وسط خلافات بين الدول الغربية حول قيادة العمليات العسكرية إنقاذ طيارين أميركيين تحطمت طائرتهما قرب بنغازي وإصابة 6 مدنيين في العملية

وسط خلافات بين الدول الغربية حول قيادة العمليات العسكرية
إنقاذ طيارين أميركيين تحطمت طائرتهما قرب بنغازي وإصابة 6 مدنيين في العملية


بنغازي، لندن ـ عصام مسعود/كارين إليان
أصيب ستة قرويين ليبيين بطلقات نارية أطلقها عليهم جنود أميركيين أثناء قيامهم بعملية إنقاذ طيارين أميركيين تحطمت طائرتهم في منطقة العمليات الليبية. وكانت المروحية "إف 15- سترايك إيغل" قد سقطت في أحد الحقول خارج مدينة بنغازي، بعد أن واجهت بعض المشكلات خلال غارة جوية مساء الاثنين . وسقطت الخسائر في صفوف المدنيين الذين جاءوا لتحية الطيارين، وكان من بينهم شاب قد تكون بترت ساقه بسبب إصابته بعيار ناري. وقد تمكن طاقم الطائرة المقاتلة من الهرب بأعجوبة بعد عطل ميكانيكي بطائرتهم خلال الليلة الثالثة من الغارات الجوية على مواقع العقيد معمر القذافي وقواته.
وأفادت تقارير غربية، إنه بعد سقوط الطائرة، أحاط السكان المحليون بأحد الطيارين، والذي قام برفع يديه عاليًا قائلاً "حسنًا حسنًا"، لكن الليبيين الممتنين اصطفوا حوله لشكره وإعطاءه العصائر. وقال يونس عمروني، الذي شهد هذا الحدث، "قمت بمعانقته، وقلت له لا تخف، إننا أصدقاؤك ونحن ممتنون للغاية لهؤلاء الرجال الذين يحمون سماء ليبيا".
والطائرة التي يوجد مقرها في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في مدينة سوفولك، تم تجهيزها في قاعدة أفيانو في إيطاليا ولكنها سقطت في مدينة بومريم، التي تقع 24 ميلاً شرق مدينة بنغازي. وقد تم التحفظ على حطام الطائرة لتصليحه أو تدميره بواسطة الأميركيين، لمنع وقوعها في أيدي رجال العقيد القذافي، بينما تم فحص طاقم الطائرة بواسطة أحد الأطباء في معقل الثوار قبل نقلهم إلى إحدى السفن الأميركية. وقد أكدت الولايات المتحدة تحطم الطائرة في ليبيا ولكن أعلنت أنه لم يتم إسقاطها. وقال المتحدث باسم القيادة الأميركية في إفريقيا فينيس كراولي، إن طاقم الطائرة خرجا منها وأصيبا بإصابات طفيفة.
وقالت المراسلة هيلسوم، إنه عند قيامها بقياس رد فعل السكان المحليين الليبيين فإنهم "لا يبدو عليهم الاستياء، بل إنهم يريدون قوات التحالف في الاستمرار بالقيام بعملياتهم". ومثّل الحادث حرجًا لقوات التحالف، التي قوبلت بإطلاق نار مكثف لمضادات الطائرات فوق العاصمة طرابلس الليلة الماضية. ويؤكد متحدث عسكري باسم القوات الأميركية، إنه على الرغم من إطلاق النار الكثيف المضاد للطائرات، إلا إن الولايات المتحدة تمكنت من إطلاق 20 صاروخ توماهوك علي ليبيا خلال نهار الثلاثاء.
وقد خرجت تفاصيل أيضًا من بريطانيا عن استهداف مجمع القذافي الرئاسي في طرابلس، المعروف بـ"باب العزيزية"، بصواريخ توماهوك، ما أدى إلى تدمير مجمع عسكري ووحدة تحكم، بينما تم وضع 800 فرد من قوات المارينز على أهبة الاستعداد للتحرك إلى البحر المتوسط. وتم إطلاق الآن 159 صاروخ توماهوك من قِبل الولايات المتحدة وبريطانيا منذ بدء العمليات ضد العقيد معمر القذافي السبت الماضي في العملية التي تحمل اسم "فجر الأوديسا". وقال قائد القوات الأميركية في إفريقيا الجنرال كارتر هام "نحن نعتقد أننا كنا فعّالين جدًّا في تقليص قدرة قوات القذافي من السيطرة على البلاد".
لكن نشاط قوات القذافي استمر على الأرض يوم الثلاثاء. وقال طبيب في مدينة مصراتة إن الدبابات الموالية للقذافي كانت في الشوارع، وسيطر القناصة على الطرق الرئيسية في المدينة.
