تلقوا دعماً خارجياً بعد قبض الأمن على بعضهم
تنظيم "إسلامي" يفرض حظر تجول على وزير الإعلام السعودي
عبدالله آل هيضه
فعالياته المصاحبة تشهد مشاركة عربية واسعة
الرياض تفتتح معرضها للكتاب مع رقابة مستمرة
فرض تنظيم "احتسابي" إسلامي على وزير الثقافة والإعلام السعودي حظر تجوال أثناء زيارته "الغير مُعلنة" لمعرض الرياض للكتاب، وطالبوه بإيقاف فعالياته نظرا لما وصفوه بـ "المخالفة الإلهية" في السماح بالاختلاط بين الذكور والإناث.
الرياض: ترددت عبارات "اتقوا الله" على أفق معرض الرياض الدولي للكتاب خالقة فوضى عارمة من قبل المتشددين الذين تقاطرت شعاراتهم الـ"إسلامية" مع تزايد عددي من تنظيمهم الـ"احتسابي" الذي كلما نقص أحدهم تزايد أعضاء مكانه، في نسق متكامل استشرى داخل أروقة المعرض بصورة مفاجئة.
الأسطوانة المعتادة التي اعتلت على أصوات الزوار والمثقفين أطلقها كبير التنظيم وهو رجل دين سعودي مبهم الشخصية والاسم كان يتنقل من زاوية لأخرى لينفذ سلطته ورأيه الأحادي تجاه كل ما أسماه هو وفريقه الداعم بـ"المنكرات" المخالفة للدين الإسلامي وينبغي تغييرها وطمسها وفق كلماته التي أطلقها لـ"إيلاف".
الحدث "التنفيري" الطارد لزوار المعرض من ذكور وإناث، استهل أسلوبه بعد افتتاح المعرض بساعتين من ساعات فترته المسائية، وصادف ذلك زيارة غير رسمية وغير معلنة لوزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي كان هو أول صيد لسهام ملتوية تصدر من أفواه صبية لا زالوا في ريعان التشدد يحركهم كبيرهم الذي علمهم التشدد.
حيث طوق المحتجون وزير الثقافة خوجة عند أحد دور النشر اللبنانية مطالبين إياه بوقف "الفساد" والاختلاط بين الجنسين الذي يسمح للـ"الغرائز" بالنشاط والوقوع في المحرمات وفق اعتقادهم، مما حدا بـ"رجلي الأمن" المرافقين للوزير السعودي إلى إخراجه عبر أحد أبواب الطوارئ لمركز المعارض بعد تكالب جمع من "قصار الثياب" عليه.
الكتب تأسر عقول الذكور والإناث
الحراك "الاحتسابي" الذي نشر الفوضى بين صفوف مرتادي المعرض، فرض على إدارة التجمع الثقافي الأكبر على مستوى الخليج، إغلاق أبوابه قبل موعد الإغلاق الرسمي بأكثر من ساعتين وسط امتعاض من الزوار خارج المركز.
الدعم الأمني الإضافي قام باقتياد عدد من التنظيم الحركي وحجزهم في مقر الأمن داخل المعرض، إلا أن بقية أفراد وقادة الطابور الاحتسابي اعتصم داخل مركز المعارض في مواجهة رجال الأمن رافضين الخروج دون بقية المعتقلين.
العداء الأدبي والثقافي صاحبه عداء آخر غير مستغرب من صبية ورجال دين لم يولوا للفرد اهتماما وتعودوا على أن الكتب كلها هي عدو لللدين ماعدا الكتب السلفية بالذات، حيث تلقى عدد من الإعلاميين هجمات كلامية وأخرى تهديديه بإقصائهم من أرض المعرض إن لم يكفوا عن "نشر سمومهم" وفق مصطلحاتهم.
الإعلاميون حاولوا مناقشة "التنظيم" عن أسباب ودوافع عملهم، إلا أنهم أجابوا بصوت أحادي؛ أن لا كلمة فوق كلمتهم ونهبهم وتخريبهم وأفعالهم، التي تجد من عقولهم التبرير في حادثة تعكس مدى الصراع داخل المجتمع السعودي ذو الصبغة المحافظة.
كاميرا "إيلاف" كانت ضحية هي الأخرى في سوق الفوضى الذي فرضها المعسكر "الاحتسابي" على كافة الزوار والمنظمين والناشرين، إضافة إلى تدني في طريقة ومستوى النقاش مع الجميع بما فيهم "إيلاف" طاردين كل وسائل الحوار الذي لم يتقن فيه خطابهم سوى لغة التشويش على دوحة ثقافية تقام تحت رعاية رسمية من العاهل السعودي الملك عبدالله.
وفي خضم هذه الأحداث أعلن العديد من أصحاب دور النشر تعليق أعمالهم بعد ما أسموه بـ "ثورة كاذبة ضلت طريقها" وفق وصف صاحب إحدى دور النشر المتخصصة بنشر كتب المفكر السعودي عبدالله القصيمي رغم أنها كتب ذات ثقافة "إسلامية" متواضعة، لما قبل إبداع القصيمي التالي في كتب عدة أمثال "هذه هي الأغلال" و "أيها العقل من رآك" و "صحراء بلا أبعاد" التي يحظر نشرها في السعودية.
فنانة في جناح الخط الإيراني اكتست اليوم بالسواد
وأعلن التنظيم "الإحتسابي" سيادته على المعرض الأمر الذي أكد ذلك هو توزيعهم على محطاتهم المنتشرة من طريق لآخر داخل المركز، مع تفقد لقائدهم الذي أشبه ما يكون بقائد لمجموعة استهدفت كل شيئ و تجلت صورتها في إقصائهم لكل أنثى مكتسية بالسواد.
وزير الثقافة والإعلام السعودي عبدالعزيز خوجة أعلن في رسالة عامة عبر تويتر بعد خروجه من المعرض موجهة ضمنيا لمجاميع التنظيم الذي فرض عليه حظر الزيارة قال "كل من له ملاحظة فليقدم شكواه إلى الجهات الرسمية المختصة الموجودة في المعرض، أما إثارة الفوضى ومضايقة الزوار والناشرين مرفوض تماما".
إلى ذلك دعا عدد محدود من الأدباء والإعلاميين السعوديين إلى مقاطعة معرض الكتاب حتى تتم معالجة الفوضى التي خلقها جمهور شعبي "محتسب"، حيث رأى الروائي السعودي عبده خال في تصريح له أنه سيقاطع المعرض كونه لا يزال يمارس سياسة المنع والحجب للكتاب ودور النشر، إضافة إلى تركه للحبل على الغارب، لما أسماهم بمريدي التدخل والحجر على المفكرين والمثقفين.
وفي ذات الصلة نفت هيئة الأمر بالمعروف السعودية أن يكون للهيئة أية علاقة للذين تم القبض عليهم في معرض الكتاب مساء اليوم الأربعاء، ووفقا لتصريح صحفي لمتحدث الجهاز الاحتسابي الرسمي السعودي الدكتور تركي الشليل أكد أن هنالك تعليمات رسمية ومشددة لأفرادهم بإبراز بطاقاتهم في مكان واضح للعيان.
يذكر أن معرض الرياض الدولي للكتاب افتتح الثلاثاء وسيستمر حتى الحادي عشر من شهر آذار/ مارس الجاري في أيام عرض خاصة بالرجال وأخرى مفتوحة للجميع، وستتخلله العديد من الندوات واللقاءات الثقافية لعدد من المفكرين العرب.