وسط مؤشرات عن موافقة المالكي على إسناد حقيبة الدفاع للبولاني
محلل: ترشيح شيعي لمنصب مخصص للسنّة كسر للمحاصصة الطائفيّة
أسامة مهدي من لندن
وزير الداخلية السابق جواد البولاني
وسط مؤشرات إلى إمكانية موافقة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على تعيين وزير الداخلية السابق جواد البولاني وزيراً جديداً للدفاع، فقد اعتبر محلل سياسي ترشيح الكتلة العراقية له، وهو الشيعي، إلى منصب مخصص للسنّة، كسراً للمحاصصة الطائفيّة، فيما يتوقع أن يتم تعيين الفريق توفيق الياسري المستشار في وزارة الداخلية وزيرًا لها... في إجراء ينهي أزمة الوزارات الأمنية في البلاد المستمرة منذ تشكيل الحكومة الحالية في أواخر العام الماضي.
حاولت "إيلاف" الاتصال بوزير الداخلية العراقي السابق جواد البولاني لمعرفة رأيه بترشيحه لحقيبة وزارة الدفاع، إلا أن مقرّبًا منه قال انه يفضل عدم الإدلاء بأي تصريحات الآن وقبل الانتهاء من حسم امر ترشيحه خشية من تفسير اي كلام له في هذا الصدد في غير محله.
لكن المحلل السياسي رياض عبد الكريم أبلغ "إيلاف" في اتصال هاتفي من بغداد اليوم الاحد ان ترشيح البولاني لوزارة الدفاع من قبل القائمة العراقية جاء ليعبّر عن كسر قاعدة المحاصصة الطائفية المفروضة على توزيع المناصب والحقائب الوزارية.
واشار الى ان العراقية التي انضم اليها ائتلاف وحدة العراق أخيرًا، والتي ينتمي اليها البولاني، قد وجدت ان هذا الترشيح يمثل النموذج الذي يتطابق مع المواصفات المهنية والخبرات التقنية والقدرة القيادية وتجاوزًا للمحاصصة الطائفية التي اقرّت وجوب ان يكون منصب وزير الدفاع للمكون السني.
وقال ان البولاني شغل منصب وزير الداخلية لخلال السنوات الأربع الماضية، حيث شهدت خلالها الحالة الامنية نسبة عالية من الاستقرار والهدوء، ولم تسجل عليه اية حالات من الفساد او السوء الاداري او التلاعب بالمال العام.
واضاف عبد الكريم انه يبدو ان ترشيح البولاني يحظى بقبول العديد من الكيانات السياسية، وفي مقدمتها التحالف الكردستاني الذي اعلن رسميًا عن استعداده للتصويت على توليه حقيبة الدفاع، كذلك رحّب المجلس الاعلى بزعامة عمار الحكيم بالترشيح، اضافة الى الكثير من الشخصيات السياسية المنضوية تحت الكتل السياسية، برغم ان بعض اعضاء دولة القانون بزعامة المالكي قد صرحوا بأن هذا الترشيح قد تسبب في احراجات للكتل السياسية من دون توضيح طبيعة هذه الاحراجات.
وكانت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي قد اعلنت الجمعة الماضي ترشيح البولاني رسمياً لتولي منصب وزير الدفاع. وقال المتحدث باسمها حيدر الملا ان العراقية اجتمعت بجميع قياداتها وأرسلت خطابا موقعاً من قبل علاوي يقضي بترشيح البولاني، موضحًا ان هذا القرار جاء إيماناً من العراقية بالمشروع الوطني، بهدف تقديم الشخصيات الوطنية والمهنية، فضلاً عن إطلاق ضربة موجعة للمشروع الطائفي، مؤكدًا رفض العراقية لترشيحات الطائفية السياسية.
والبولاني ضابط في سلاح هندسة الطيران في الجيش العراقي السابق قبل ان يخرج من العراق وينضم الى المعارضة السابقة للنظام العراقي السابق، ثم عاد الى العراق بعد سقوط النظام عام 2003، وكان ممثلاً لرئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي في مجلس الحكم المنحل، وتعاون مع عدد من التنظيمات والاحزاب السياسية الحالية، ثم اختير وزيرًا للداخلية في حكومة المالكي الاولى، التي تشكلت مطلع عام 2006، ثم شكل مع عدد من السياسيين تجمع وحدة العراق الذي خاض به الانتخابات البرلمانية الاخيرة، والذي انضم أخيرًا الى الكتلة العراقية.
مواقف الكتل السياسية من الترشيح
توفيق الياسري
وقد ناقشت قيادة التحالف الوطني العراقي "الشيعي" ملف استكمال تشكيلة الحكومة وشغل المناصب الوزارية الأمنية من قبل العناصر الكفوءة والمستقلة، واكدت على ضرورة إسراع ممثلي المكونات المعنية بتقديم الأسماء المرشحة لهذه المناصب في اقرب وقت ممكن.
