الوحدة الجوية للأمن الوطني: هكذا يخضع جزائريون للمراقبة من فوق
lotfi Flissi
من المقرر أن تقتنني المديرية العامة للأمن الوطني مروحية جديدة من صنع ألماني , لتعزيز الوحدة الجوية التابعة للشرطة التي تتوفر اليوم على 3 مروحيات ، مجهزة بأحدث التقنيات لمكافحة الإجرام بأشكاله، وتنظيم حركة المرور ومتابعة الزيارات الرسمية خاصة الرئاسية، وتغطية مقابلات كرة القدم.
تنقلت إلى مقر الوحدة الجوية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني بالدار البيضاء شرق العاصمة، و أنا لا أملك معلومات عن هذه المصلحة إلا أنها تتوفر على مروحية "سنجاب" صغيرة أو الحوامة تحمل ألوان الشرطة أبيض و أزرق ، نراها تحوم أحيانا في السماء و تبدو صغيرة جدا ، أو في حفلات تخرج دفعات الشرطة ، قبل أن نتمكن من الإطلاع على مجالات إستخدامها و مهامها ، من خلال بعض الجولات التي تابعناها ،و ننقل أهمها:
الجولة الأولى
اليوم أربعاء 11 أفريل في حدود الساعة الثانية بعد الزوال ، تتلقى الوحدة معلومات حول وجود سيارة مشبوهة بجنان المليك بحيدرة ، على بعد أمتار من مقر إقامة العقيد تونسي ، المدير العام للأمن الوطني ، يرجح أنها سيارة مفخخة ، بعد التفجيرين الذين إستهدفا مبنى رئاسة الحكومة ، و مقر المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر ، تتحرك الحوامة ، و على متنها العقيد شعيب وانطاش مدير الوحدة ، قائد غرفة العمليات ضابط الشرطة مجيد يحياوي ، و مساعده الضابط مصطفى بوهي مرفوقين بالضابطة مليكة ،و هم جميعا طياري الشرطة ، يتنقل الفريق إلى مقر العملية بعد إجتماع مصغر مع عناصره و تحديد مسار التحليق على الخريطة الجغرافية ، و تصل الحوامة إلى جنان المليك ، في الأسفل ، يحاصر أفراد الشرطة العلمية و التقنية السيارة بعد التأكد من أنها مفخخة ، وعبر شاشة الحوامة ، يتابع قائد غرفة العمليات جميع مراحل العملية ، بتوجيهات الكولونيل أولطاش ،و تتكفل الضابطة مليكة ، بتصوير كل التفاصيل عن طريف جهاز كاميرا ، متواجد في المروحية ، و تتابع مليكة المرحل عن طريق شاشة صغيرة ، و الحوامة لا تتمثل في مقاعد و محرك هي أهم من ذلك ، هي عبارة عن غرفة عمليات متنقلة .و تحوم المروحية في إتجاهات مختلفة ، بمحيط العملية ، مهمتها الأساسية تبدو مراقبة المكان من وقوع أي طارئ و تعد دعما للشرطة العلمية ، و ينهي المختصون في تفكيك القنابل مهمتهم التي تبدو حساسة و دقيقة في ظرف زمني قياسي في وجود حمولة ،ثم رفعها و وسائل التفجير، و لا تغادر الحوامة المكان إلا بعد الإنتهاء من المهمة ، لتعود إلى مقر الوحدة ، ينزل فريق المهمة بإتجاه قاعة العمليات ، يغلق الباب ، و يتم إطفاء النور لمتابعة شريط العملية ، التي تعرض على شاشة كبيرة ، و يقوم الضابط محمد المختص في الإعلام الآلي بعرض ذلك ، و نسح الصور الهامة لإرسالها إلى المصالح المختصة ، و يتابع العقيد ولطاش أدق التفاصيل ليوجه تعليمات لعناصره لتدارك النقائص و الأخطاء و الهفوات المسجلة في مثل هذه العمليات " يجب أن تتخذوا إحتياطاتكم دائما عند التحليق في مثل هذه العمليات ، لا تكونوا قريبا جدا من المركبات أو الأشياء المفخخة " ، يشير إلى خيط يتدلى من الصهريج المفخخ ، ليوضح الضابط مجيد أنه مخصص للتفجير و هنا يتدخل مجددا العقيد ليتوقف عند بعض أفراد الشرطة الذين كانوا في عين المكان قرب السيارة المفخخة ، يتحدثون بواسطة الهاتف النقال ، مؤكدا أن هذا الإجراء غير قانوني و غير أمني و قد يؤدي إلى إنفجار قبل أن يطلب من الضابط أن يضبط الشاشة على صورة الهاتف النقال الذي تم العثور عليه داخل السيارة ، ثم يعود إلى تواجد عدة أشخاص في عين المكان على بعد أمتار من السيارة " يفترض أنهم لا يقتربون من المكان أصلا ، المفككون بحاجة إلى الهدوء و التركيز " ، لكن مساعد قائد غرفة العمليات ، يوضح أنهم إطارات شرطة إضافة إلى موظفين سامين في الدولة تنقلوا إلى عين المكان ، لكن العقيد يجيب بصرامة " المهم لدي هو سلامة العملية و إنجازها في ظروف مستقرة بعيدا عن التشويش و سلامة أيضا هؤلاء لأن بعض الفضوليين يعرضون حياتهم للخطر " ، و دعا عناصره إلى ضرورة تنبيههم بإستعمال مكبر الصوت الذي تتوفر عليه الحوامة . "البريفينغ" كان أشبه بدرس حول العملية من خلال جملة من الملاحظات لكل واحد منهم من موقعه في العملية.
