الفلسطينيون يستلهمون خطواتهم من ثورتي مصر وتونس
حملات شعبية على فايسبوك لانتخاب مجلس وطني وإنهاء الانقسام
حنين عويس
أطلق شبان فلسطينيون 118 صفحة على موقع فايسبوك منها 112 صفحة تحمل عنوانا صريحا هو "الشعب يريد إنهاء الانقسام"، وأخرى تنادي بنفس الرسالة، وبلغ عدد المسجلين في هذه المواقع حتى لحظة إعداد التقرير 44891 شابا وشابة، أصولهم فلسطينية وأخرى عربية.
رفعت الحملات الشبابية على فايسبوك العديد من الشعارات الداعية إلى تجسيد إرادة الشعب الفلسطيني في إنهاء الانقسام، استنادا إلى رؤية وطنية موحدة تقوم على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية والحقوق التاريخية في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
ودعا سامي شامسي، أحد منسقي الحملة عبر "إيلاف"، الشعب الفلسطيني عبر هذه المواقع للمشاركة في مسيرات ومظاهرات شعبية، تطالب إنهاء الانقسام، وذلك المسيرات التي ستنفذ أمام ممثليات وسفارات منظمة التحرير حول العالم أو في الأماكن التي يستطيع الشعب التجمع فيها، وذلك في 28 شباط/ فبراير. للمطالبة بانتخاب مجلس وطني فلسطيني على الأسس الموضحة بالعريضة، بدافع التمسك بكافة حقوق الشعب الوطنية والسياسية التمثيلية، قائلا:"أننا سنقوم بتطوير خطواتنا استناداً لتطور الحركة والتي انطلقت كتحصيل حاصل للظروف الإقليمية والموضوعية التي يمر بها الفلسطينيون في كل أماكن تواجدهم، وبما يتم التوافق عليه بين المشاركين فيها".
حملة التمثيل الوطني الفلسطيني
تعتبر حملة التمثيل الوطني الشبابي الفلسطيني، كما أشار رائد وحش وعمر أمارة من منسقي الحملة لـ"إيلاف"، مبادرة شبابية مستقلة، أطلقها مجموعة من الشباب الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم. وتفاعلاً مع التأييد الذي تلقته الحملة، ونتيجة مبادرات دعت لتطوير الحملة دعونا للتظاهر والاعتصام، مؤكدين على مواقعهم على شبكة فايسبوك أنهم في صدد صياغة المطالب النهائية والتي تتمحور حول " الشعب يريد إنهاء الانقسام، الشعب يريد إنهاء الاحتلال، التمسك بالثوابت الوطنية"عودة، حرية، استقلال" عنوانا للوحدة الوطنية، الاحتكام لانتخابات ديمقراطية نزيهة سبيل للتدوال السلمي للسلطة".
وعن إطلاق الحملة قال وحش وأمارة، من أجل تصويب الوضع الراهن سياسياً وتمثيلياً، ليعود للشعب حقه بتقرير مصيره بنفسه، وإعادة بناء مؤسساته الوطنية بحيث تصبح معبرة عن إرادته، وأداته لجسر العلاقة بين قطاعاته وتوحيد جهوده. بعد ما عانته منظمة التحرير من تصدعات كبيرة نتيجة إحكام السيطرة عليها، وانتشار الفساد فيها، وتعطيل مؤسساتها، من قبل نفس القيادة التي تجرأت على حذف وتعديل الكثير من مواد الميثاق الوطني، دون العودة للشعب، حتى يتاح لها استخدام المنظمة كوسيلة لشرعنة تنازلاتها وشطب حقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضحا "لإيلاف" "بأن طرح موضوع التمثيل الوطني الفلسطيني يعد موضوعاً بالغ الحساسية، وقضية محورية في الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الاسرائيلي وعملائه، لأن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هو منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تأسست عام 1964 وأجمعت عليها كل القوى والفصائل الفلسطينية. في حين استأثرت سلطة رام اللـه بقيادتها وبمؤسساتها وقراراتها، والتي عدلت الميثاق الوطني الفلسطيني ليتناسب مع مستوى تنازلاتها وعلاقاتها مع الاحتلال، رغم أن الميثاق هو البرنامج الإستراتيجي الشرعي الوحيد لنضال الشعب الفلسطيني لتحرير كامل فلسطين، وأن أي تعديل أو إلغاء لأية مادة منه يحتاج إلى إجماع الشعب الفلسطيني؛ فهو وحده صاحب الحق في ذلك".
وشدد الوحش وأمارة على أن تمسك الحملة بمنظمة التحرير، ينبع من قناعتهم بكونها شكلت إنجازاً تاريخيا للشعب، الذي عانى ولا يزال يعاني في جميع أماكن تواجده تهميشاً مقصوداً من قبل القيادة المتنفذة في منظمة التحرير، وتم توقيع اتفاقيات باسمه تتنافى مع مصالحه ودون مشاورته. مطالبين بإعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وتمكينها من تصويب آلياتها ومسارها لتتناسب مع حقوق الشعب، اذ أن القيادة الحالية بسلوكها ونهجها السياسي الحالي ليست ممثلا شرعياً للشعب الفلسطيني، وغير قادرة على قيادة نضالاته، وهو ما لا يمكن تصويبه دون اعتماد الديمقراطية الشعبية وتثبيت أن الشعب وحده هو مصدر الشرعية.
