لا يمكن اختزال الديمقراطية في صندوق الانتخابات
عمّان ـ هنادي فؤاد
قال النائب الأردني ورئيس جمعية "برلمانيون ضد الفساد" الدكتور ممدوح العبادي في حواره الخاص مع "العرب اليوم" إن الإصلاح السياسي يرتبط مع الاقتصادي ولا يجب فصلهما لأنهما يشكلان جناحي الإصلاح الشامل، كما تحدث عن رأيه في الحكومة الأردنية الجديدة وموضوع إنشاء نقابة المعلمين وغيرها من القضايا الحيوية في الشارع الأردني، فإلى نص الحوار:
* ما رأيكم في الحكومة الأردنية الجديدة تحت رئاسة معروف البخيت؟
- هذه الحكومة لن تكون قادرة على تحقيق الإصلاح السياسي في المملكة لأنها جاءت "بالبارشوت"، والديمقراطية لا يصنعها أناس غير ديمقراطيين، والذين ركبوا موجة التونسة والمصرنة يريدون أن يشتروا الوقت ليقنعونا بأنهم إصلاحيون، وهذا أمر لا يجوز على الإطلاق في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، ولابد من البحث عن شخصيات ديمقراطية حقيقية تؤمن بالنهج الديمقراطي أسلوبًا للحياة، ومثل هذه الشخصيات فقط هي من يستطيع أن يصنع الإصلاح السياسي في الأردن.
* يتردد الآن على ألسنة المطالبين بالإصلاح أنه يجب تعديل قانون الانتخابات للحصول على حكومة منتخبة تُراعي مصالح الشعب، ما رأيكم؟
- ينبغي عدم اختزال قضية الإصلاح السياسي في الأردن في جزئية واحدة هي تعديل قانون الانتخابات؛ فالديمقراطية ليست صندوق اقتراع فقط، الديمقراطية تعني صحافة حرة وتعني المواطنة وتعني المساءلة والمحاسبة وتعني الحريات العامة والعدالة والمشاركة، وإذا كان البعض يعتقد أن الأردن سيدخل في مرحلة الإصلاح الحقيقي عند تعديل قانون الانتخابات فقط فهذا خطأ كبير، إضافةً إلى أن الحكومة الحالية غير قادرة على تحقيق الإصلاح والديمقراطية الحقيقية.
* وماذا عن حل مجلس النواب الحالي، البعض يرى أن هذا من ضرورات الإصلاح..
- ليُحل مجلس النواب منذ اليوم إذا كان ذلك سيصنع الإصلاح السياسي في المملكة..! أنا أشك في قدرة الحكومة الجديدة على القيام بأية إصلاحات، والحديث الجاري عن الإصلاحات هو فقط لشراء الوقت.
* ما وصفتكم للإصلاح إذن؟
- أعتقد أن عملية الإصلاح السياسي في الأردن ترتبط عضويًّا مع قضية الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيزها، وتوافر الإرادة السياسية لمكافحة الإقليمية والجهوية والطائفية والشللية والمحسوبية وجميع أشكال التمييز لا تكفي وحدها ما لم تتعزز مع فهم عميق لمغزى الإصلاح السياسي الذي يأخذ مضمونه من ضرورة تجاوز مفاهيم المحاصصة الديموغرافية.
والإصلاح السياسي يرتبط مع الاقتصادي، حيث إن الإصلاح في مفهومه الشامل ما يزال بطيئًا في الأردن إن لم يكن متوقفًا، على الرغم من أن قضية الإصلاح كانت على رأس أولويات جميع الحكومات التي تشكلت في الأردن خلال السنوات العشر الأخيرة.
كما يجب تلازم الرغبة مع القدرة لتحقيق الإصلاح، وحدوث ذلك أمر مهم وحيويّ إذا ما أريد لعملية الإصلاح السياسي في الأردن أن تنطلق بجدية، فالإصلاح يعني تطوير الحياة الديمقرطية، وذلك يعني تلقائيًّا تسريع العملية الديمقراطية التي لا ينبغي لها أن تبقى مجرد سجال برلماني؛ فالعمل البرلماني أحد أركان البناء الديمقراطي وليس كله، والتجربة الديمقراطية الأردنية ستبقى مبتورة ومجتزأة ما لم تتولد إرادة سياسية جدية في إحداث تنمية سياسية شاملة تأخذ في الاعتبار أهمية دعم مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومنظمات غير حكومية بما يحقق التوازن المطلوب بين جميع عناصر المشهد السياسي الوطني.
* في الحديث عن الأحزاب، كيف ترى دور الأحزاب الأردنية في الإصلاح السياسي في الوقت الراهن؟
- يجب تعزيز وتطوير الحياة الحزبية وحدوث ذلك أمر بالغ الأهمية للمسار الديمقراطي في الأردن، ولا ينبغي الركون إلى الوضع الراهن الذي شهد تآكلا لدور الأحزاب بفعل عوامل موضوعية عدة.
وعلى الحكومة أن تضع استراتيجية جديدة للنهوض بالأحزاب من خلال مؤتمر وطني يعقد لهذه الغاية، وبالتوازي يجب تعزيز دور النقابات المهنية والنقابات العمالية وإشراكها فعليًّا في رسم السياسيات الاقتصادية لأها تمثل القوى العاملة التي لحقها ضرر بالغ جراء تبني سياسات اقتصادية تغفل الأبعاد الاجتماعية ولا تقيم وزنًا لها.
* وما رأيكم في قرار منع إنشاء نقابة للمعلمين في الأردن؟
- ينبغي أن يعاد النظر في فتوى المجلس العالي لتفسير الدستور المتعلقة مع عدم دستورية انتساب الموظف العام إلى نقابة حتى لا تظل تلك الفتوى سيفًا مسلطًا على المنتسبين إلى النقابات المهنية من الجهاز الحكومي ومنهم المعلمون بالطبع.
كما يجب استكمال حلقات التطوير والتحديث بشكل مُلحّ لإنشاء "محكمة دستورية"، فالأصل في الدستور الإباحة، ولا يوجد نص يمنع إنشاء محكمة دستورية، ومحكمة العدل العليا لا يمكنها أن تملأ الفراغ الناشئ عن غيابها في بعض الحالات.
* بعد تراجع الأردن في مؤشرات الفساد في منظمة الشفافية الدولية.. ما الحل من وجهة نظركم؟
- الفساد أحد أوجه الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، وقراءة مؤشرات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية تجلعنا ذلك ندق ناقوس الخطر من استشراء هذه القضية، فيجب على الحكومة الاستمرار في فتح ملفات الفساد وتحويل جميع الملفات التي ثارت حولها شبهات إلى هيئة مكافحة الفساد، ولا ينبغي لأية مؤسسة في الدولة أن تكون بمنأى عن المحاسبة.