في محاولة لثني الفلسطينيين عن طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية جيش الاحتلال يعطي المستوطنين الضوء الأخضر لتنفيذ خطة "بذور الصيف"

رام الله، غزة ـ نظير طه/ محمد حبيب
أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح السبت، النار في اتجاه سيارة مدنية فلسطينية، كانت تسير على شارع تقوع، جنوب شرقي بيت لحم، بالضفة الغربية، مما أدى إلى انقلابها، واعتقال أبٍ وابنَتَه كانا في داخلها بعد إصابتهم، فيما أطلق مستوطنون النار على رعاة أغنام في قرية كيسان، من دون أن يُبلغ عن سقوط إصابات . يأتي ذلك في سياق محاولة حكومة الاحتلال التأثير على الرأي العام العالمي لثني الفلسطينيين عن طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس، كما أعطت سلطات الاحتلال الضوء الأخضر للمستوطنين من أجل استباحة الأرض الفلسطينية، وتنفيذ سلسلة اعتداءات بحق المواطنين العزل، وقدمت لهم الدعم الكامل لتنفيذ خطة "بذور الصيف"، وتكثيف اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وأفاد شهود عيان أن قوات الاحتلال طاردت سيارة مدنية كانت تسير على شارع تقوع الرئيسي، الذي يربط بين مستوطنات جنوب الضفة والقدس، ويربط كذلك الخليل برام الله، وأطلقت النار عليها بعد تفاجأ السائق بحاجزٍ عسكري، ما أدى إلى انقلابها، واعتقال أبٍ وابنَتَه كانا بداخلها بعد إصابتهما.
وقال الشهود إن المعتقلين هما: محمد غنام (41 عامًا)، وابنَتَه قمر (17 عامًا)، من بلدة دورا، في الخليل. وقد هرعت سيارات إسعاف إسرائيلية وفلسطينية إلى المكان، دون أن يُعْرَف بعدُ مصيرُ المواطِنَيّن الفلسطينيين. وعلى الصعيد ذاته، قال شهودُ عَيَان إن مستوطني مستوطنة معالي عاموس، المقامة على أراضي بلدة تقوع، أطلقوا النار، السبت، باتجاه عدد من رعاة الأغنام في قرية كيسان، المحاذية للبلدة، أثناء قيامهم برعي الأغنام، دون أن يُبَلغ عن إصابات.
وفي السياق نفسه، قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، إن الأسبوع المنصرم شهد سلسلةَ اعتداءاتٍ وحشيهٍ، تمثلت بحرق وقطع مئات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون والعنب، وخطف مواطنين، وإطلاق النار على آخرين، واستشهاد شاب وإصابة العشرات بجروح.
يُضافُ إليها تصريحات تحريضية وعنصرية من قبل قيادات المستوطنين، كان آخرها وصف الحاخام دوف ليؤر من مستوطنة "كريات أربع" أبناء الشعب الفلسطيني بأنهم "متوحشون وهمجيون وأشرار، وأعداء للسلام، وأن طبيعتهم مناهضة للسلام، وينبغي ترحيلهم من البلاد".
ولم تكتف سلطاتُ الاحتلال بتقديم الدعم للميليشيات القائمة في أوساط المستوطنين، بل سمحت لهم كذلك ببناء ميليشيا نسائية مسلحة، أخذت تمارس تدريبات مكثفة على كيفية استخدام الأسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين العزل.
وأضاف التقرير، وبشكل مخالف للقوانين والاتفاقيات الدولية، استعمل جيش الاحتلال، وللمرة الأولى، سلاحًا جديدًا في تفريق المتظاهرين، ويدعى "الصرخة"، الذي يصدر صوتًا لا يمكن تحمله، ومن يسمع الصوت لا يستطيع الوقوف أكثر من عشرين ثانية فقط، كما استخدموا نوعًا جديدًا من الغاز السام، والمسيل للدموع، لا يتيح للمواطنين فرصه الهرب، بل يصابون بالإغماء مجرد استنشاقه، وهو ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات إغماء في العديد من المواجهات التي جرت على حاجز قلنديا وغيره من المسيرات.
تقرير عن الانتهاكات
وقد تمثلت الانتهاكات الأسبوعية في الفترة التي يغطيها التقرير على النحو الآتي:
القدس: صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إقامة 900 وحدة استيطانية جديدة على أراضي القدس المحتلة، وقالت القناة العبرية العاشرة إن ما تسمى بـ"اللجان القومية للسكن" صادقت على مخططٍ لبناء 900 وحدة استيطانية سيتم بناؤها في مستوطنةٍ مقامة على أراضي القدس.
