المعارضة تسعى للتقدم بإتجاه طرابلس لتوجيه الضربة القاضية إلى نظام القذافي
شجاعة المقاتلين تتعايش مع غياب القيادة والتوجيه
عبد الاله مجيد
يثق الثوار الليبيين الذين يسيطرون على مدينة راس لانوف بقدرتهم على إسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، متكلين على شجاعتهم دون سواها مغ غياب التنظيم لتحركاتهم وعدم وجود قيادة مركزية توجههم.
آثار غارة للطيران التابع للقذافي على مدينة راس لانوف
أسفرت محاولات القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي إستعادة مدن يسيطر عليها الثوار في الشرق مثل راس لانوف وبن جواد عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
من جهة أخرى يسعى الثوار الى التقدم غرباً بإتجاه طرابلس لتوجيه الضربة القاضية الى نظام القذافي. لكن مراقبين يشيرون الى ان التشتت وغياب التنسيق كان يعطل مثل هذا الزحف قبل ان يبدأ.
ويلاحظ مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونتر ان قوات الثوار تضم جنوداً فروا من الجيش النظامي ومقاتلين إسلاميين تمرسوا في أفغانستان والعراق، لكن الغالبية تتألف من شبان بلا تدريب ولا خبرات قتالية، سلاحهم الأقوى هو تصميمهم على إسقاط القذافي لكنهم أخذوا يكتسبون معرفة مباشرة بحقائق الحرب في الميدان.
كانت بن جواد وقعت تحت سيطرة الثوار ثم استعادتها القوات الموالية يوم الأحد. لكن بن جواد ليست بأهمية راس لانوف ومينائها لتصدير النفط. وتبين الدفاعات التي تنظمها قوات خاصة إنشقت عن النظام منذ منتصف شباط ـ فبراير ان راس لانوف تحولت الى الجبهة الشرقية للثورة الليبية.
وكان الثوار إختفوا من شوارع المدينة صباح الإثنين بعدما سرت شائعات بأن القذافي يحشد قواته لإستعادتها. ويقول مراسل كريستيان ساينر مونتر ان موظف الإستعلامات في الفندق الذي يقيم فيه أخرج ملصقا للقذافي من المخزن لتعليقه من جديد في حال دخول قواته المدينة. لكن غالبية الصحافيين الأجانب عادوا الى راس لانوف قبل الظهر.
كما عاد الثوار الى نقاط التفتيش يطلقون النار لإعلان وجودهم دون وقوع مواجهات حقيقية بين قوات الحكومة وقوات المعارضة التي يبدو انها تفضل المناوشات الأشبه بالكر ثم الفر.
تتضارب الأنباء عن تحركات قوات القذافي ولكن المؤكد ان القوات الخاصة التي انتقلت الى جانب الثوار في راس لانوف أخذت تعزز مواقعها بمزيد من المسلحين الذين كانوا يتوافدون على متن شاحنات خفيفة ترافقهم مدرعتان. وتوقفت إحدى المدرعتين على جانب الطريق وحولها مقاتلون يرددون الهتافات أمام عدد من المصورين التلفزيونيين الأجانب. ورصد مراسل كريستيان ساينس مونتر احد المقاتلين بخوذة روسية يطارد حماراً يرعى في العشب ثم ركبه مناديا اياه باسم القذافي.
تقدمت احدى المدرعتين باتجاه الغرب لكنها توقفت بعد فترة قصيرة نتيجة إصابتها بعطل، في مؤشر الى مستوى تسليح الثوار. ومن المشاكل الأخرى التي يمكن ان تؤثر في تقدم الثوار نقص إمدادات الوقود في راس لانوف رغم وجود مصفى ضخم. وحاول بعض المقاتلين الوصول الى مستودع للمحروقات في المصفى من اجل تعبئة سيارتهم.
ويتوجه غالبية المقاتلين الى بلدة العُقيلة التي تبعد نحو 50 كلم شرقي راس لانوف للتزود بالوقود ثم العودة الى خطوط الجبهة. ويحذر محللون من ان الحاجة ستكون ماسة الى الوقود إذا شاركت المدرعات أو الدبابات الروسية التي يسيطر عليها الثوار في معارك كبيرة.
من الدلائل الأخرى على غياب التوجيه والقيادة مشادة كلامية حضرها مراسل كريستيان ساينس مونتر بين رجل دين يحث الشباب على التقدم من مكبر صوت نصبه على سيارته ورجل آخر يناشد الجميع ان يتوجهوا الى البريقة لتعزيز قوات الثوار هناك.
وفجأة انبرى شاب ملوحا بمسدسه صوب الرجل الذي يدعو الى الانكفاء نحو البريقة واصبعه على الزناد. حاول آخرون أن يأخذوا منه المسدس لكنه رفض واطلق النار فوق الرؤوس. ثم ركض نحو بقعة خالية وأخرج قنبلة يدوية من جيبه ثم رماها لتنفجر على جانب الطريق. وطلب من مجموعة المقاتلين ان يختاروا بين الموت هناك أو الموت في بن جواد ثم دعاهم الى الموت في بن جواد مكبرا الله اكبر.
تمكن الشاب من كسب بعض المقاتلين وبدأ رجل الدين يهتف "الله اكبر" في مكبر الصوت. وبدأت بضع شاحنات خفيفة تتحرك غربا. وبعد نحو 100 متر خفف الموكب سرعته ثم استدار وعاد ادراجه، بحسب مراسل كريستيان سيانس مونتر الذي يؤكد ان "مشاهد ارتباك كوميدية ومخيفة كهذه تحيط بي من كل جانب. لكن هناك التزاما ثابتا من جانب آخرين ايضا".
يقول احمد كيلاني وهو رجل ذو لحية كثة من درنة انه رجل مؤمن يريد الحرية "وهذا هو شعورنا جميعا. فإن كل رجل هنا تقريبا فقد أحد أفراد عائلته للقذافي" واصفا الزعيم الليبي بـ"الإرهابي". في الفندق أعاد موظف الاستعلامات ملصق القذافي الى المخزن وتولت إدارة الفندق مجموعة صغيرة من المقاتلين. وقال أحدهم للضيوف ألا يقلقوا بشأن صاحب الفندق وانهم يستطيعون البقاء أي فترة يريدونها. رحل موظفو الفندق ولكن رجلا يحمل كلاشنكوف على كتفه تسلم ماكنة إعداد القهوة.
يصعد مراسل كريستيان ساينس الى غرفته ليستقبله مقاتلون استحموا وجلسوا القرفصاء يشاهدون التلفزيون بعد ان قاتلوا في بن جواد يوم الأحد. أحدهم يكرر موقف الثوار بأن القذافي لديه طائرات ومرتزقة والثوار لديهم القوة ومعهم الله.
عُلقت على المدخل المؤدي الى الطريق السريع من راس لانوف لافتة كبيرة كُتب عليها بالإنكليزية "بصدور عارية ضد الطائرات". لكن مراسل كريستيان ساينس مونتر يرى ان هؤلاء الشبان الشجعان يفضلون ألا يتعاملوا مع الطائرات. وحين يقول لأحدهم انه من الولايات المتحدة يعرب المقاتل عن أمله بأن تقود الولايات المتحدة حظرا جويا فقط ولا يريد منها أكثر من ذلك. وقال المقاتل "ان قوات أميركية أو ضربات جوية ستكون أكثر من المطلوب. فهذه الثورة ثورتنا".