معتقدات بأشجار مقدسة تزيل الألم وتحقق الأمنيات
عراقيون يقصدون "شجرة المسامير" للتبرك وشفاء الأمراض
العديد من العراقيين والمسافرين شجر المسامير في إربيل التي اضحت مقدسة ويعتقد أنها تصنع المعجزات، فيدقون فيها مسماراً ويحمّلونه آمالهم بالشفاء من آلام، وتحقيق أمنياتهم. والشجرة تلك مطروحة على الأرض منذ عشرات السنين في برية تضم أطلال قبور وبقايا شجر وأحجار متناثرة.
شجرة المسامير... كل مسمار فيها يحمل أمنية
إربيل: حين زار سائق التاكسي حسين الجبوري مدينة أربيل (360 كم جنوب بغداد) بعد غياب عدة سنوات، فان أول ما فعله هو الذهاب الى شجرة المسامير، المطروحة على الأرض منذ عشرات السنين في برية تضم أطلال قبور وبقايا شجر وأحجار متناثرة هنا وهناك.
وهيأ الجبوري المسمار وهو في بغداد لكي يدقه في جذع الشجرة، حيث يؤمن الجبوري أن تثبيت مسمار في جذعها سوف يزيل الم الصداع الذي يلازمه منذ فترة .
وقبل ثلاث سنوات كان الجبوري قد دق مسمارا في الشجرة عندما كان يعاني من الصداع أيضا، لتتحسن حالته. ويقول انه غالبا ما يتوقف مع المسافرين المتوجهين الى بغداد او العكس حيث يحمل معه في سيارته كيسا مليئا بالمسامير لتزويد المسافر الذي لا يمتلك مسمارا بواحد يدقه على الشجرة اذا شاء ذلك .
شجرة مقدسة
وهذه الشجرة التي يعرفها الاهالي في اربيل وضواحيها أضحت شجرة مقدسة لدى كثيرين لاسيما عند اولئك الذي يروون شهادات حية عن قدرتها على الشفاء.
ويعتقد كاكة حمه الذي يسكن في قرية في الضواحي ان هذه الشجرة تعود لإمام صالح او صحابي ولهذا أصبحت لها هذه المكرمات . ويضيف : هناك اناس يقصدونها من اماكن بعيدة لغرز مساميرهم في جذعها.
والشجرة مطروحة في برية تبعد نحو ثلاثين كيلو متراً عن أربيل تحت قبر يعتقد كثيرون انه يعود لشخص " صالح " .
لكن كاكة حمة يقول انه سمع من أجداده ان القبر يعود الى احد أصحاب الرسول (ص).
ولم يبق من الشجرة مكان الا وغرزت فيه المسامير من مختلف الأحجام والأشكال . ويدل الصدأ الذي يغطي المسامير على أنها دقت من سنين طويلة .
شهادات حية
ويروي سعيد قادر الذين يزور الشجرة بصورة متناوبة ان هناك شهادات حية عن قدرة الشجرة على الشفاء. ويضيف : بعض المسافرين المتوجهين الى مناطق بعيدة يحرصون على غرز مسمارهم في الشجرة لإزالة صداع الرأس بسبب السفر لمسافات طويلة .
ولحظة زيارتنا الشجرة توقفت سيارة تقل عائلة تتألف من الأب والأم والطفل، وما أن دق الثلاثة مساميرهم في الشجرة حتى تركوا صندوق مسامير ومطرقة كهدية للمكان .
ويقول رجل الدين احمد الساعي انه سمع بأمر هذه الشجرة لكن ليس هناك دلائل تشير الى ان القبر يعود لشخصية مقدسة أو احد أصحاب النبي كما يزعم البعض .
ويضيف: كل شيء جاهز وربما تكون تلك الشجرة علامة من علامات قدرة الخالق لكي يذكر الناس بمعجزاته.
ويدعو الساعي الى بحث تاريخي وتنقيب في المكان، كما يدعو الى دراسة علمية دينية لمعرفة أسرار المكان . ويقول حمة ان امرأة عجز الأطباء عن شفائها من الصداع النصفي في الرأس، ما أن دقت عدة مسامير بصورة متناوبة حتى شفيت تماما .
ومازالت المرأة تزور الشجرة بين فترة وأخرى حاملة معها الهدايا .
معجزات الشجرة
ويعود تاريخ القرية الى نحو قرن من الزمن، هجرها خلال هذه الفترة الكثير من سكانها الى المدن بحثا عن الرزق، لكن الشجرة ظلت ترقد في مكانها تقاوم الزمن والظروف البيئية .
ويروي حمة كيف ان مَنْ لا يؤمن بمعجزات الشجرة يصيبه المرض والوهن ومن ذلك أمرآة اقتطعت جزءا من الشجرة لتموت في اليوم التالي، كما ان فلاحا حاول حرق الشجرة ففقد قطيع أغنامه وأصيب بمرض نفسي غريب .
وفي العام الماضي زار الشجرة شاب تلبس به الجن بحسب الشيخ آزاد الذي يسكن قرب الشجرة، وحين انتهى من غرز مسماره أصيب بغيبوبة، ثم ما لبث ان صحا متعافيا لا اثر للجن في نفسه .
ويشاع ان الشجرة تشفي في الأغلب الأمراض النفسية كما انها تحقق الامنيات، ودعوات الخير بحسب آزاد.
عادات الشعوب
ويفسر الطبيب النفسي كامل عيسى الظاهرة الى ان الكثير من الشعوب تلجأ الى وسائل تخفف عنها قلقها وأحزانها وآلامها، والشجرة هذه شانها شان الكثير من النصب والتماثيل، وسيلة لتفريغ الهموم والأحزان فيشعر المريض بالراحة والنشوة .
ويضيف ان لحظة دق المسار في الشجرة هو بمثابة تأسيس لمشروع امل في الشخص المريض . ويتابع: المريض يصبح يائسا حين يفقد الأمل، لكن زيارته الشجرة ودق المسار والانتظار ما يسفر عنه دق المسار، يجعله في حالة من الانتظار الايجابي الذي يحفز المريض على الشفاء .
شجرة كربلاء
الجدير بالذكر ان العراق يحتوي على الكثير من الأشجار التي يعتبرها الناس مقدسة ومنها شجرة في احد البيوت في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) يعود عمرها الى نحو قرنين،يزورها الناس للتبرك لاعتقادهم انها من نسل شجرة زرعت في قبر الإمام الحسين في مدينة كربلاء .
شجرة آدم
وفي مدينة البصرة ( 545 كم جنوب بغداد) ثمة شجرة مقدسة في القرنة يطلق عليها اسم شجرة إبراهيم الخليل وآخرون يسمونها شجرة آدم يزورها الناس لاسيما في المناسبات والأعياد للتبرك .
وشان هذه الشجرة شان شجرة المسامير، فكل من يحاول أن يسبب الضرر لها يصاب بأمر مكروه بسبب اللعنة التي تجلبها الشجرة له .
والشجرة هي سدرة يزعم الكثيرون انها من زمن أبي البشر آدم بينما يرجعها البعض الى زمن السيد المسيح .
ويقول الباحث الآثاري كامل حسين ان العراق يحتوي على الكثير من الأماكن المقدسة، اضافة الى الآثار والبقع الجغرافية التي يدور لغط كبير حولها بسبب عم التحقق منها تاريخيا .
ويدعو حسين الى لجان توثق الأماكن والظواهر المرتبطة بها، إضافة الى دراسة اعتقادات الناس المتوارثة عبر أجيال للاستفادة منها في تحديد الحقائق التاريخية المتعلقة بتلك الأماكن .