نابلس: استشهد المواطن عصام كمال حسن، (33 عاما)، خلال هجوم شنه مستوطنون وقوات من جيش الاحتلال على قرية قصرة، في ريف نابلس الجنوبي، وأصيب خلال المواجهات ستةُ مواطنين برصاص قوات الاحتلال، إضافة إلى إصابة العشرات بحالات اختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع، وقد هاجم المستوطنون القرية واقتحموا الحقول وقاموا بتقطيع الأشجار، وأضرم مستوطنون النيران في الحقول الزراعية المجاورة لموقع مستوطنة "حوميش" المخلاة جنوب نابلس تحت حراسة وحماية قوات من جيش الاحتلال.
ودهس مستوطنٌ، الشابَ أحمد عبد الفتاح حج علي، من بلدة جماعين، جنوب نابلس، على الشارع المسمى بـ"عابر السامرة" ولاذ بالفرار. كما حاولوا اقتحام قرية عورتا، وأطلقوا النار صوب منازل المواطنين في بورين، وأضرموا النار في جبل زيتون ولوزيات، في قرية عينابوس، الواقعة جنوب مدينة نابلس، تقدر مساحته بأكثر من 180 دونمًا.
كما اقتحم العشرات من المستوطنين الإسرائيليين الجهة الشرقية، من قرية عصيرة القبلية، وحاولوا الاعتداء على عائلات فلسطينية، وأحرقوا حديقة أحد المواطنين، بإلقاء قنبلة غاز، كما أصيب شابان وصحافي بجروحٍ في مواجهاتٍ اندلعت بين قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأهالي قرية عصيرة القبلية، وهاجم مستوطنون متطرفون، قرية جالود جنوب شرقي نابلس، ورشقوا المركبات بالحجارة قرب حاجز زعترة، على طريق نابلس– رام الله، وحطموا زجاج عشرات السيارات الفلسطينية.
وفي جنين: تجمهر عشراتٌ المستوطنين عند حاجز دوتان العسكري، الموجود على مدخل مستوطنة مابودوتان، القريبة من بلدة يعبد، جنوب غربي مدينة جنين، وحاولوا اقتحام بلدتي يعبد، وعرابه، وأضرم مستوطنو "مابو دوثان" النار بأشجار زيتون في البلدة، مما أدى إلى احتراق مئات من أشجار الزيتون.
وفي بيت لحم: هاجم عشراتُ المستوطنين عائلةً فلسطينيةً أثناء عملها في أرضها المجاورة لمستوطنة "افرات" جنوب بيت لحم، وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالسواتر الترابية، طريقًا زراعيًا بالقرب من منطقة محيط مدارس الخضر، القريبة من الشارع الالتفافي 60، الواصل بين مجمع مستوطنة عصيون والقدس، وهاجم مستوطنو "افرات"' المقامة على أراضي بلدة الخضر جنوب بيت لحم، أفرادًا من عائلة جودة، من أبناء البلدة، ومنعوهم من الدخول إلى أرضهم لجني ثمار العنب. وأجبروهم على الخروج منها تحت تهديد السلاح.
وفي الخليل: دهس مستوطنٌ المواطن نظير محمود عدوة صبارنة (36 عامًا)، بينما كان متوجهًا إلى عمله، في مصنع للحجر على الشارع الرئيس، في بيت أمر، شمال الخليل، ولاذ بالفرار، مما أدى إلى إصابته برضوض في جسده ورأسه، وشرعت جرافات الاحتلال في شق طريق استيطانية جديدة في محيط الموقع الأثري بمنطقة سوسيا، جنوب شرقي البلدة، وأوضح الناشط في اللجنة راتب الجبور، أن الطريق الاستيطانية الجديدة التي يتم شقها بمحاذاة السياج حول الموقع الأثري، يصل طولها إلى2 كم، وتطال مساحاتٍ من الأراضي المملوكة لمواطنين من عائلات الهريني، وجبور، والنواجعة، ومغنم، فيما تُلْحِقُ عمليات التجريف الجارية أضرارًا بحقولٍ عديدةٍ، مزروعةٍ بالزيتون، محاذيةٍ لمسار الطريق.
واقتحمت مجموعة من مستوطني مستوطنه "أدورا"، وبحراسة قوات من جيش الاحتلال، منطقة "عين فارس" الزراعية شمال دورا، وأحرق مستوطنو "كريات أربع" عشرات من أشجار العنب المثمرة، في منطقة البويرة بالخليل، وأصيب الطفل فريد طالب عبد العزيز جابر(8 سنوات) بجروحٍ خطيرةٍ بعد دهسه بشكلٍ متعمدٍ، أثناء تواجده على الشارع الالتفافي رقم 60 شرق الخليل، من قبل أحد المستوطنين شرق مدينة الخليل، ووُصِفَتْ حالتُهُ بالخطيرة.
