أكبر جدارية حروفية عربية في إسبانيا

أكبر جدارية حروفية عربية في إسبانيا

د. محسن الرملي

انتهى الفنان والخطاط السوري خالد الساعي من إنجاز أول وأكبر جدارية تشكيلية حروفية عربية في إسبانيا، حيث يبلغ طولها سبعة أمتار وارتفاعها مترين، وذلك لصالح مؤسسة (البيت العربي) في قلب العاصمة مدريد وبطلب منها.

وعلى مدى قرابة العشرة أيام من العمل المتواصل ابتداءً بالساعة السابعة صباحاً وانتهاءً بالسابعة مساءً تابعته فيها العديد من وسائل الأعلام الأسبانية والأجنبية وزارته خلالها وفود من طلبة الفنون في الجامعات، لم يوفر الساعي جهداً في شرح معاني وأبعاد عمله إضافة إلى كل ما يتعلق بالخط العربي تاريخياً وثقافياً، ومما قاله لصحيفة (الموندو) مثلاً بأن "الخط العربي هو فني بصري وصوتي ومعرفي، وأن الحرف العربي بحد ذاته هو بناء تشكيلي لا حدود لطاقاته وإمكانياته حتى بغض النظر عن ارتباطاته بالمعنى الدلالي واللغوي له".

وحين سألته الجزيرة نت عما يمثله له هذا العمل مقارنة بأعماله الكثيرة في مختلف البلدان قال:" إن لهذا العمل قيمة ثقافية وفنية وحتى أدبية مضاعفة عما أنجزته من قبل، وقد سررت باختيارهم لي لهذه المهمة واعتبرتها تحدياً، لأن لها شروط ومناخات خاصة، وأن العمل سيكون في واجهة أكبر صالات مؤسسة ثقافية كبيرة كهذه لها أنشطة وجمهور دائمين، ومرتبطة بالثقافة العربية، كما أنه أول عمل من نوعه في إسبانيا وهي بلد عريق في الفنون التشكيلية".

الجدارية .. العين

وعن سبب تركيزه على حرف العين في هذه الجدارية قال للجزيرة نت "عدا كون مؤسسة البيت العربي قد اتخذت من حرف العين رمزاً لشعارها، اكتشفت باللغة أن حرف العين له 27 معنى وبما أن حروف اللغة العربية 28 فقد أسميت الجدارية (27 x 28) وأحد معاني العين هو كلمة (العربي) وكلتا كلمتي (العين وعربي) تشتركان بمعنى (الماء) كأن نقول (نبع عروب)، كما ضمنت في اللوحة سبعة أبيات من الشعر العربي الكلاسيكي والحديث لها علاقة بالعين كأبيات لجيرير والرصافي وابن الجهم والسياب وغيرهم".

ويسعى الأسلوب الفني لهذه الجدارية مخاطبة متلقيه على اختلاف مستوياتهم، فالذي ليس بعربي ولا يعرف العربية سيجذبه تكوينها وتقنياتها وجمالياتها الفنية، والذي يعرف شيئاً من اللغة سيتهجى بعض الكلمات ودلالاتها بمثابة رسائل، أما الذي له معرفة أكبر فسيجد الإشارات الأدبية عبر الأبيات الشعرية بما تحمله من مضامين وكيفية تعاشقها جمالياً مع اللون والتكوين البصري العام للوحة.

وعن سبب استخدامه لخط الثلث تحديداً قال الفنان خالد الساعي للجزيرة نت: "لأن خط الثلث هو سيد الخطوط العربية وأصعبها، وهو أشد مراساً، وإمكانياته على التعبير في البناء التشكيلي أعلى، وفي متن العمل اشتغلت على إيحاءات أشكال الحروف، وهذه القدرة مأخوذة مما يتيحه خط الثلث، فالعين يمكن أن تكون بشكل (الفنجان) والذي فيه رمز للعروبة وكرم الضيافة، ثم (العين الصادي) أي العطشان الذي يمثل الحنان والعاطفة، و(العين الثعباني) الذي يمثل المراوغة والقوة.. إلى جانب غيرها من الحالات البصرية للحرف مأخوذة من تراث الخط".

يذكر أن الفنان التشكيلي الحروفي خالد الساعي يعد واحداً من أفضل عشرة خطاطين عالميين وحائز على عشرات الجوائز والشهادات تقديراً لأعماله، حيث أقام ولا يزال الكثير من المعارض والورش الفنية معلماً لفنون الخط واقتنت لوحاته كبريات المراكز والمؤسسات والمتاحف في العديد من البلدان والتي يواصل تنقلاته وإقاماته بينها لحد الآن.

معرض الخط العربي المعاصر بمدريد

هذا وقد كان البيت العربي قد افتتح منذ 21 أكتوبر/تشرين أول معرضاً لفنون الخط تحت عنوان "حرية وإبداع.. الخط العربي المعاصر" وسيستمر حتى 31 يناير/كانون ثاني 2011 ثم ينتقل بعدها إلى مدينة قرطبة ويضم اعمالاً لخمس من الخطاطين والفنانين العرب، هم: حسان مسعودي (1944 العراق)، منير الشعراني (1952 سوريا)، خالد الساعي (1970 سوريا)، نجا المهداوي (1937 تونس)، ريما فرح وهي من أصل سوري فلسطيني ولدت في الأردن عام 1955.

يشار إلى أن مؤسسة (البيت العربي) حكومية إسبانية وتم إنشاؤها في يوليو/تموز 2006 بهدف دعم الدراسات العربية والإسلامية والمساهمة في إقامة جسر بين العالمين العربي والإسلامي وبين إسبانيا وأوروبا. وتنظم على مدار السنة عددا كبيرا من الفعاليات التي تسعى إلى تعزيز التعارف والتبادل بين الثقافتين.