أسامة مهدي من لندن
النجيفي يعرض في لندن لسياسيين ومفكرين بريطانيين التحديات التي تواجه العراق
فيما اعتبر القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وخطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي إبقاء مدربين أميركيين في العراق بمثابة احتلال جديد فقد تظاهر عراقيون اليوم داعين الى انضمام الكويت الى العراق ومعلنين احتجاهم على الانهيارات الأمنية المستمرة وعلى ترك النواب لمشاكل بلدهم وتوجههم لأداء فرضة الحج بالعشرات... في وقت اكد رئيس البرلمان اسامة النجيفي ان العراق يواجه تحديات خارجية وداخلية خطيرة تتمثل بتأثير الانتفاضات العربية على اوضاعه المحلية وجرثومة الطائفية والعرقية والفساد الذي يشكل كارثة للبلاد.
رفض القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وخطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي امام جمعة النجف (160 كم جنوب بغداد) خلال خطبة الجمعة اليوم بشدة بقاء اي من القوات الأميركية في العراق وأن كان بعض افرادها بصفة مدربين كما عارض بقاء اي قواعد عسكرية او مدنية أميركية.
واكد القبانجي ضرورة تطبيق الاتفاقية الامنية العراقية الأميركية الموقعة اواخر عام 2008 وانسحاب كامل القوات الأميركية من البلاد بنهاية العام الحالي 2011. ووصف ابقاء 5 الاف عسكري أميركي في العراق استجابة لطلب الجانب الأميركي وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد اشار الى احتمال بقاء هذا العدد من العسكريين الأميركيين بأنه احتلال جديد.
ورفض بشدة ارغام العراق على القبول بهذا الامر داعيا الحكومة الى القول بلا لهذا الطلب الأميركي.. واكد قائلا "ان فرض قوات تدريب على العراق وبقواعد وبعدة الاف غير مقبول وننتظر من الكتل السياسية ان تقول لا وهم سينتصرون بقولتهم ورفضهم هذا".
وعبر خطيب جمعة النجف عن الاستهجان للانهيارات الامنية المتكررة في مناطق مختلفة من العراق ودعا "الى ضرورة التحقيق ومتابعة التدهور الامني رغم التكتم الاعلامي لمسؤولي الاجهزة الامنية على اسباب وحقيقة هذه الانهيارات".
وطالب قيادات الاجهزة الامنية بأن تكون واضحة وشفافة مع ابناء الشعب العراقي في توضيح اسباب عدم القدر على لجم هذه التفجيرات التي يذهب ضحيتها المئات من المواطنين بين يوم واخر. وعبر القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي عن الاستياء من تعطيل مجلس النواب لمدة 40 يوما بسبب سفر اكثر من مائة نائب لاداء فريضة الحج وتساءل قائلا "الشعب العراقي راض عن هذا؟".. واشار الى ان مئات مئات القوانين الموجودة في ادراج مجلس النواب تحتاج الى تشريع عاجل وكان عليهم انجازها قبل سفرهم "لان توجههم لخدمة شعبهم هو الذي سيقبله الله منهم".
وكان القادة السياسيون العراقيون اعلنوا بعد اجتماع عقد في منزل طالباني الاسبوع الماضي ان هناك حاجة لتدريب القوات وشراء معدات عسكرية لكنهم اتفقوا على ان المدربين العسكريين الأميركيين الذين سيبقون بعد نهاية العام الحالي لتدريب قوات الامن "لا يحتاجون الى حصانة" في وقت لم يشيروا فيه الى عدد المدربين المطلوبين او المدة المطلوبة لبقائهم.
واكد القادة العراقيون في مطلع آب (اغسطس) الماضي استعدادهم لاجراء مشاورات مع واشنطن بشأن الابقاء على بعثة تدريب. وعرض البيت الابيض ابقاء ما بين ثلاثة او اربعة الاف جندي بعد 2011 مقابل 43 الفا و500 جندي ينتشرون حاليا في العراق.
ومن جهته قال المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق امس ان الحصانة القانونية للقوات الأميركية التي ستخدم في العراق كجزء من مهمات تدريب بعد نهاية العام الجارية "مطلوبة".