الجولة الثانية
المناسبة تتعلق بمقابلة كرة قدم بيم فريقين عاصميين ، تتجند الحوامة منذ بداية المقابلة ،و يتركز عملها في هذه الحالات على الوقاية من أعمال الشغب ، تترصد تحركات مراهقين خرجوا من ملعب 20 أوت ن و من فوق تتابع تسلل جماعة منهم ، يقومون بأعمال تخريببية ، و يحاولون كسر الحاجز الذي يحاصره أفراد مكافحة الشغب ، يرشق بعضهم الأعوان بالحجارة ، يقطعون الأسلاك ، كاميرا المروحية تحاصرهم دون علمهم ، و يبلغ فريق الطيران ، الفرقة العاملة في الأسفل بمكان تواجد المشاغبين ، تتنقل سيارة الشرطة ، يتمكن بعضهم من الفرار ، إلا واحد هو في الواقع قائد جماعة المشاغبين ، مراهق في 15 من عمره ، يستفسر منه الشرطي عن وجهة المشاغبين ليدله على الإتجاه الخاطىء و يعود هو للتخريب ، لكن ضابط الحوامة يعلم زميله أن المعني هو المتورط الرئيسي ، ليتم توقيفه دون أن يعلم أن عيونا من فوق كانت ترصده ...و تم نسخ الصور التي تعتبر دليلا ماديا على إدانته .، حيث تم إدراجها في الملف و انتهى المراهق بالإعتراف بأفعاله و الكشف عن شركائه ، بعد مواجهته بالصور في حضور وليه.
الجولة الثالثة
المناسبة تتعلق بجولة إستطلاعية عادية ، و مراقبة لحركة سير المرور ، و على الطريق السريع الرابط بين العاصمة و بومرداس ، يسجل إفراط سيارة في السرعة ، بعد ضبط لوحة ترقيمها و بيانات عن سائقها الذي يكون شابا أو إمرأة ، و توضح الصورة الملتقطة أيضا محتويات السيارة لترسل هذه المعلومات إلى دراجي الشرطة المنتشرين على الطرقات للتدخل و ملاحقة السيارة و توقيفها و تتدخل الحوامة أيضا في حال فرار سيارة مشبوهة ، حيث يتم ضبط لوحة ترقيمها و لونها و نوعها و إرسالها إلى غرفة العمليات بالوحدة الجوية ، لمقاربتها مع المعطيات المدونة في بنك معلومات خاص بالسيارات المزورة و المسروقة متوفر على مستوى الوحدة ، و بعدها يحال التقرير على المصالح المختصة للتحقيق، وتمت معالجة عدة قضايا ، و إسترجاع سيارات تمت سرقتها.
الجولة الرابعة
زيارة ميدانية لرئيس الجمهورية، الحوامة تكون مجندة ، على مسار تنقلات الرئيس ، لضبط أي حركة مشبوهة و تسهيل حركة المرور من خلال التنسيق مع الشرطة العاملة برا ، من مختلف المصالح ، كاميرا المروحية تترصد شابا بين الجماهير التي تستقبل الرئيس ، يتقدم نحو الطوق ، يتم إعلام أفراد الشرطة في الأسفل ، تبقى عين الكاميرا عليه ، يكون حاملا للافتة العلم الوطني ، ينزع القضيب و يرمي به بإتجاه الرئيس ، الرئيس بوتفليقة يطلب من أحد حراسه الذي إلتقطه بتسليمه إياه ، و يعيد رميه ،لكن الحوامة تبقى تراقب المعني وسط الجماهير التي قد يعجز أفراد الأمن عن التحكم فيهم ومراقبتهم وإحباط أية حركة شغب.
