العرب اليوم
لندن ـ سليم كرم
قامت القوات الجوية البريطانية الخاصة "SAS" بتدبير خطة جريئة جداً في الحرب العالمية الثانية، عندما أُمر الفريق بتنفيذ مهمة، فيها خياران لا ثالث لهما، إما المجد أو الهلاك. وتتمثل الإقدام على قتل أو اختطاف إروين رومل، أحد أكبر قادة النازية العسكريين، في العام 1944. إلا أن هذه المهمة ألغيت بعد تعرض سيارة رومل لهجوم من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني "RAF"، لكنه استطاع الهرب مع بعض الإصابات في رأسه. وقد تم الكشف عن هذه المؤامرة الجريئة للمرة الأولى في مذكرات غير عادية، سجلت المآثر الملحوظة للقوات الجوية البريطانية الخاصة.
ولم يتم الكشف عن هذه التفاصيل من قبل منذ أن تم تجميعها في العام 1946. وقد تم نشرها الآن للتعريف بجهود القوات البريطانية سابقًا ولرفع الروح المعنوية لآلاف المشوهين العائدين من أفغانستان، فضلا عن العائلات الثكلى والمحاربين القدامى.
ويجمع كتاب "يوميات القوات الجوية البريطانية الخاصة "SAS" في الحرب 1941-1945 "صوراً نادرة لم تظهر مسبقًا، وأوامر سرية للغاية وتقارير سرية لم ترَ النور من قبل. ومعظم هذه التفاصيل كتبها مؤسس سلاح القوات الجوية الخاصة، ديفيد ستيرلينغ. ويوثق الكتاب للفوج المسمى "من يجرؤ على الفوز" الذي كان مخصصًا للمهمات الخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية.
ويعتبر بادي ماين واحدًا من الضباط الذين ذكرت أسمائهم في هذا الكتاب والذي قاد عددًا من الغارات الليلية الجريئة وأصبح أشهر الجنود البريطانيين لشجاعته في تلك الفترة. وكانت هذه واحدة من المؤامرات الأكثر جرأة للقضاء على رومل والتي تم الإشارة إليها بسري للغاية وجاء في الوثائق "يجب وضع النقاط التالية في الاعتبار، يعتبر اختطاف رومل وإحضاره إلى البلاد أمر له قيمة دعائية كبيرة، ولكنه ربما يؤدي إلى الانتقام من السكان المحليين والتي من الأفضل تجنبها ولذلك لابد من التفكير في مكان آخر مناسب لإحضاره إليه".
وتابعت الوثيقة "ومن الأفضل قتل رومل، لأنه من الواضح أنها مهمة أسهل من الاختطاف، ولضمان عدم إحضاره إلى البلاد، ولضمان عدم فشل المهمة، لأن مهمة اختطافه ستطلب أجهزة اتصال معقدة، ولوقت طويل إلا أن عملية القتل لن تطلب الكثير". واستطاع رومل الهروب بعد تعرض سيارته للهجوم وإصابته في رأسه، إلا أنه انتحر بعد ذلك بثلاثة أشهر بعد تورطه في محاولة فاشلة لقتل هتلر.
وقد تم تصميم القوات الجوية البريطانية الخاصة كقوة فدائية للعمل في سرية خلف خطوط العدو. واستخدم مؤسسها، الضابط الشاب ستيرلينغ، التكتيك الثوري، واستعان بعدد قليل من الجنود المهرة لترجيح كفة ميزان الحرب في شمال أفريقيا لصالح بريطانيا. وتم تنفيذ المهمة الأولى، التي عُرفت بالعملية رقم واحد، في 16 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1941. وكان الهدف هو تدمير أسراب من الطائرات الألمانية والإيطالية الموجودة في مهبطين للطائرات في ليبيا. وجاء في ملاحظات العملية "من المهم جدًا عدم معرفة العدو بوجودكم".
وكتب أحد جنود القوات الجوية الخاصة، إنه كانت تقدم لهم وجبات تشبه وجبات الملوك، كأنهم أرادوا لهم أن يتناولوا ما يريدون قبل الذهاب لتلك المهمات الصعبة، ولكن بسبب الظروف الجوية الصعبة، انتهت العملية بكارثة. ولم يستطع سوى 22 جنديًا من 65 المشاركين في العملية العودة أحياء. إلا أن غالبية العمليات اللاحقة نجحت، وكانت تستهدف طائرات "العدو" في الصحراء وتعطيلها.
ولعبت القوات الجوية البريطانية الخاصة دورًا رائدًا قبل غزو إيطاليا وإنزال النورماندي في حزيران/يونيو من العام 1944، والذي قاد الطريق نحو تحرير أوروبا الغربية. وعلى الرغم من نجاح تلك القوات وخبرتها، تم تفكيكها في العام 1945، وصمم أحد الجنود الذي لم يكشف التاريخ عن اسمه، على عدم نسيان تلك الإنجازات عبر الزمن، فقام بتجميع كل القصاصات الصور والوثائق التي تخص هذه القوات. واحتفظ بهذه الوثائق المهمة ولم يكشف عنها إلا عندما قدمها للجمعية التابعة للقوات الجوية البريطانية الخاصة قبل وفاته بوقت قصير في أواخر التسعينيات.
وقال نائب الرئيس التنفيذي للجمعية الكولونيل جون كروسلاند "تحتوي هذه المذكرات على وثائق فريدة من نوعها، وتتحدث عن تجربة استثنائية لهؤلاء الرجال، الذين قاموا بأشياء مذهلة". ومن الممكن شراء كتاب "يوميات القوات الجوية البريطانية الخاصة SAS في الحرب 1941-1945" من على موقع
www.saswardiary.co.uk بسعر يبدأ من 975 جنيهًا استرلينيًا، ويمكن تقديم التبرعات بشيكات مستحقة للجمعية على عنوانها في لندن.