"ليست لي "سعة" معلوماتك عني يا سي رشيد ، وما أعرفه عنك شيء واحد ، ولكنه دقيق ... للغاية ...يؤلمني أن تكون حاكي الصدى ، بتعبير المتنبي ، لجهات خفية ، يؤلمني ما آليت إليه ، أتعرف قصة فاوست في رائعة من روائع جوثة ؟ لقد سئم الفيلسوف فاوست الوحدة والعجز ، فأغراه الشيطان ميفيستوفليس بالغانية كاترينا وبالفتوة والقوة والمال مقابل روحه ، هل تعرف ما حدث للحكيم فاوست في نهاية المظاف ؟ فقد روحه ، ولم ينل بغيته من كاترينا إذ ولت عنه ، ولا حظي بفترة عابرة من متعة وسراب مجد .
لن تعرف يا لسي رشيد الأجهزة معرفتي بها ، ولن تعرف البنية الذهنية للقيمين عليها ، فهم يقوممون بعمل لا مندوحة عنه في دواليب الدولة ، وفضلا عن ذلك فهم أشخاص يضطربون في المجتمع ، لهم علائق ولهم أحاسيس ، ولهم رؤى ، وهم إلى ذلك براغماتيون ، وأخشى ما أخشى أن يتحولوا عنك وقد أضحيت عبئا . سيلقون بك بك كما يلقى به سقط المتاع بلا إرعاء ، وأخشى يومها أن ينفض عنك صحافيو جريدتك ، وهاهنا أهنئك بالمناسبة على نجحك في استقطاب خيرة الصحافيين المغاربة ، وأعرف بعضا منهم ، وأعرف قيمهم وأخلاقهم ، وأستمتع بقراءتهم ، أخشى أن ينفضوا عنك أسي رشيد ، لأن رأسمالهم هو مصداقيتهم ، وهي أسمى من ضروريات العيش ... وهم يعلمون أن قلاع الزيف تتهاوى يوما عن يوم ، وأن الحقيقة تطاردها في عزم وإصرار ، وتزحف نحوها زحف النور على الظلام .
بهذه اللغة الراقية ، جاءت تعابير الكاتب المغربي ،حيث دبج مقاله الذي رد به على ما اتهمه به رشيد نيني أحد مقالاته لهذا الأسبوع ، و أحيانا التلميح يغني عن التصريح ، فقد شبه الناطق الرسمي السابق للقصر الملكي ، كاتب أشهر عمود بالمغرب فاوست في إحدى روايات الألماني جوثة .
وإذا جاء الاتهام من شخص قال بعظمة لسانه : " لن تعرف يا لسي رشيد الأجهزة معرفتي بها ، ولن تعرف البنية الذهنية للقيمين عليها ، فهم يقوممون بعمل لا مندوحة عنه في دواليب الدولة " ، ويعلم تمام العلم من سرب إليه هذه المعلومات ، ومن له المصلحة في ذلك ، ولماذا ؟؟؟
فخروجه الأخير من خلال ندوة يومية "أخبار اليوم" : هل نحن أمام موجة رابعة من الثورات ؟ ، أغاظ المخابرات ، لكونها لم تستسغ كون شخص بالأمس القريب كان من رجال المخزن ، يقلب الفيستة بين عشية وضحاها ، بل وأكثر من ذلك يتمرد على المخزن .
لذلك كان من الضروري رد الصاع صاعين ، والوسيلة جاهزة ، الله يجعل البركة في سي رشيد ، ياك المساء شبعانة حليب من بزولة الإشهار اللي طالقين ليه ، الآن يجب أن نستفيد منه يرد جزءا يسيرا من أفضالنا عليه ، المعلومات موجودة ، وكل ما نحتاج هو ضريب الطر ، ولن نجد أحسن منه طبالا.
إن المعلومات التي يحويها يوميا عمود رشيد نيني ، تجعل القارئ فاغرا فاه من خطورتها وتفردها ، ولا يمكن أن تتوفر لأي صحافي ، إن لم تكن له علاقة وطيدة بالأجهزة إياها ، أو بالغانية كاترينا كما وصفها صاحب رائعة "مرآة الغرب المنكسرة ".
لقد سبق أن تعجب قيدوم الصحافيين المغاربة مصطفى العلوي عن سر الكتابة اليومية لرشيد نيني ، وبهذه الغزارة الأدبية ، وغنى المعلومات ، لكن يزول العجب الآن ، بعدما شهد شاهد من أهلها ، وأفشى السر وفضح مدير أكبر يومية مغربية ، لازال لحد الآن لم يؤد الدعيرة التي حكمت عليه بها إحدى محاكم المملكة ، ونقصد ستمائة مليون سنتيم التي من أجلها باع الماتش ، وانفض من حوله كل صحافييه ، والذين أسسوا لتجربة أخرى أطلقوا عليها إسم " أخبار اليوم" .
حسن الخباز