بالتزامن مع انعقاد قمة باريس والإتفاق على بدء تنفيذ العملية العسكرية طائرات رافال فرنسية تحلق فوق الاراضي الليبية

بالتزامن مع انعقاد قمة باريس والإتفاق على بدء تنفيذ العملية العسكرية
طائرات رافال فرنسية تحلق فوق الاراضي الليبية
أ. ف. ب.

بدأت الطائرات الفرنسية في التحليق فوق الأراضي الليبية بالتزامن مع انعقاد قمة باريس التي يجري خلالها الإتفاق على تفاصيل العمل العسكري ضد نظام القذافي الذي يقوم بقصف مدينة الزنتان رغم التحركات الدولية.

باريس: افاد مصدر عسكري فرنسي ان عددا من طائرات رافال الفرنسية حلق السبت "فوق مجمل الاراضي الليبية" في مهمات استطلاع. واضاف المصدر ان الطائرات اقلعت بعد الظهر من قاعدة سان ديزييه شرق فرنسا.

وتابع ان هذه "المهام الاستطلاعية" ستتواصل بعد ظهر السبت مؤكدا انها لم تواجه اي صعوبات بعد ساعات من التحليق فوق الاراضي الليبية. وطائرات رافال مصممة لتنفيذ عمليات قصف، واستطلاع ودفاع جوي.

وتجري عمليات التحليق فيما تنعقد في باريس ثمة دولية استثنائية حول ليبيا تبدو الخطوة الدبلوماسية الاخيرة قبل احتمال تنفيذ ضربات جوية تستهدف قوات النظام الليبي.

افقت ايطاليا على وضع قواعدها العسكرية بتصرف عملية فرض منطقة لحظر الطيران في ليبيا لكن بسبب موقعها الجغرافي قد تخشى حدوث عمليات انتقامية من اطلاق صواريخ او ارسال اعداد كبيرة من اللاجئين الى سواحلها.

وبرر وزيران امام لجان برلمانية اسباب قرار ايطاليا "المشاركة الناشطة" في عملية عسكرية. وقال وزير الخارجية فرانكو فراتيني ان ايطاليا تريد من خلال ذلك "تأكيد اخلاصها التام" لحلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي.

واعلن وزير الدفاع اينيازيو لاروسا ان ايطاليا ستقدم مساهمة لاحترام منطقة الحظر الجوي "بكافة الاشكال الممكنة باستثناء عملية برية".

وقال فراتيني انه طلب من ايطاليا المساعدة وانها قد ترسل طائراتها لتدمير انظمة الرادار او المضادات الجوية.

وصرح ايتوري غريكو الخبير في شؤون ليبيا في معهد القضايا الايطالية لفرانس برس "من الواضح ان لايطاليا دورا لوجيستيا اساسيا لتصبح هذه العملية فعالة" مشيرا الى القواعد العسكرية السبع التي وضعتها روما في التصرف.

وقال غريكو ان تدمير المضادات الجوية الليبية يعني "المشاركة في عمليات القصف". واضاف "انه امر مهم جدا. لدينا الانطباع بان ايطاليا تحاول تغيير موقفها بعد ان ترددت في الاونة الاخيرة حول مسألة فرض منطقة حظر جوي" على ليبيا.

وايطاليا التي كانت مترددة منتصف شباط/فبراير لدى اندلاع الثورة في ليبيا، دعمت تدريجيا قرارات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لكن مع بعض التأخير.

وصرح جان باولو كالكي نوفاتي الاستاذ في التاريخ الافريقي لفرانس برس ان "ايطاليا تخشى دائما من تهميشها داخل المعسكر الغربي وتريد ربما ان يغفر لها تقربها من القذافي".

وستكون هذه العملية اول عملية عسكرية ايطالية في ليبيا منذ حقبة الاستعمار (1911-1942).

وكانت الدولة المستعمرة السابقة قامت بتصفية حساباتها مع ليبيا من خلال توقيع معاهدة صداقة في 2008 بين الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني الذي ساهم في ترسيخ العلاقات الاقتصادية.

الا ان السلطات لم تخف تخوفها من عمليات انتقامية من قبل النظام الليبي. ومساء الجمعة اعرب فراتيني عن الامل في وضع "الحلف الاطلسي لمظلة حمائية للدول المعنية".

وكانت لجنة امنية وطنية مجتمعة حول وزير الداخلية روبرتو ماروني اشارت الى احتمال ارسال "احدى" اسلحة القذافي الى السواحل الايطالية اي الاف المرشحين للهجرة السرية.

