كتب أيمن عبدالمجيد - مي زكريا
في ظل اشتعال العالم العربي ببؤر الصراع وتنامي ظاهرة الارهاب كان ضرورياً البحث عن آليات التصدي ودور كل من التعليم والإعلام والأجهزة الأمنية في تحجيم تلك الظاهرة.. جامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض بالمملكة العربية السعودية تناقش في حلقات خلال الفترة من 17 وحتي 19 من الشهر الجاري «دور الإعلام في التصدي لظاهرة الارهاب».
وقالت صحيفة الحياة اللندنية إن الحلقة النقاشية «تهدف إلي إطلاع المشاركين علي أسس التخطيط في مجال إعداد البرامج الإعلامية للتصدي للإرهاب وأبرز التقنيات والوسائل الإعلامية والوقوف علي الكيفية التي يتم من خلالها عرض قضايا الارهاب في الوطن العربي وكيفية المواجهة الإعلامية الشاملة للمواقع الإلكترونية الارهابية وآليات التكامل الإعلامي العربي في هذا الشأن».
وكان من المهم بالتزامن مع ذلك أن نبحث مع الإعلاميين المصريين عن كيفية مواجهة الإعلام المصري لظاهرة الارهاب.. دور المنظمات الإعلامية العربية ومنها اتحاد الصحفيين العربي واتحاد وكالات الأنباء العربية، وكيفية تحصين الشباب المصري ضد أفكار التطرف ومحاولات الشحن الطائفي.
استراتيجية شاملة
عبد الله حسن رئيس اتحاد وكالات الأنباء العربية رئيس مجلس إدارة تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط يري أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في كشف مخاطر الإرهاب والتصدي لمحاولات إثارة الفتن وإثارة التعصب الديني والقبلي، لافتاً إلي أن هذا الخطر بات يهدد معظم الدول العربية الأمر الذي يتطلب وضع استراتيجية شاملة للمواجهة خاصة مع تطور أساليب الارهاب بدءاً من استهداف الدول إلي المسئولين واللجوء إلي العربات المفخخة والعمليات الانتحارية والتفجير عن بعد.
وشدد حسن علي أن أخطر عمليات الارهاب تلك العقائدية التي يلجأ منفذوها للتفجير الانتحاري وهم يعتقدون في قرارة انفسهم أن مصيرهم الجنة بعد أن غسلت أدمغتهم وهو الأمر الذي يستوجب أن يقوم الإعلام بدوره في ابراز الحقائق وتوعية الشباب وتحذيرهم من خطورة تلك الجماعات الإرهابية وبعدها كل البعد عن تعاليم الأديان السماوية الصحيحة.
ودعا حسن وزراء الإعلام العرب واتحاد الصحفيين العرب وغيرها من المنظمات الإعلامية العربية إلي التنسيق فيما بينها لمواجهة الارهاب واضاف حسن أنه من سيعمل علي مناقشة التنسيق بين وكالات الأنباء العربية في وضع خطة لمواجهة الإرهاب خلال اجتماعها المقرر له الانعقاد في صنعاء عاصمة اليمن خلال أشهر إلي جانب التأكيد علي ضرورة التدقيق في المصطلحات الاعلامية وكأن توصف مستعمرات إسرائيل في فلسطين بهذا الاسم المعبر عن حقيقتها وليس المستوطنات كما تتعمد وكالات الانباء الغربية تسميتها.
ودعا حسن الإعلام المصري إلي الحذر من الانسياق خلف محاولات تشويه سمعة مصر خلال تغطيات حادث الإسكندرية الارهابي مضيفًا لابد من الفصل ما بين العمل الارهابي وبعض مشكلات الأقباط كون طرحها في هذا الوقت ربط غير جائز.
ضوابط للعمل لمهنة الإعلام
ويري اسماعيل منتصر رئيس مجلس ادارة مؤسسة اكتوبر أن الإرهاب في الأساس ناجم عن تطرف، والاعلام إما أن يغذي هذا التطرف أو يتصدي له مضيفا للاسف الاغلب الأعم من وسائل الاعلام تبحث عن الاثارة علي حساب الوطن وتغذي التطرف وإن كان أغلبها يرتكب هذا الجرم في حق المجتمع والوطن دون قصد.
واضاف منتصر في مصر كثير من القنوات تصدر وصحف تغذي التطرف فعندما تظل صحيفة تتحدث عن الفساد بأسلوب مبالغ فيه متجاهلة الجوانب المضيئة فأنها تصيب المجتمع بالاحباط وتجعل الحياة في عين الشباب سوداء كما أنه عندما تبالغ بعض الأعمال السينمائية في تصوير المجتمع وكأنه يعاني ظاهرة الانحلال والفجور فإن رد فعل عكسياً يحدث يتمثل في لجوء البعض إلي خندق التشدد وبالتالي يجد الارهاب ضالته في عناصر جاهزة للاستقطاب.
وقال منتصر المشكلة أن الضمير الاعلامي أصبح غائبا ولابد من تشكيل مجلس أعلي للاعلام يتولي المراقبة والمتابعة ووضع آليات عقابية يتم الاتفاق علي تشكيله من شخصيات محايدة، وهذا لا يعيق حرية الاعلام كون أكثر الدول الديمقراطية تعاقب من يهدد المصلحة العامة وذلك بعد أن اصبحت قرارات نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة أشبه بالنصائح، فالكلمة أخطر من الرصاص عندما تنطلق لا يمكن ارجاعها ولاتصيب فرداً واحداً بل مجتمعاً.