وشددت قيادة التحالف خلال اجتماع في بغداد الليلة الماضية برئاسة رئيسه إبراهيم الجعفري ومشاركة المالكي وجميع ممثلي الكتل السياسية المنضوية تحت لوائه على ضرورة تقريب وجهات النظر بين الكتل السياسية بخصوص القضايا المختلف عليها ومواصلة الحوار البناء لإيجاد الحلول المناسبة بما يخدم سير العملية السياسية.
واعلنت القيادة اتفاقها على تشريع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا من حيث المبدأ بشرط عدم مخالفته بنود الدستور والحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات وضمان عدم سلب صلاحيات الدولة في اشارة الى الجدل الدائر حول دور المجلس المرشح لرئاسته علاوي والواجبات التي ستناط به. وكان مجلس النواب ابدى الخميس الماضي موافقة مبداية على القانون الذي مازال بحاجة الى قراءتين اخريين داخل المجلس قبل المصادقة عليه رسميًا.
تعقيبًا على هذا الترشيح، فقد اعلن النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن السنيد ان المالكي يدرس الاسماء التي قدمتها القائمة العراقية إلى وزارة الدفاع. وقال ان المالكي ليس لديه اي نية مسبقة لرفض اي واحد منهم، ومنهم جواد البولاني. ولم يستبعد السنيد ان يتم اختيار البولاني لهذا المنصب.
كما اكد التحالف الكردستاني ان نوابه سيصوّتون على البولاني "لكونه شخصية وطنية"، مبينا أن البولاني يحظى بقبول كل الكتل السياسية. وقال النائب عن التحالف إن "إدارة البولاني لوزارة الداخلية أكدت انه شخصية وطنية"، مشيرًا إلى أن "التحالف الكردستاني يحترم إرادة القائمة العراقية باختيارها البولاني لوزارة الدفاع".
من جهته قال النائب عن كتلة الاحرار الممثلة للتيار الصدري جواد الجبوري ان تسلم البولاني منصب وزير الدفاع سينهي خلافات الكتل السياسية حول مرشحي هذه الوزارة. واشار الى ان البولاني "شخصية مهنية، وقدم انجازات كبيرة خلال فترة تسلمه وزارة الداخلية في ظل ظروف حرجة وعصيبة كان يمر بها العراق". واوضح ان البولاني شخصية توافقية مقبولة من جميع الاطراف.
كما اعلن المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم عن ترحيبه بترشيح البولاني، وقال عضو المجلس جمعة العطواني ان البولاني يتمتع بخبرة الادارة الامنية، لكونه كان وزيرًا سابقا للداخلية، كما يحظى بقبول لدى معظم الكتل السياسية لحياديته. واشار الى ان هذا الترشيح "ربما سيحظى بموافقة المالكي بعيدًا عن المصالح الشخصية، خصوصًا اذا اصرّت القائمة العراقية على التمسك به كمرشح رسمي لها لوزارة الدفاع".
حظوظ قوية لتولي الفريق الياسري حقيبة الداخلية
اما بالنسبة إلى ترشيح التحالف الوطني للفريق توفيق الياسري المستشار في وزارة الداخلية لتولي حقيبة الوزارة، فقد اشار النائب في كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري حاكم الزاملي ان الياسري هو الاكثر قبولاً بين المرشحين الاربعة المطروحين على طاولة التحالف.
وقال في تصريح صحافي اليوم ان هناك عددًا من الاسماء متفق عليها لترشيحها لحقيبة الداخلية، من ضمنها توفيق الياسري، وفي السابق احمد الجلبي، لكن تم استبعاده، موضحًا ان الياسري لا يزال هو الاكثر قبولاً بين المرشحين الاربعة المطروحين على طاولة التحالف. واضاف ان الاسماء الجديدة التي تم طرحها لتولي الداخلية هي: اللواء مظهر المولى وقائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي وقائد الشرطة الاتحادية اللواء الركن حسين العوادي.
والياسري ضابط سابق في الجيش العراقي، وانشق عنه عام 1991، وانضم الى انتفاضة الجنوب العراقي التي اعقبت حرب الكويت، واصيب في مواجهات مع قوات النظام السابق، ثم شكل تنظيمًا للضباط المعارضين للنظام السابق، ثم عاد الى العراق بعد سقوطه، وعمل مستشارًا في وزارة الداخلية، وهو يحظى بعلاقات جيدة مع مختلف القوى السياسية المنضمة الى العملية السياسية في العراق حاليًا.
يشغل المالكي الوزارات الأمنية الثلاث بالوكالة منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة غير المكتملة في الحادي والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إلا أنه أصدر في السابع من حزيران (يونيو) الماضي أمراً بتكليف مستشار الأمن القومي فالح الفياض لتسلم منصب وزير الأمن الوطني وكالة، لكن وزارتي الدفاع والداخلية ظلتا شاغرتين. وكان المالكي أعلن في أيار (مايو) الماضي أن وزارة الدفاع ليست من حق القائمة العراقية، وإنما المكون السنّي. أما وزارة الداخلية فهي من حصة المكون الشيعي.