار الفقر، ونقص الفرص الاقتصادية بالنسبة إلى الشباب والمتعلمين، وتأصل الفساد في الدولة والشركات، على مدى السنوات القليلة المقبلة. ولربما يقود التغيير في مصر حكومات أخرى في منطقة الشرق الأوسط كي تسلك طريقاً يقودها نحو التحرر والعمل على تحديث اقتصادياتها.
ورغم طرحها تلك الفرضيات، إلا أن الصحيفة أكدت أن تلك الثورة لا ترتبط على ما يبدو بالمُثُل الدينية لجماعة الإخوان المسلمين. وأشارت إلى أنها ترتبط بالأحرى بحقيقة أن معظم المواطنين المصريين، الذين يقدر عددهم بـ 80 مليون مواطن، لا صلة لهم بالعولمة وفوائدها المحتملة. ويكفي أن بيانات سبق وأن كشف عنها البنك الدولي قبل عشرة أعوام قد أظهرت أن المواطن المصري يكسب في المتوسط أكثر من نظيره في الصين، قبل أن يصبح اليوم المواطن الصيني أكثر ثراءً من نظيره المصري.
وتابعت الصحيفة بنقلها عن ستيفن وود، كبير الخبراء الاستراتيجيين في شؤون السوق لدى شركة راسل للاستثمارات، قوله "هل أصبحت مصر قائدة الحركة الديمقراطية، من خلال التمثيل بالتعدد الحزبي والرأسمالية، أم أنها تُمثِّل شيئاً أكثر تطرفاً؟ والأسواق تريد أن ترى الإجابة على هذا التساؤل. فهي تريد أن تعرف أي نوع من الحكومات والأنظمة الاقتصادية التي ستبرز على الساحة في مصر خلال الفترة المقبلة".
لكن الصحيفة رأت أن المستثمرين لن يحصلوا عما قريب على إجابة لهذا التساؤل، سيما بعدما تسببت الاحتجاجات في استنزاف الاقتصاد المصري. ومن المحتمل أن تنتهي نسبة النمو المتوقعة بـ 5% في الناتج المحلي الإجمالي في هذا العام، لتصبح ثلثي هذه النسبة في أحسن الأحوال. وإذا تمكنت مصر من إحراز تقدم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فمن الممكن أن تتسبب في حدوث تحولات مماثلة في دول مجاورة.