الشبيبة الإسلامية : هذا موقفنا من الدستور
تدارست الحركة الإسلامية مشروع الاستفتاء على الدستور الأخير، وبعد مناقشة وتبادل للآراء توصل المشاركون إلى ما يلي:
1 - إن التفكير في تمكين الأمة من تحديد نظامها وتقنين تدبير شأنها العام بما يضمن حريتها وكرامتها في إطار العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان أمر إيجابي، ومطلوب من الجميع المشاركة فيه والسعي إلى تحقيقه.
2 - مبادرة القائمين على الدولة باقتراح الدستور مبادرة لا نرى فيها عيبا، بل هي أمر إيجابي إن كان يستجيب لمتطلبات الأمة وثوابتها الدينية، غير أن الطريقة التي اتبعت لوضعه ليست سليمة؛ إذ الأصل أن يتم تأسيس مجلس منتخب وحر مستقل وذي أهلية للقيام بهذه المهمة .
3 - المبدأ العام أن لكل فرد من أفراد المجتمع أن يبدي رأيه في ما يُعرض عليه من قبل الدولة أو من قبل المجلس التأسيسي المنتخب بكل حرية ونزاهة وحرص على مصلحة الأمة وثوابتها.
4 - لا ننكر أن الدستور المعروض حاليا على الشعب له إيجابياته، غير أن من سلبياته عدم وجود ضمانات حقيقية لآليات التنفيذ والمراقبة والاستقلال الفعلي للقضاء مما يحد من حق الأمة في المساواة والعيش الكريم ويفتح المجال لاحتكار السلطة والمال بيد فئة من النخب التي لا حرص لها على دين الأمة ولا على سيادة الوطن.
5 - على الرغم من اختلافنا حول هذا المشروع، فإن المجال واسع للحوار قبولا أو تعديلا أو رفضا، غير أن قاصمة الظهر في الأمر كله ما أقدم عليه وزير الداخلية من مخالفة شرعية لا مجال للتأويل فيها، وهو توزيع رشى بأكثر من سبعة ملايير سنتيم على بعض الأحزاب كي تقوم بالدعاية والترويج لصالح الدستور؛ وهذا يعد بصريح التعبير الشرعي رشوةً، والرشوة محرمة شرعاً: فقد روي في الحديث الصحيح: " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش". ولا شك أن هذه المخالفة الشرعية لا يجوز قبولها أو السكوت عليها؛ لأن هذه الأموال التي وزعها الوزير أولا ملك للشعب وليس له أن يتصرف فيها تصرفا غير شرعي، وكان من الأولى أن توزع على الضعفاء والمحتاجين والعاطلين عن العمل.كما أن استخدام المال لشراء المواقف والآراء ثانيا يعد إكراها بالترغيب والترهيب، وإخلالا بتكافؤ الفرص بين المواطنين.
6 - إن العملية الاستفتائية المطروحة دخلتها مخالفات شرعية متعددة، ونحن من منطلق شرعي نرى أن من الواجب علينا المساهمة بإبداء الرأي وإسداء النصح على الرغم من أن الدولة لم تستشرنا سيرا على نهجها في إقصائنا واستبعادنا؛ ونظرا لأن إبداء الرأي في الدستور يكتسي صبغة ومسؤولية فرديتين لا ينوب فيها أحد عن أحد كما أنه شهادة يسأل عنها كل شخص بين يدي الله، قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) ، فإننا نعتقد أن الامتناع عن التصويت امتناع عن أداء الشهادة، وأن كل فرد مسؤول عن شهادته وملزم بتحكيم دينه ومبادئه عند أدائها برفض الدستور أو قبوله.
7 - ومع كل هذه العيوب التي شابت الدستور وطريقة عرضه للاستفتاء، فإننا حرصا منا على سلامة الأمة ووحدتها وأمنها وعدم انجرافها إلى فتن عرفتها دول أخرى سالت فيها الدماء وانتهكت فيها الأعراض وتقطعت فيها أسباب المودة والألفة بين الجماعات لا ندعو إلى تظاهر أو خروج عنيف للشارع بما يمس وحدة الأمة وسلامتها وسيادتها. كما نحث الجميع أحزابا وجماعات على الحوار الهادئ المتجرد النزيه في كل ما اختلفوا فيه، عملا بالحديث الشريف: (ما تجالس قوم مجلسا فلم ينصت بعضهم لبعض إلا وينزع من ذلك المجلس البركة). (والله يهدي إلى سواء السبيل).
الأمانة العامة للحركة الإسلامية
د. حسن بكير