صنعاء ـ خالد الهروجي
ذكر مصدر رسمي يمني أن الرئيس علي عبدالله صالح وجّه بإزالة كل المظاهر المسلحة من العاصمة، صنعاء، التي شهدت السبت هدوءاً حذراً، فيما دعت قيادة الجيش المؤيد للثورة، "أحرار اليمن" إلى عدم توجيه السلاح إلى إخوانهم اليمنيين، واتهمت تلك القيادة، والمجلس الوطني لقوى الثورة الشعبية السلمية، صالح بأنه "يجر البلاد إلى الحرب"، ودعتا المجتمع الدولي إلى التدخل.
فقد شهدت صنعاء، هدوءاً حذراً منذ عصر السبت، حيث لم تسجل أي مواجهات بين القوات الموالية للصالح، والقوات المؤيدة للثورة، أو أتباع زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر، كما لم تتعرض ساحة التغيير لأي اعتداء، من قبل قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري أو القناصة المدنيين.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، إن صالح وجه السبت اللجنة التي سبق وشكلها نائبه عبدربه منصور هادي بالعمل على إزالة كل المظاهر المسلحة في العاصمة صنعاء، وأكدت إن صالح حث اللجنة التي يرأسها رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء غالب القمش وتضم في عضويتها عبدالقادر هلال واحمد أبو حورية واللواء فضل القوسي والعميد علي الجايفي، بالعمل على إزالة كل المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء بما في ذلك الحواجز ونقاط التفتيش والمتاريس وإخلاء المسلحين سواء كانوا من الأمن أو القوات المسلحة وإعادتهم إلى ثكناتهم.
وأشارت الوكالة إلى إن صالح شدد على إخلاء العاصمة أيضاً من المسلحين المدنيين بما يضمن بقاء العاصمة آمنة وخالية من كل المظاهر المسلحة، وأن قرارات اللجنة تعتبر ملزمة لكل الأطراف التي يجب عليها الالتزام بالتنفيذ، والإعلان عن كل من لم يلتزم بتنفيذ ما تقره اللجنة عبر وسائل الإعلام واطلاع الشعب عن من لا يلتزم بقراراتها.
إلى ذلك، دعت قيادة الجيش المؤيد للثورة في اليمن، من وصفتهم "أحرار اليمن وأحرار المؤتمر الشعبي العام وأحرار القوات المسلحة والأمن البواسل وأحرار الحرس الجمهوري وأحرار الأمن المركزي والنجدة"، إلى تحمل "مسؤوليتهم الوطنية والدينية والأخوية والإنسانية أمام شعبهم، وعدم توجيه أسلحتهم إلى صدور إخوانهم أبناء الشعب".
وناشدت قيادة الجيش في بيان لها السبت، مذيل باسم "قيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية والجيش اليمني الحر المؤيد للثورة"، دول الخليج وأميركا، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والمجتمع الدولي، التدخل للحيلولة دون انجرار اليمن إلى الحرب الأهلية.
وأكد البيان، إن قيادة الجيش المؤيد للثورة، تثمن جهود الأشقاء والأصدقاء، وتقدر مساعيهم الصادقة والحثيثة لتجنيب اليمن ويلات الحرب والاقتتال، وهي تناشدهم اليوم الأخذ على يد صالح، الذي وصفته بـ"الجاهل"، والعمل على ردعه "وكبح جماح تصرفاته اللامسؤولة والتي ينوي من خلالها تفجير الوضع عسكرياً وإشعال حرب أهلية طاحنة في بلادنا، قد تطال بتداعياتها المنطقة برمتها، ومؤثرة على السلم العالمي برمته"، مشيرة إلى أن اليمنيين يعيشون رعب نذر هذه الحرب التي فجرها منذ عودته فجر الجمعة ونجم عنها سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وأكد أن الشعب اليمني ما يزال، وما "زلنا نحن متمسكين بسلمية ثورتنا، مراهنين على صبر أبناء شعبنا ونضاله وتصميمه على نجاح ثورته وعلى المسئولية الأخوية والإنسانية للأشقاء والأصدقاء لردعه وعصابته عن تصرفاتهم اللامسئولة".