وفي اطار الخطوات الإجرائية التي تنادي بها الحملة أوردا وحش وأمارة:
أولاً: سنذهب إلى انتخاب مجلس وطني فلسطيني يمارس الشعب الفلسطيني من خلاله الديمقراطية الشعبية التي تعيد الاتزان إلى الصورة السياسية والتمثيلية الفلسطينية.
ثانيا: إننا نسعى للعمل على نقد حقيقي للآليات المستخدمة اليوم في الساحة الفلسطينية، وتبني طرق العمل التراكمي، ووسائل العمل الديمقراطية والحوار مع الوطنيين الفلسطينيين أفراداً وجماعات، وصولاً إلى تحقيق هدفنا بأن "لا تمثيل وطنياً فلسطينياً إلا لمجلس وطني منتخب من قبل الشعب الفلسطيني في الشتات والأراضي المحتلة عامي 1948 و1967 وبذلك نعيد للشعب الفلسطيني حقه في انتخاب ممثليه الذين يثق بهم.
ثالثا: نحن سنقوم بتطوير خطواتنا استناداً لتطور الحركة وبما يتم التوافق عليه بين المشاركين فيها، كما أننا اليوم بصدد وضع خطة عمل للاستمرار بالفعاليات والنشاطات التي لن تتوقف حتى نحقق مطالبنا المتمثلة بالحرية والديمقراطية والعدل، وبحق المشاركة السياسية، وبالديمقراطية الشعبية، أما فيما يتعلق بالاعتصام المدعو إليه والذي بدأت المجموعات الشبابية بالتنظيم له حول العالم، في الدول الأوربية والأمريكيتين وفي الدول العربية وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عامي 48 و67، إن هذا الاعتصام سيكون الانطلاقة لمجموعة من النشاطات التي ستستمر حتى تحقيق المطالب.
رابعا: كما أضاف شامسي فالحملة في صدد فتح قناة حوار تضمن لكل فلسطيني راغب في المشاركة حقه في صياغة المطالب الجماعية.
تحدي للخطاب السياسي..
أجمع الباحثون الاجتماعيون لهذه المرحلة والتي وصفت "التحول من مرحلة غزل الأدمغة إلى خلق واقع أفضل"، من أبرز جوانب التميز في دور الشبكات الاجتماعية و قدرتها على تطوير خطاب سياسي يتحدى الخطاب السياسي الرسمي. هذا ما أكده تقرير التنمية البشرية 2010 والذي أشار إلى أن وجود الحكومة على الإنترنت يتسم بالضعف الشديد، وهو ما يؤشر على عدم وجود قنوات اتصال بين الشباب والنخبة الحاكمة، حيث تتسم مجموعات الأحزاب السياسية على فايسبوك بالركود والخمود وقلة العضوية.
ويجدر بنا التركيز هنا على أن شباب فايسبوك قد مارسوا أدوارا رقابية هامة، لنشر وتداول العديد من التقارير التي اشارت إلى سوء استخدام عدد من الحكومات العربية، السلطة وقوانينها ضد شعوبها. متوجهين لموقع اليوتيوب لنشر لقطات مصورة وفيديوهات توثق الأحداث بالصوت والصورة لتكشف عددا من الوثائق التي تعمد رجال السلطات بإخفاءها والتستر عليها.
كما وأنشأ ناشطو موقع فايسبوك في الآونة الأخيرة، صفحة "مجموعة رصد" في عدد من الدول العربية والتي تعمل على عرض تطورات الأحداث أولا بأول، واعتمد عليها كثير من وسائل الإعلام في الحصول على الأخبار في ثورتي مصر وتونس، كما تحولت صفحات الشباب الشخصية إلى صفحات إخبارية وإعلامية لعرض الأخبار والفيديوهات والدخول في مناقشات وحوارات لتبادل وجهات النظر.
ومن الجدير بالذكر، أن الشباب يفضل في بعض الأحيان التخلي عن يافطة الأحزاب السياسية التي ينتمون لها، ويبادرون إلى الانضمام إلى حركات جديدة، ولكنهم قد يعودون مرة أخرى إلى تنظيماتهم إذا تعثر الكيان الجديد، ويفضل الناشطون الجدد استخدام التقنيات والشبكات الاجتماعية بدلا من المنظمات الكبيرة. والتي ساهمت بشكل لا بأس به في القيام بعملية تعبئة الشباب وتنظيمهم بسبب تعطل هذا الدور في الحياة الحقيقية نتيجة الضغوط الأمنية. اذ أن المواقع الاجتماعية كما أشار الطالب الماجستير مأمون الساعي، تعد بمثابة الجرائد السرية التي انتشرت زمن الثورات القديمة لتحفيز الشباب وتربطهم بعضهم ببعض ليتحركوا برشاقة بين العالمين الحقيقي والافتراضي" لحشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين.
فموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، كما يراه شامسي، فبمعزل عن كونه احد أدوات الاتصال التي لم تكن متواجدة في سنين خلت. اعتقد انه احد المحافل الأنسب التي تعكس تماما حقيقة الشتات إذ انه وعلى ما يبدو فان الفلسطينيين لهم المهمة الأصعب، إلا وهي إحداث التغيير من ألفه إلى يائه عبر الانترنت الأداة الوحيدة القادرة على اختزال منافينا; هي إذن وكما يبدو حملة لإعادة ترتيب الأوراق فلسطينيا وتحمل المسؤولية فردية كانت أم جماعية لتحديد معالم المصير.