مهمة الجنرال هام تغيرت من مكافحة الإيدز إلى إزاحة "العقيد" الهجوم ضد القذافي يحيي "القيادة الأفريقية" في الجيش الأميركي

مهمة الجنرال هام تغيرت من مكافحة الإيدز إلى إزاحة "العقيد"
الهجوم ضد القذافي يحيي "القيادة الأفريقية" في الجيش الأميركي

واشنطن ـ يوسف مكي
تغيّر وضع القيادة الأفريقية في الجيش الأميركي بين عشية وضحاها، فعندما تم تأسيس هذه القيادة قبل أربعة أعوام لم تكن لها مهمات محددة، بل لم تكن للقيادة المعروفة باسم "أفريكوم" قوات بعينها أو مقر لإدارتها داخل أفريقيا، وكانت تهدف لتدريب ومساعدة القوى العسكرية لدول أفريقيا الـ 53، والتعاون مع وزارة الخارجية والوكالات الأميركية لتعزيز البرامج الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، بما في ذلك مكافحة الإيدز وتوعية الجيوش الأفريقية وإزالة الألغام الأرضية.
ولكن الوضع تغير بشكل كبير، فوجدت القوات نفسها فجأة على رأس هجوم التحالف على ليبيا، ووجد قائدها الجنرال كارتر هام نفسه فجأة في مقر القيادة في شتوتغارت الألمانية يقود غرفة عمليات الهجوم ويجري محادثات دبلوماسية للتنسيق في هجمة التحالف المتعدد الجنسيات على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي، لتصبح القوات محل اختبار ينتظر الجميع معرفة مدى نجاحها في اجتيازه. ويرى أستاذ الشؤون الأفريقية في كلية ديفيسون البروفيسور كينيث مينخوس إن أفريكوم نجحت حتى الآن في إدارة الوضع، ولكن الاختبار الحقيقي سيكون في حالة تعرض الوضع لانتكاسة، وقتها يمكن تقييم القوات بشكل أدق.
وكانت القوات قد تعرضت في السنوات الأولى لتكوينها لاعتراضات حول مهامها ونطاق نشاطها في القارة الأفريقية من جانب العديد من قادة القارة ومسؤولو الخارجية الأميركية، حيث كانوا يرونها أداة يسعى بها البنتاغون لعسكرة الدبلوماسية وخطط التنمية في القارة، هذه المخاوف أدت لاختيار شتوتغارت لتكون مقر القوات بعيدًا عن قارة أفريقيا نفسها، وهو الاختيار الذي استدعى مخاوف أخرى عن مدى قدرة القوات على مواجهة تحديات نشاط تنظيم القاعدة في جنوب أفريقيا وتجار المخدرات في غرب القارة والمتطرفين الإسلاميين في الصومال والمتمردين المسلحين في الكونغو، ولاسيما مع عدم وجود آليات حقيقية لتقييم مدى نجاح القوات في تحقيق أهدافها، طبقًا لما جاء في تقرير مركز المحاسبة الحكومي التابع للكونغرس.
ويرى خبراء عسكريون أن القائد الجديد الجنرال هام، والذي تولى قيادة القوات قبل ثلاثة أسابيع فقط خلفًا للجنرال ويليام وارد، سيقوم ببث حيوية جديدة لصفوف القوات المكونة حتى الآن من 1500 فرد في المقر الرئيسي في شتوتغارت، إضافة لألف آخرين يديرون عمليات التدريب ويقومون ببعض الأنشطة المؤقتة في أفريقيا نفسها، حيث يُعتبر الجنرال ذي التسعة وخمسين عامًا أهم قيادات الجيش الأميركي، بعد أن أصبح قائدًا يحمل أربع نجوم في مشوار عسكري امتد 38 عامًا، قاد خلالها القوات في شمال العراق، وأشرف على العمليات العسكرية في هيئة الأركان المشتركة الخاصة بالبنتاغون، وتعامل بكفاءة مع حوادث إطلاق النار في فورت هوود التابعة لولاية تكساس.
والجنرال هام هو ابن ضابط بحري شارك في الحرب العالمية الثانية، انضم للجيش الأميركي العام 1973 بوصفه مظلي في الفرقة الجوية رقم 82، وبعد أن أصبح ضابطًا عُين مستشارًا للواء الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية، وقاد فرقة المشاة الأميركية الأولى، وأدار كل القوات الأميركية في أوروبا قبل الوصول لمنصبه الحالي، وهي الخبرة التي جعلته يتعامل مع الكثير من حلفائه الأوربيين الحاليين الذين يشاركون في عملية ليبيا، مما جعل الجنرال مارك هرتلينغ الذي خلفه في قيادة القوات الأوروبية يصفه بأنه رجل "شامل القدرات وبإمكانه بناء فريق عظيم".
ويُعتبر عمله في العراق هو الفترة الأصعب في مشواره، حيث تولى المنصب في كانون الأول/ديسمبر 2004 بعد أيام من قيام انتحاري بتفجير نفسه في صالة طعام قاعدة عسكرية في الموصل ليقتل 22 شخصًا منهم 18 أميركيًّا، ليقود القوات في فترة عصيبة قام بعدها، وفور عودته للولايات المتحدة، بتلقي المشورة الروحية من أحد القساوسة بسبب معاناته من اضطراب الأعصاب وصعوبة النوم، وهو الموقف الذي جعله يتعرض لبعض الانتقادات قبل أن ينقلب لاستحسان بعد تصريحات المحامي العام للبنتاغون جيم جونسون، والذي أشاد فيها بإعلان الجنرال هام عن متاعبه النفسية، واصفًا إياه بأنه كان "ضمير القوات ومركز ثقلها" خلال فترة تطبيق سياسة "لا تسأل ولا تخبر" عند التعامل مع إطلاق النار في فورت هوود.
ويقوم الجنرال حاليًا بعدة مهام منها الإشراف على الجانب الأميركي في عملية ليبيا، وإحاطة الرئيس أوباما ومساعديه الأمنيين بتطورات الوضع، وتوجيه قائد البعثة التكتيكية الأدميرال صامويل لوكلير المتواجد في قلب البحر المتوسط على متن سفينة القيادة "ماونت ويتني"، وهي المهام التي تتم بشكل مؤقت بعد إعلان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن تسليم الولايات المتحدة قيادة العمليات للتحالف خلال أيام، ولم يتضح حتى الآن إذا ما كانت بريطانيا أو فرنسا أو حلف الأطلسي سيكون القائد الجديد، ولكن المؤكد هو استمرار مشاركة القوات الأميركية في الهجمات الجوية، ووصف الجنرال هام نقل القيادة بأنه أمر معقد، لاسيما مع القيام به أثناء العمليات، ولكنه أكد على إنه سيتم بشكل آمن.