استهداف السفارات الاسرائيلية مجددا
رأي القدس
نعمت السفارات الاسرائيلية في دول العالم بالهدوء والامان طوال السنوات الثلاثين الماضية، بسبب تخلي الحكومات العربية، ومنظمة التحرير الفلسطينية على وجه الخصوص عن الكفاح المسلح، وميلها اكثر نحو السلام عجزا او يأسا او استجابة لضغوط ومغريات اوروبية وامريكية.
بيان وزارة الخارجية الاسرائيلية الذي جرى اعلانه بالامس بان اسرائيل اغلقت اربع سفارات، وشددت الاجراءات الامنية في العديد من السفارات الاخرى، بسبب تهديدات بقرب وقوع هجمات، ربما يؤكد، اي البيان، ان مرحلة الهدوء هذه في طريقها للانحسار، وان حربا جديدة قد تبدأ.
البيان المذكور لم يحدد مكان هذه السفارات التي اغلقت او الدول التي تستضيفها، كما انه لم يحدد مصدر هذه التهديدات الامنية والجهات التي تقف خلفها، ومدى خطورتها وجديتها في الوقت نفسه، ولكن من المؤكد ان اسرائيل لا يمكن ان تقدم على خطوة كهذه لولا تأكدها من جدية وخطورة هذه التهديدات.
هناك عدة جهات يمكن الاشارة اليها كمصدر لهذه التهديدات، اولها 'حزب الله' اللبناني الذي يمثل المقاومة اللبنانية ويتزعمها، وهناك ايضا تنظيم 'القاعدة' الاصولي الاسلامي، ومن غير المستبعد ان تكون هناك جماعات جديدة غير معروفة قررت استهداف اهداف اسرائيلية من منطلقات ايديولوجية اسلامية.
'حزب الله' اللبناني هدد بالانتقام لاغتيال الشهيد عماد مغنية زعيم جناحه العسكري الذي جرت تصفيته على يد خلية من الموساد الاسرائيلي في قلب العاصمة السورية. ويتوقع الكثيرون ان يكون هذا الانتقام، في حال تنفيذه، ضخما للغاية ويتناسب مع مكانة الشهيد مغنية.
وقد اثبتت التجارب السابقة، ان 'حزب الله' اذا قال فعل، وانه يختار التوقيت والمكان المناسبين لانتقامه، سواء داخل الاراضي المحتلة او خارجها، فالمسألة بالنسبة اليه مسألة وقت وتوقيت، واختيار الهدف المناسب. ومثل هذه العمليات الانتقامية تحتاج الى إعداد جيد لضمان نجاحها، وعدم ترك اي آثار تدل على منفذيها.
آخر سفارة اسرائيلية جرى استهدافها بعمل عسكري كانت في بوينس آيريس عاصمة الارجنتين، حيث جرى تفجير السفارة المؤلفة من عدة طوابق بمتفجرات ادت الى انهيارها بالكامل ومقتل معظم الدبلوماسيين والعاملين فيها.
واتهمت اسرائيل في حينها 'حزب الله' بالوقوف خلف هذه العملية، ولكن التحقيقات التي اجرتها الحكومة الارجنتينية لم تتوصل الى اي دليل قاطع حول هوية المنفذين او الجهات التي ينتمون اليها، رغم مشاركة محققين اسرائيليين ينتمون الى الاجهزة الامنية في هذه التحقيقات.
اسرائيل التي تحكم حاليا من قبل حكومة يمينية متطرفة استفزت عدة جهات عربية واسلامية عندما ارتكبت قواتها مجزرة سفن الحرية في عرض البحر المتوسط، وشنت عدوانا على قطاع غزة استخدمت فيه قنابل الفوسفور الابيض الحارق المحرم دوليا، مما ادى الى ادانتها حسب تقرير القاضي غولدستون بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية. وفوق كل هذا وذاك نسف عملية السلام من خلال مواصلتها الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي مدينة القدس على وجه الخصوص.
رفض الحكومة الاسرائيلية لمبادرة السلام العربية، وتقويضها من خلال التغول الاستيطاني اعادها الى المربع الاول، وقلص الكثير من التعاطف العربي والدولي معها الذي كان في ذروته (وخاصة الدولي) في مرحلة السبعينات عندما كانت سفاراتها هدفا لهجمات من قبل فصائل فلسطينية متشددة.