وشهدت جزيرة لامبيدوزا (جنوب ايطاليا) تدفقا لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين منذ منتصف كانون الثاني/يناير خصوصا من تونس. فقد وصل الى لامبيدوزا اكثر من 10 الاف مهاجر اي ضعف عدد الوافدين الى الجزيرة طوال عام 2010.

كما تخشى لامبيدوزا من عمليات انتقامية اخرى. وقال رئيس بلدية الجزيرة برناردينو دي روبيس "لا اريد من خلال تصريحات وطنية طنانة ان نتعرض او تتعرض بانتيليريا (جزيرة صغيرة اخرى جنوبية) للقصف بدلا من روما".

ودعا الحكومة الايطالية الى اعتماد "نهج معتدل" مذكرا بان طرابلس اطلقت في 15 نيسان/ابريل 1986 صاروخي سكود على قاعدة اميركية في لامبيدوزا ردا على قصف لاستهداف القذافي.

وبحسب وسائل الاعلام الايطالية اعرب برلوسكوني الجمعة لوزرائه ومستشاريه عن قلقه من عمليات انتقامية معربا عن الامل في ان تتخذ الاسرة الدولية قراراتها بصورة "تدريجية".

وبدأت السبت قمة بين قادة دول غربية وعربية في باريس لبحث الوضع في ليبيا على ضوء قرار مجلس الامن الدولي الذي يجيز استخدام القوة ضد نظام العقيد معمر القذافي، على ما نقل مراسلو فرانس برس.

فبعد لقاء مع رؤساء الوزراء الكندي ستيفن هاربر والبريطاني ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امام قصر الاليزيه المشاركين الاخرين في القمة.

ومن بين القادة ال22 المشاركين المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي امتنعت بلادها عن التصويت على قرار الامم المتحدة ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني ووزراء الخارجية العراقي هوشيار زيباري والاردني ناصر جوده والاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان وامين عام الامم المتحدة بان كي مون.

ولم يشارك اي قائد افريقي في القمة. وافاد مصدر دبلوماسي فرنسي ان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ الذي اعلن عن مشاركته بقي في نواكشوط (موريتانيا) للمشاركة في اجتماع مع رؤساء الدول الافريقية الخمس الموكلة التوصل الى حل سلمي للازمة الليبية.

ورفض الاتحاد الافريقي في 11 اذار/مارس اي تدخل عسكري اجنبي في ليبيا.

في غضون ذلك، أكد وزير الداخلية الليبي المنشق عبد الفتاح يونس في اتصال مع قناة العربية بعد ظهر السبت انه ما زال يقاتل في الميدان ضد قوات القذافي، وذلك بعدما اعلن التلفزيون الليبي الحكومي في وقت سابق انه اعيد الى منصبه.

وقال يونس "نحن في الميدان نقاتل بما في ايدينا، واذا جاءنا مدد فأهلا وسهلا". وتعليقا على تحليق طائرات رافال فرنسية في سماء بنغازي قال "اهلا بهم وشكرا على ذلك، لكني كنت اتمنى ان تكون طائرات عربية".

واكد يونس في مقابل ترحيبه بالعمليات الجوية ان "أي قوات اجنبية على ارضنا ولو عربية مرفوضة". افادت مصادر دبلوماسية السبت ان حلف شمال الاطلسي يواصل في نهاية الاسبوع استعداداته لمختلف المهام التي يمكن ان يكلف بها في اطار تدخل دولي في ليبيا.

وقال دبلوماسي لفرانس برس ان "اجتماعات القادة العسكريين والسفراء في الدول ال28 حول التخطيط للعمليات مستمرة السبت وستتواصل الاحد" كما تقرر الجمعة. وقال الدبلوماسي ان الحلف الاطلسي درس شروط مشاركته في ثلاث مهام ممكنة وهي تقديم المساعدة لعملية انسانية (اجلاء لاجئين مثلا) وفرض احترام الحظر على الاسلحة او فرض منطقة حظر جوي في ليبيا.

واوضح ان خطط الحلف للمهمة الانسانية جاهزة. وذكر دبلوماسي اخر ان الخطط بالنسبة الى المهمتين الاخريين ستكون جاهزة مبدئيا "في نهاية الاسبوع". وقال انه لم يتم التطرق رسميا بعد الى مسألة معرفة ما اذا كان الحلف سيتدخل ولن يتخذ بعد قرار في هذا الخصوص.

واضاف "لم يحدد بعد دور الحلف في هذه العملية". والمح الى ان ذلك رهن بالقرارات التي ستتخذها عواصم الدول الاعضاء خصوصا على هامش القمة التي بدأت بعد الظهر في باريس.