وقال طبيب، طلب عدم ذكر اسمه، "قُتل تسعة أشخاص هذا الصباح، الثلاثاء، بما في ذلك مسعف وأطفاله الأربعة الذين قتلوا بواسطة رجال القناصة التابعين لنظام القذافي". وأضاف "القناصة موجودون في كل مكان في مدينة مصراتة، يقتلون كل شخص يمشي علي الأرض، ولا يزال العالم يقف متفرجًا. لا توجد حماية للمدنيين". وقال مختار علي، وهو أحد المعارضين للقذافي في المنفى "يعيش السكان على المواد الغذائية المعلبة، كتائب القذافي تندفع نحو المناطق السكنية، حيث يدركون أنه لن يتم قصفهم. الناس يعيشون في ظلام دامس بعد انقطاع الاتصالات والكهرباء".
وفي أجدابيا، قال قائد الثوار، الذي انشق عن القوات الخاصة الليبية، أحمد بوسيفي، إن جنودًا محترفين سابقين تدفقوا إلى المنطقة قرب ميناء النفط القريب من مدينة البريقة، محيطين بقوات القذافي من أجل عرقلة خطوط الإمداد في ظل تغطية جوية غربية. وأضاف بوسيفي "إذا لم يكن الغرب إلى جانبنا فلن نكون قادرين على المضي قدمًا".
وفي لندن، ورفض وزير الشؤون العسكرية البريطاني نيك هارفي استبعاد نشر قوات برية في ليبيا. وقال "هناك تمييز واضح بين إرسال قوة احتلال على نطاق واسع، وهو أمر محظور بموجب أحكام الأمم المتحدة، والمزيد من التدخل المحدود". وأصر على اقتصار الضربات الجوية على أهداف عسكرية.
وردًّا على سؤال وجهته له إذاعة بي بي سي البريطانية، عن مدى استمرار العمليات العسكرية، قال هارفي "نحن لا نعرف إذا كان ذلك سينتج عنه الوصول إلى طريق مسدود أم لا. لا نعرف إذا كانت قدرات العقيد القذافي سيتم تقليصها بسرعة أم لا. يمكنكم أن تسألوني في غضون أسبوع". وأضاف هارفي "ليبيا يمكن أن تدخل إلى طريق مسدود، حيث ستنقسم البلاد وسيستمر القذافي في السلطة في طرابلس. هذه هي إحدى النتائج المحتملة. إذا كان كذلك، فليكن، وهذا لن يكون من المرغوب فيه بالطبع. ولكن نرغب في نتيجة غير مستقرة حيث لا يقتلون بعضهم بعضًا".
وتعليقًا على احتمال بقاء القذافي في السلطة، قال الجنرال هام إن القذافي قد يتمكن من الاحتفاظ بالسلطة في البلاد. وأضاف الجنرال هام "أنا لا أعتقد أن أحدًا سيقول إن ذلك شيء مثالي"، وتوقع التوصل إلى نتائج من الممكن أن تتناقض مع رأي الرئيس أوباما الذي يرى وجوب الإطاحة بالقذافي. وعلى الرغم من ذلك فإن قوات التحالف ترى أنه أمر صعب، حيث لم يتم حسم التساؤل حول من سيقوم بقيادة هجمات قوات التحالف على ليبيا. وكرر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني تحذيرًا بأن إيطاليا ستستعيد السيطرة على القواعد الجوية التي سمحت لقوات التحالف باستخدامها في العمليات ضد ليبيا إذا لم يتم التنسيق مع حلف شمال الأطلسي.
ووصف مسؤولون إيطاليون هيكل القيادة الثلاثي الحالي، الذي يشمل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ونتائج حملة القصف بـ "الفوضى". ودعا رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني لتسليم هذه العملية إلى حلف شمال الأطلسي وقال "بالنسبة لنا فإنه شيء أساسي أن يتم تحديد مهمة حظر الطيران وأن تكون المهام واضحة بدءًا من الحظر وحتى حماية المدنيين".
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد قال سابقًا إن بريطانيا أو فرنسا ستتولى مسؤولية العمليات الجوية، أو قيادة حلف شمال الأطلسي للعمليات إذا قللت جامعة الدول العربية من حساسيتها حول العمل تحت قيادة حلف الناتو.
ولكن بعض المحللين والمسؤولين في الناتو كانت لديهم تساؤلات عما إذا كانت فرنسا أو بريطانيا قادرتين على تنسيق المهمة الجوية المعقدة متعددة الجنسيات. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد قال، الاثنين، إن حلف شمال الأطلسي يجب أن يتولى قيادة ومسؤولية فرض حظر الطيران. لكن المشكلة من وجهة نظر فرنسا هي أن سمعة التحالف ضعيفة في العالم العربي نتيجة لحرب أفغانستان وسيطرة الولايات المتحدة على الحلف.
وعلق المحلل الفرنسي فرنسوا هايسبورغ قائلاً "أفضل النتائج أن يقوم الناتو بالتنسيق العسكري ولكن بحيث تكون القرارات السياسية في يد مجلس مخصص للدول المشاركة في التحالف، بما في ذلك الدول العربية".