وأكد منتصر علي أهمية أن توضع معايير للعمل بالاعلام حتي لا تصبح مهنة من لا مهنة له مضيفا هناك شروط للالتحاق بكليات الشرطة، والحربية والقضاء ولا يوجد ممارسة لمهنة الطب لغير دارس ويحمل عضوية النقابة علي عكس الإعلام بل إن جداول نقابة الصحفيين أصبحت مليئة بمن التحقوا بها في ظروف انتخابية ومجاملات شخصية.
قال د. فاروق أبو زيد رئيس لجنة رصد ومتابعة الأداء الإعلامي إن التصدي للإرهاب يبدأ من التحرك لتجفيف منابع التطرف في المجتمع والتي تحول المواطن العادي إلي متطرف من خلال النظر لكافة وسائل الإعلام التي يتعرض لها سواء من اتصال مباشر أو جمعي أو جماهيري.
إصلاح الفكر
وأوضح أبو زيد أن المعالجة تبدأ بنشر الفكر العلمي والمنهج العلمي في تناول الموضوعات ومحاربة الفكر الخرافي وتجنب كافة مظاهر التطرف في وسائل الإعلام ونشر ثقافة احترام الآخر والحوار المجتمعي الهادف والتي من شأنها القضاء علي الإرهاب.
وقال إن وسائل الإعلام التقليدية يمكن ضبطها من خلال الالتزام بتطبيق مواثيق شرف نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة واتباع الآليات القانونية لمحاسبة القنوات الفضائية المتجاوزة في حين تكمن المشكلة في وسائل الإعلام الإلكترونية التي لا يمكن التحكم بها.
وطالب أبو زيد الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والصحف التي تمتلك وسائل إعلام إلكترونية بالاتفاق علي ميثاق شرف لتحديد أخلاقيات التعامل مع الإعلام الإلكتروني، لافتًا إلي أنها خطوة قد ينتج عنها التصدي للمواقع غير الشرعية ومواجهتها والقضاء عليها مع الوقت بابتعاد الجمهور عنها.
تري فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالي «أن الإعلام «مقصوص الجناح» فيما يتعلق بالقدرة علي التصدي للإرهاب لافتة إلي أن الأمر يتطلب توافر حرية في تداول المعلومات والتي تتيح للإعلاميين الحصول عليها بسهولة والإفراج عن قانون تداول المعلومات والذي لم يصدر حتي الآن.
ميثاق شرف
وأكدت النقاش أن الإعلام يلعب دوراً هاماً في رفض المحاولات التي من شأنها أن تدعو للكراهية والتمييز والتطرف ومقاومتها لتنقية الساحة من حالة الكراهية المتبادلة بين الأقباط والمسلمين والمسيطرة علي مجريات الأمور، مؤكدة أن ميثاق الشرف الصحفي يكفي لضبط العمل في الصحف.
إضافة إلي المطالبة بإصدار ميثاق للإعلاميين في الإذاعة والتليفزيون لضمان المزيد من الشفافية في تناول المواد الإعلامية المتعلقة بحوادث الإرهاب وحمل عادل عبدالصمد رئيس تحرير مجلة الهلال الإعلام المسئولية الكبري في التصدي لظاهرة الإرهاب مضيفًا لا يقتصر دور الإعلام علي تغطية الحوادث الإرهابية بل يجب المساعدة في الكشف عن مرتكبيها وترجمة الأعمال الغربية ذات الصلة وتثقيف وتوعية الجمهور مضيفًا حادث من 11 سبتمبر الذي استهدف برجي التجارة العالميين في أمريكا خرجت دراسات ومؤلفات عدة مدعمة بالوثائق تشير إلي أن خلفه الصهيونية العالمية لكن الإعلام الأمريكي عتم علي تلك الأعمال وكان علي الإعلام العربي إبرازها.
الحل في التنوير
وأضاف عبدالصمد الإرهاب يستهدف استقطاب قطاع الشباب وهنا يأتي دور الإعلام في تحصين قطاع الشباب عبر نشر الوعي بحقيقة المخاطر وما يدور من أحداث فلا استبعد وجود صلة للصهيونية العالمية خلف محاولات تقسيم السودان وإثارة النعرات الطائفية وهو الأمر الذي يجب أن يعلمه الشباب إضافة إلي التركيز علي التوعية بخطورة القنوات الفضائية الدينية والدعاة الجدد الذين يمثلون كارثة حقيقية علي العقل العربي بما يصدرونه من فتاوي.
وقال عبدالصمد لا يعقل أن نظل نبحث في قضايا خلافية حول اللحية والجلباب قصير أم طويل ونترك مهمة التنوير وبحث حل مشكلات الشباب والارتقاء البحث العلمي والمنظومة التعليمية كما لا يعقل أن ينشغل وزير التربية والتعليم بنقل المدرسين ومعاقبتهم فيما ينشغل الإعلام بتلك الأخبار ويشتبك معه لرفضه منح المعلومات للصحفيين والجميع يتجاهل الإصلاح الحقيقي للتعليم والتثقيف لتحصين العقول ضد محاولات استقطاب الإرهاب لهم.