وفي رام الله: أقام مستوطنون نواة مستوطنة جديدة على التلال الواقعة بين مدينة أريحا ومدينة رام الله، في مفترق (أبو جورج) في طريق المسافر، من مدينة أريحا إلى مدينة رام الله، حيث عمدت مجموعة من المستوطنين إلى وضع حوالي5 كرافانات، وصهريج مياه شرب، في المنطقة التي تقع بالقرب من نبع الفوار، ولكنها اقرب إلى التلال المطلة على منطقة الخان الأحمر، وألقى عددٌ من المستوطنين الحجارةَ على سيارات مواطنين بالقرب من مستوطنة "بيت أيل"، على الشارع الواصل بين مخيم الجلزون ومدينة رام الله، وحاول مستوطنون اقتحام بلدة دير جرير قضاء مدينة رام الله، وهاجموا الأراضي الزراعية للبلدة، وعاثوا فيها فسادًا، وحرقوا عشرات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون، والأشجار المثمرة، والتي تعود ملكيتها لأهالي دير جرير".
وقُدِرَتْ الأراضي المحروقة بحوالي 25 دونمًا، من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والتين، غرب القرية، قرب مستوطنة عوفرة، المقامة على أراضي قرية عين يبرود.
وفي سلفيت: أقدم مستوطنون من مستوطنة "ربابا" على قطع نحو 500 شجرة زيتون ولوزيات وتين، من أراضي قراوة بني حسان، ودير استيا، ودمروا قطعة أرض في منطقة "أبو إدريس" مساحتها 24 دونمًا، من أراضي دير استيا، وهاجم قطعان المستوطنين بلدة كفل حارس، شرق سلفيت، ورشقوا منازلها بالحجارة.
وفي قلقيليه: أقدم مستوطنو مستوطنة "تسوفيم" المقامة على أراضي قلقيلية بإضرام النار في أراضي المواطنين، التي عزلها الجدار، شمال قلقيلية، قبل أن تشتعل النيران في عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون.
وفي الأغوار: أخطرت سلطاتُ الاحتلال الإسرائيلي، عددًا من المواطنين بهدم مساكنهم، في خربة تل الحمة، وفي خربة الفارسية. كما اقتحمت قواتٌ من جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المناطق، وداهمت المضارب، وسلمت المواطنين إنذارات الهدم.
ومن جهة أخرى، ثمنت الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة الخطاب الذي ألقاه لرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين واصفة الخطاب بالتاريخي والذي من شانه أن يسرع الخطى نحو استعادة الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين .
وقال أمين سر الهيئة الدكتور عبد الله أبو سمهدانة في تصريح صحفي وصل "العرب اليوم " نسخة عنه, أن خطاب الرئيس أبو مازن وضع النقاط على الحروف في كيفية التعاطي من الآن فصاعداً مع القضية الفلسطينية وشكل دفعة جديدة على طريق انجاز المشروع الوطني بالحرية والاستقلال, واعتبر أن ردود الفعل الفلسطينية شكلت بمثابة استفتاء لم يقدر احد مهما كان على إغفاله وكانت نتيجته نعم للتوجه الفلسطيني ونعم للقيادة الفلسطينية .
وأكد أبو سمهدانة وقوف حركة فتح الشعب الفلسطيني خلف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن الذي لم يأبه لكثرة الضغوط التي مورست عليه حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت تقديمها لطلب العضوية في الهيئة الدولية كعضو كامل السيادة, مؤكداً أن الرئيس عباس تحدث بلسان كل فلسطيني يتطلع إلى الحرية والاستقلال والتخلص من الاحتلال الجاثم على صدور الفلسطينيين على مدار ثلاثة وستين عاماً .
وأضاف أبو سمهدانة الآن بدأت لحظة الحقيقة وعلى جميع الفلسطينيين اللحاق بركب المسعى الفلسطيني الذي يهدف إلى تكريس الدولة الفلسطينية واقعاً بين الأسرة الدولية والتي وضعها أبو مازن أمام اختبار حقيقي يصعب اجتيازه إلا من خلال الإقرار بالحق الفلسطيني في إقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الحياة ووقف منطقة القوة الغاشمة التي تمارسها حكومة الاحتلال بحق الفلسطينيين ليل نهار .
واختتم أبو سمهدانة حديثه بالقول أن أبو مازن ألقى الكرة في الملعب الدولي وتحدث بما عنده بكل وضوح لتبقى المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي والذي لا خيار أمامه إلا بالقبول بفلسطين دولة كاملة العضوية في الهيئة الأممية وهو حق لن يستطيع احد سلبه حتى وان استخدمت واشنطن حق الفيتو في وجه المسعى الفلسطيني .