وقالت قيادة الجيش المؤيد للثورة في اليمن، "إننا نشهد الله ثم نشهدكم أن عصابة من قومنا غرتهم سوءة تصرفاتهم وأخذتهم العزة بالإثم ولا يزالون سادرين في غيهم أعمتهم جهالتهم ونزعة تسلطهم على رقاب أبناء شعبنا، فأعمى الله بصائرهم وبصيرتهم، وهاهم منذ ما يقرب من ثمانية أشهر خلت رغم سلمية ثورة شعبنا والصورة الحضارية التي يضرب بها المثل لثورة شبابنا الشعبية السلمية ورغم قدرة شعبنا على المواجهة وحسم الأمور واستعادة السلطة المغتصبة من هذه العصابة، إلاّ أننا في قيادة أنصار الثورة والقوى السياسية الوطنية الحرة وشباب وشابات ساحات الحرية والتغيير في كل ساحات الوطن حريصون كل الحرص على أن لا تزهق روح واحدة أو تراق قطرة دم".
وأشارت إلى أن صالح "ورغم فقدانه للشرعية أسقط بعودته إلى اليمن شرعية النائب، عبد ربه منصور هادي، وقالت إن تصريحاته الأخيرة حول الهدنة، مجرد ذر للرماد على العيون، حيث عمد خلال أقل من 24 ساعة من عودته كثف القصف الصاروخي والمدفعي وبكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لمحاولة اقتحام ساحة التغيير".
وأضاف البيان بأن العدو الإسرائيلي يواجه أعدائه من الفلسطينيين بالرصاص المطاطي وخراطيم المياه، والقنابل المسيلة للدموع، فيما يواجه صالح أبناء شعبه العزل بالمدفعية الثقيلة من عيار 160 إلى أدنى عيار، وبمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والرشاشات وأسلحة القنص.
واتهم البيان صالح "بالانحراف بمسار ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وأهدافهما، وتحويل اليمن إلى إقطاعية خاصة به، وأنه خلال حكمه، مارس الاستبداد في الشمال، والاستعمار في الجنوب في آن واحد"، معتبرا عودته إلى اليمن "بالفاجعة الكبرى لليمن واليمنيين"، وأكد بأنه "عاد ليفجر الوضع في اليمن".
من جانبه، أدان المجلس الوطني لقوى الثورة الشعبية السلمية بشدة إصرار من وصفهم "بقايا النظام العائلي على جر البلاد إلى حرب طاحنة، عبر استهداف ساحة التغيير ومقر قيادة الفرقة الأولى مدرع بقصف مدفعي وصاروخي كثيف أسفر عنه استشهاد وإصابة المئات ضمن عدوان مستمر منذ أيام على ساحات الحرية ومؤيديهم من القوات العسكرية التي أعلنت انضمامها للثورة وتعهدت بحمايتها من أي اعتداءات.
وقال المجلس في بيان أصدره السبت، إن "هذا العدوان يتزامن مع عودة الرئيس صالح من الرياض، ويؤكد عدم مصداقيته في أنه عاد حاملاً الحمام وأغصان الزيتون, لأنه جاء مدججاً بكل أنواع الأسلحة المدمرة والفتاكة التي يستخدمها بضراوة ووحشية ومصدراً الأوامر بتوجيه تلك الأسلحة إلى صدور أبناء الشعب اليمني الثائر والصامد في الميادين والساحات".
وأوضح إن "إصرار هذه العصابة الباغية على الشعب والمتمردة على إرادته والرافضة الرضوخ لمطالبه وطموحاته, على تفجير الوضع عسكرياً, دليل على ما وصلت إليه من حالة يأس وشعور بالفشل الذريع لمحاولاتها المستميتة لإجهاض الثورة الشعبية السلمية المستمرة والتي تشهد زخماً و تصاعداً نحو الحسم الثوري القريب".
ونوه البيان إلى أن السلطة فقدت آخر أوراق التوت التي ظلت تتحجج بها لتأجيل التزامها بنتائج الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لإحداث انتقال آمن للسلطة وإحلال السلام في اليمن، كما يناشد المجلس الوطني "الأشقاء والأصدقاء وكل أحرار العالم للوقوف أمام جرائم بقايا هذا النظام العائلي وتحمل مسئوليتهم السياسية والأخلاقية للحيلولة دون سفك المزيد من دماء أبناء اليمن"، وأشاد في الوقت ذاته بصمود المعتصمين في ساحة التغيير وكل الساحات وبموقف "قيادة الفرقة الأولى مدرع والجيش المؤيد للثورة الذي يتعرض لعدوان مستمر ويلتزم بقدر عالٍ من ضبط النفس وعدم الرد منعاً لتحقيق رغبات هذه العصابة الباغية في جر البلاد إلى أتون العنف والحرب الأهلية".