وقال الميجور جنرال جيفري بوكانن في تصريحات صحافية ان "اي قوات تخدم في العراق تحتاج الى الحصانة القانونية التي يحظون بها الان وفقا للاتفاقية الامنية او الى حصانة قانونية مماثلة لتلك التي يحظون بها في اي دولة اخرى من تلك التي يخدمون فيها العالم". واوضح "كنا صريحين جدا حيال هذا المطلب من وجهة نظرنا". واضاف "لا اعرف بلدا تعمل فيه قواتنا ليس لهم فيه حصانة دبلوماسية او في المعنى التقليدي اكثر الحماية القانونية بموجب نوعا من اتفاق ثنائي".
واشار بوكانن الى ان الولايات المتحدة لديها الان 22 قاعدة في العراق مقارنة الى 2008 حيث كانت لديها 505 ومئات من المواكب في الطرق كل اسبوع". واضاف انه في الاسبوع الماضي فقط تحرك 399 موكبا يضم 13909 شاحنات استخدمت جميعها لمواصلة الانسحاب.
وكان الامين العام لمجلس الوزراء العراقي علي العلاق قال مطلع الاسبوع الحالي ان حكومته تدرس خيارات متعددة بشأن مستقبل الوجود الأميركي في العراق تتراوح من تكليف هذه القوات بمهمات محدودة وصولا الى صرف النظر عن تكليفها بمهام تدريب القوات العراقية.
النجيفي: العراق يواجه تحديات الانتفاضات العربية وخطورة الطائفية
وعلى صعيد الاوضاع العراقية نفسها فقد تحدث رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي في ندوة بلندن اليوم ضمت سياسيين ومفكرين بريطانيين عن "تحديات الوضع السياسي القائم في العراق وآفاق المستقبل" اوضح فيها مجموعة العوامل المعرقلة والكابحة التي تبطئ استكمال مشوار الشراكة الوطنية الذي اختاره الشعب العراقي باعتباره سبيلا الى السلام والاستقرار والاعمار للوطن والرفاه والحياة الكريمة لجميع العراقيين بدون تمييز وتفريق.
واوضح قائلا "اننا لم ننقل خيار الشراكة الوطنية بشكل كلي وشامل من دائرة الشعارات السياسية الى دائرة الانجاز المشترك على ارض الواقع في هذه المرحلة البالغة الدقة والتعقيد نتيجة ظهور تحديات خارجية واخرى داخلية". واضاف ان "التحديات الخارجية تكمن بدائرة الانتفاضات والثورات الشعبية في المنطقة وانعكاساتها على بلدنا الذي ما زال يعاني من جروح ونزيف دم كما ان العلاقات مع بعض دول الجوار العراقي والتدخلات السلبية في شأننا وتحويل العراق الى ساحة للصراعات الدولية وتصفية الحسابات ترسم صورة قاتمة في المشهد السياسي العراقي وتشوبها الكثير من الضبابية على مستقبل العراق".
وأشار النجيفي إلى أن "التحدي الداخلي يتجوهر في المصالحة الوطنية وتحقيق الامن الاجتماعي وتجربة البناء الديمقراطي التي تواجه تحديات كبيرة تهدف الى إفشالها". وأكد أن "هناك تحدي الفوضى الاقتصادية وانهيارات الصناعة والزراعة والتجارة وعشوائية التعليم والصحة واخلال في منظمات الكهرباء والمياه والخدمات والتضخم والبطالة العامة لافتا الى ان الفساد هو الافة وهو الاشد فتكا من كل صنوف الارهاب والذي هو ايضا كارثة تمزق العراق".
واشار الى ان من بين اخطرالتحديات الداخلية موضوع خطير له تفرعاته الجانبية وهو جرثومة الطائفية والعرقية ونزوة البعض للعودة الى اتونه في محاولة منهم لتجاوز مفهوم الشراكة والمصالحة والوطنية والقفز على الاصلاحات السياسية وابعاد الاخرين عن صناعة القرار.
وشدد على "وجوب اصلاح الملف القضائي والامني والاقتصادي واجراء التوازنات الدستورية والوطنية وتثبيت الحريات وحقوق الانسان وتطوير القدرات البيروقراطية". وكان النجيفي الذي بدأ السبت الماضي جولة خارجية قد بحث في اسطنبول الاحد مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان علاقات البلدين وسبل تطويرها في مختلف المجالات.