واعربت فرنسا مرارا معارضتها من تدخل الحلف الاطلسي في شمال افريقيا. والاسبوع الماضي قال مسؤول اميركي ان الحلف الاطلسي بالنسبة الى الولايات المتحدة "الاطار الانسب" لتنفيذ مثل هذه العملية.

وصرح مسؤول في الحلف لفرانس برس ان "هناك فرصا ضئيلة ان يعهد بكافة العمليات للبنية العسكرية للحلف وان يكون له دور قيادي".واعربت فرنسا مرارا معارضتها لان يكون الحلف في الخط الاول لتدخل عسكري في شمال افريقيا.

واعلنت بلجيكا الجمعة انها ستشارك في العمليات اكان الحلف الاطلسي يقودها ام لا حتى وان كانت تفضل ان تكون بامرة تحالف عسكري غربي. وكانت وزيرة الخارجية الدنماركية ليني اسبرسن دعت في اليوم نفسه الى "التحرك سريعا" من دون انتظار قرار الحلف الاطلسي الذي لن يصدر قبل مطلع الاسبوع المقبل.

والجمعة اعلن وزير الخارجية النروجي يوناس غار ستور انه بالنسبة الى اوسلو "الاطار الطبيعي للتحدث عن هذه الامور سيكون الحلف الاطلسي بالتعاون مع حلفائنا". وقد تم التوصل الى تسوية تكمن في تقاسم المهام. وسيساهم الحلف، لاسباب عملية كونه الهيئة العسكرية الوحيدة المدمجة، فيها لكن في الخط الثاني لاعتبارات دبلوماسية.

وأفاد شاهد ان قوات معمر القذافي قصفت السبت بالسلاح الثقيل الاحياء السكنية القريبة من بنغازي، معقل المتمردين في شرق ليبيا. وقال هذا الشاهد في اتصال هاتفي من بنغازي ان كتائب القذافي "تقصف احياء سكنية بالسلاح الثقيل. لقد تلقوا اوامر بالقصف العشوائي. ما يحصل مجزرة".

واكد ان الاحياء في غرب بنغازي "قصفتها قوات القذافي" لكن اي دبابة لم تدخل وسط المدينة.

واوضح الشاهد ان "دبابات المتمردين وحدها لا تزال في وسط بنغازي، ولكن يمكن مشاهدة الميليشيات (قوات الزعيم الليبي) في احياء عدة".

وافادت مصادر المتمردين ان المدفعية والدبابات قصفت الاحياء في غرب المدينة واصابت بعض القذائف وسط المدينة وخصوصا شارع جمال عبد الناصر الرئيسي.

ووقعت مواجهات عنيفة ايضا في الفويحات على بعد خمسة كلم من وسط بنغازي بين المتمردين وكتائب القذافي "التي كانت تطلق النار من اليات وتلقي قنابل يدوية" وفق مصادر المتمردين.

وافاد مراسل فرانس برس ان الاف الاشخاص فروا السبت من بنغازي انطلاقا من شمال شرق المدينة.

وأفاد شاهد ان قوات معمر القذافي تقدمت السبت نحو الزنتان وقصفت محيط هذه المدينة التي يسيطر عليها المعارضون في جنوب غرب ليبيا، ما دفع السكان الى الفرار. وقال هذا الشاهد لفرانس برس ان قوات القذافي شنت هجوما انطلاقا من مواقع في جنوب المدينة، مضيفا ان "الدبابات باتت على بعد كيلومترين او ثلاثة من المدينة والناس يفرون راكضين".

وتابع "لقد تقدموا خلال الليل وبداوا بالقصف مستخدمين قذائف الدبابات والبنادق الرشاشة" عند الظهر. وقال هذا الشاهد ايضا ان "اطلاق النار مصدره جنوب المدينة. شاهدت نحو عشر دبابات ومصفحات خفيفة من طراز +بي ام بي+ اضافة الى دبابات مزودة رشاشات ثقيلة".

واوضح انه في شمال المدينة اطلقت قوات اخرى للقذافي صواريخ غراد في اتجاه الزنتان (145 كلم جنوب غرب طرابلس)، وتضرر منزلان واصيب ستة اشخاص جروح ثلاثة منهم خطرة. واضاف ان المعارضين حاولوا الدفاع عن ضواحي المدينة مزودين بنادق ايطالية قديمة "لكنهم اضطروا الى التراجع".

ولفت الى ان "اطلاق النار كان مستمرا (عصرا) ولكن في شكل متقطع" فيما كانت دبابات قوات القذافي تواصل تقدمها. وكانت الزنتان شهدت مواجهات عنيفة مساء الخميس وصباح الجمعة. واكد احد سكان "وقوع اصابات لدى الجانبين" من دون ان يحدد عدد المصابين.