بعدما حقق أموراً في المنطقة عجز عنها البنتاغون على مدار عقود
الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يزدهر في خضم الثورات العربية
أشرف أبو جلالة
من الجوانب الغريبة للأحداث التي شهدتها أخيراً منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا... الطريقة التي كان ينضم من خلالها المراقبون – دوناً عن رغبتهم - إلى النقاط التي تفصل بين المرحلة الثانية من التخفيف الكمي الخاصة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي وبين تلك الثورات والانتفاضات الشعبية التي بدَّلت الكثير من الأمور.
رسم بياني يوضح دور البنك المركزي الأميركي في انتفاضات الربيع العربي
أشرف أبوجلالة من القاهرة: بعد الإشادة بالدور الذي لعبته تلك الثورات في تغيير مسار الحياة الديمقراطية في المنطقة، ورفض التقليل من حجم الإنجازات التي استطاع أن يحققها متظاهرون مسالمون شجعان، أكد تقرير نشرته اليوم في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، باعتباره محفزًا ومحركًا لتلك الأحداث، يبدو من الواضح للغاية أنه حقق أشياءً كثيرة في العالم العربي خلال ستة أشهر، مقارنةً بما حققته وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" هناك على مدار عقود طويلة.
ويوضح الرسم البياني الأول العلاقة بين أسعار الغذاء وشراء الاحتياطي الفيدرالي لسندات الخزانة الأميركية (أي برامجه الخاصة بالتخفيف الكمي). وأوضحت الصحيفة أنه من الممكن معرفة الطريقة التي استقر من خلالها مؤشر أسعار المواد الغذائية بشكل كبير خلال أواخر عام 2009 وبداية عام 2010، ثم ارتفاعه مرة أخرى من منتصف العام 2010، في الوقت الذي أعيد فيه التخفيف الكمي، في أعقاب الخطاب الذي ألقاه بن برنانكي في مدينة جاكسون هول في ولاية وايمونغ الأميركية يوم السابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الماضي، حيث ارتفعت الأسعار بمقدار 40 % على مدى فترة ثمانية أشهر. ويمكن ملاحظة ارتباطات مماثلة بين مشتريات البنك الاحتياطي الفيدرالي وبين مؤشرات السلع الأوسع في النطاق.
وفي الوقت الذي بات من الصعب فيه التنبؤ بمستقبل أسواق السلع، أكدت الصحيفة أن تلك الرسوم البيانية ليست أدلة قاطعة في حد ذاتها، وأنه سبق للاحتياطي الفيدرالي أن نفى ما تردد عن أن التخفيف الكمي الثاني كان محركاً للأحداث. وأوضحت التلغراف أن المساهمة الفعلية للتخفيف الكمي الثاني في الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية أخيراً سيتم مناقشتها في أطروحات دكتوراه، فيما هو آتٍ من عقود.
لكن الحقيقة التي نوهت إليها الصحيفة هي أن الزيادة في أسعار السلع الأساسية هي تماماً ما تتوقعه النظرية بأن تكون نتيجة للتخفيف الكمي الثاني، وتعطي البيانات الصورة نفسها، وهناك أيضاً الكثير من الآليات. ثم لفتت الصحيفة إلى أن إتباع الاحتياطي الفيدرالي مزيدًا من سياسات التخفيف عمل على تقوية التوقعات في الاقتصادات المرتبطة بالدولار، بحيث يتعين أن تبقى السياسات النقدية فضفاضة جداً، ومن ثم قيادة الطفرات التضخمية في هذه الاقتصادات، لتنعكس في ارتفاع أسعار السلع.
وفي الرسم البياني الثاني، يمكن ملاحظة ثمة علاقة راسخة بين أسعار المواد الغذائية وبين احتمالية نشوب الثورات. وقالت هنا الصحيفة إنه عندما ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل أسرع، فإن احتمالية نشوب الثورات تتزايد. وفي عدد من الدول العربية، ترتفع أسعار المواد الغذائية هناك بالفعل عن غيرها من الدول.
ثم لفتت الصحيفة في ختام حديثها إلى أن التخفيف الكمي الثاني تسبب في رفع أسعار المواد الغذائية، كما كان يتعين علينا أن نتوقع. وأن الزيادات السريعة التي طرأت على أسعار المواد الغذائية قد أدت إلى حدوث ثورات، كما كان يتعين علينا أيضاً أن نتوقع.