و تعكس هذه الجولات ، مهام و مجالات نشاط حوامات الشرطة التي تتوفر على 3 مروحيات حاليا من صنع فرنسي ، و إنجليزي في إنتظار أن تتعزز بمروحية من صنع ألماني ، ليلزم موظفو الشرطة على مستوى هذه الوحدة الجوية بتعلم اللغة الألمانية التي تم إدراجها في وحدات التكوين التي يخضع لها هؤلاء إجباريا خاصة في مجال الإتقان ، و يسمى هنا بالتكوين الداخلي لجميع الفنيين و التقنيين ، و تتم مساءلة كل متربص عن كل وحدة تخصص . و رافقنا العقيد أولطاش ، إلى مختلف مصالح الوحدة الجوية التي يرأسها، وهي عبارة عن شبه مطار مهيء ، به قاعة إستقبال شرفية ، و مخابر و مستودع المروحيات الموجهة للتصليح و الصيانة ، و منطقة الهبوط و التوقف ، وتم تخصيص شريط بني للمرور إلى مختلف المصالح المتواجدة بالوحدة ، كإجراء أمني ، و قال مدير الوحدة الجوية " لا يحق لي الدخول إلى مصلحة الصيانة و لو بصفتي مديرا ومسؤولا ، و إتفقنا على تغريم كل من يخالف المرور على الشريط البني بشراء قارورة مشروب كوكاكولا " و لمسنا جوا منسجما بين العاملين بهذه الوحدة بإختلاف رتبهم و مناصبهم ، و قد تم تجهيز قاعة الدراسة بأجهزة كميوتر ، و سبورة إلكترونية غير متوفرة في بلدان متقدمة خضع فيها بعض ضباط الشرطة للتكوين خاصة في الصيانة والميكانيك ، كما تم ربط كل المصالح بأجهزة الإعلام الآلي ، لتدوين و تخزين المعلومات و جرد العتاد و الطلبات ، تم ربطها بشبكة داخلية و شبكة المديرية العامة للأمن الوطني ، إضافة إلى مخبر لمعالجة الصور الملتقطة عن طريق كاميرا الحوامة ، طفنا أيضا بالورشات ، و تابعنا في قاعة المحاضرات المتوفرة بالوحدة ، وهي عبارة عن " فيديوتاك" ، حيث تابعنا شريطا وثائقيا عن مهام الحوامات التي لا تقتصر مهامها على مراقبة الطرقات بل تمتد إلى السفن و القطارات " وكل الأشياء المتحركة" وكذلك عملية إستعراضية عن تحرير رهائن ، و على بعد أمتار تم تخصيص قاعة للأنترنيت ، يستفيد منها موظف الوحدة في إطار البحوث " و يتم تدوين طلباتهم و حاجياتهم لردع أي محاولة إستغلال شخصي لها ".
و في الجناح الآخر ، إطلعنا على كيفية تنظيف المروحية بماء معقم ، و تحزين بعض العتاد في مبرد للحفاظ على سلامتها ، و قال الكلونيل أولطاش ، إن الصيانة يقوم بها جزائريون مائة بالمائة ، كما تم تدعيم الوحدة بمركبات مرافقة في تحركاتها ، منها ناقلات الوقود ، و أجهزة التصوير ، و عربات التدخل السريع .الوحدة تتوفر اليوم على أحدث التجهيزات و العتاد ، لكن العقيد يركز على أهمية العنصر البشري الذي يقود المروحية و يشرف على تمديد عمرها من خلال الصيانة و كذلك على العنصر النسوي و دوره في سلك الشرطة ، و تحدث عن إجبارية التكوين لأهميته و تحسين الظروف الإجتماعية موازاة مع ذلك للموظفين الذين إستفادوا من سكنات وظيفية و حافلة خاصة بنقلهم ، و تكوين داخلي و في الخارج ، ووسائل عمل متطورة ، عندما ترون حوامة الشرطة ، تذكروا فقط أنهم محروسين و تحت الرقابة ، في الشوارع و داخل سياراتكم ...الشرطة في النهاية موجودة في كل مكان حتى في السماء هناك.
ربورتاج : نائلة.ب