وبعد زيارته الحالية الى لندن التي تأتي بدعوة من مايكل مارتن رئيس مجلس العموم البريطاني سيتوجه النجيفي غدا السبت الى مدينة برن السويسرية للمشاركة في اعمال مؤتمر البرلمانات الدولية المنعقد هناك حيث سيلقي كلمة العراق في المؤتمر.
متظاهرون يدعون لانضمام الكويت للعراق وينددون بانهيار الامن
تظاهر عراقيون اليوم داعين الى انضمام الكويت الى العراق ومعلنين احتجاهم على الانهيارات الامنية المستمرة وعلى ترك النواب لمشاكل بلدهم وتوجههم لاداء فرضة الحج بالعشرات.
فقد نظم المئات من العراقيين تظاهرة في ساحة التحرير بوسط بغداد دعوا خلالها الى انضمام الكويت الى العراق واحتجوا على ما اسموها بتجاوزات حكومتها على السيادة العراقية واصرارها على بناء ميناء مبارك الكبير الذي سيخنق الموانئ العراقية الجنوبية ويلحق اضرارا فادحة بالاقتصاد العراقي كما يقولون.
كما احتج المتظاهرون في هتافاتهم والشعارات التي رفعوها بتوجه اكثر من مائة نائب عراقي الى الحج يرافق كل منهم اثنان من افراد عائلته على نفقة الدولة تاركين مشاكل بلدهم من دون حل معطلين عشرات القوانين المهمة المعروضة على مجلسهم من اجل تشريعها. كما احتج المتظاهرون على الانهيارات التي يشهدها الوضع الامني وتصاعد عمليات القتل والتفجير التي تشهدها البلا وخاصة في الايام الاخيرة والتي اوقعت مئات القتلى والجرحى داعين الى جهود وحلول جذرية لهذه الاوضاع. واضافة الى ذلك فقد ندد المتظاهرون بتصرسحات بعض المسؤولين الاكراد الداعية الى فصل المناطق الكردية عن العراق وانشاء دولة كردية.
وكانت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب قد اعلنت الاسبوع الماضي أن هيئة الحج والعمرة خصصت لمجلس النواب 640 مقعداً للذهاب إلى السعودية لأداء فريضة الحج العام الحالي. وقد ادى ذلك الى تعطيل مجلس النواب لمدة 40 يوما حتى يستأنف جلساته في العشرين من الشهر المقبل، لحسم ملفات مهمة تهمّ أوضاع المواطنين السياسية والاقتصادية والأمنية، وتتعلق بمصير المفاوضات حول إبقاء مدربين عسكريين أميركيين، وحسم الوزارات الأمنية والتحقيق بملفات فساد، والاتفاق على النظام الداخلي للمجلس الوطني للسياسات العليا وميناء مبارك الكويتي وقوانين النفط والغاز ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا، وهي قضايا مثار خلافات واسعة بين الكتل السياسية، قد يؤدي عدم الاتفاق حولها إلى جرّ البلاد إلى مرحلة اضطراب جديدة.
وعندما يستأنف مجلس النواب اجتماعاته سيجد أمامه ملفات مصيرية ومهمة عليه إنجازها والانتهاء من الجدل والخلاف حولها، وبعكسه فإن العملية السياسية الجارية في البلاد والهشّة أصلاً قد تتعرّض لهزات خطرة، تجرّ معها تداعيات سلبية، تؤثر على أوضاع البلاد الأمنية والسياسية بشكل خطر. وكان بعض هذه الملفات قد تأجّل بحثها في الصيف الماضي بسبب وجود معظم النواب والقادة السياسيين في خارج العراق للتمتّع بعطلة عيد الفطر الرسمية، التي استمرت خمسة أيام، لكن البرلمان لم ينجز المهمات المكلف بها منذ انتهاء تلك العطلة وحتى يوم أمس، حيث عقد آخر جلساته قبل أن يبدأ اليوم عطلته الطويلة.
وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط (فبراير) الماضي تظاهرات أحتجاج تطالب بتغيير الحكومة واتخاذ اجراءات حاسمة لمكافحة الفساد والبطالة والمحاصصة في ادارة الدولة وللمطالبة بالخدمات والأمن ومعاقبة المزورين وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.