اعتصام لأهالي الأسرى
رام الله، القدس المحتلة، غزة ـ نظير طه/سونا الديك/محمد حبيب
قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد ظهر الثلاثاء اعتصاماً تضامنياً شاركت فيه فصائل فلسطينية وقوى نسوية وشخصيات مستقلة أمام سجن عوفر، غرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، وذلك تضامناً مع الأسرى في سجون الاحتلال الذين يخوضون اضراباً عن الطعام منذ أسبوعين، في وقت تدهورت فيه الحالة الصحية لاثنين من أبرز قادة الأسرى، وهما الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، والقيادي في حركة "حماس" جمال أبو الهيجا، بينما نُقل عن سعدات قوله إن "قرار الاستمرار بالاضراب متواصل مهما اشتدت أساليب القمع والبطش والارهاب بحقنا، فإما أن نحيا بكرامة وبلا إذلال وإما أن نموت رافعي الرأس والهامات".
وفي تفاصيل المواجهات مع قوات الاحتلال أما سجن عوفر، أنها أطلقت على المشاركين في الاعتصام قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين بالاعتصام، عرف من بينهم والدة الأسير حمدي القرعان، أحد منفذي عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين النائب خالدة جرار خلال مشاركتهما في الاعتصام التضامني.
يذكر أن والدة الأسير حمدي القرعان المضربة عن الطعام تضامناً مع ابنها ورفاقه الأسرى المضربين عن الطعام، رفضت تناول الأدوية الخاصة بمرض الكلى الذي تعاني منه التزاماً منها بالاستمرار في إضرابها.
وطالب المعتصمون الذين رفعوا صوراً للأسرى ولافتات كتب عليها نعم لآلام الجوع ولا لآلام الركوع بالإفراج الفوري عن الأسرى، ومعاملتهم معاملة أسرى الحرب، مرددين الشعارات المؤيدة للأسرى في إضرابهم، ومشددين على عدم ترك الأسرى وحدهم في هذه المعركة.
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد دعت الثلاثاء، أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده إلى المشاركة في الإضراب العام غدًا الأربعاء من الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحًا، تضامنًا مع نضال الأسرى في سجون الاحتلال.
في غضون ذلك، نُقل عن أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، المضرب عن الطعام في سجن نفحة، قوله إن "قرار الاستمرار
بالاضراب متواصل مهما اشتدت أساليب القمع والبطش والارهاب بحقنا، فإما أن نحيا بكرامة وبلا إذلال وإما أن نموت رافعي الرأس والهامات".
واضاف إن "الحركة الأسيرة تستعيد هيبتها بعد أن تمادت حكومة الاحتلال في قمع المعتقلين، والانقضاض على حقوقهم بشكل لم يعد يحتمل، وأننا مستمرون حتى الرمق الأخير، وحتى تستجيب سلطات الاحتلال لمطالبنا وحقوقنا، فنحن أسرى حرية، وأسرى حرب، ولن نسمح بعد اليوم بتجريدنا من حقوقنا الوطنية والقانونية والإنسانية".
وجاءت أقوال سعدات خلال لقائه مع محامي وزارة الأسرى، نزيع العلمي، الذي وصف حالة سعدات بالصعبة، بسبب نقصان وزنه، والهزال الظاهر على جسده.
وقال المحامي إن إدارة السجن قامت باقتحام زنزانته، وسحبت جميع مقتنياته، ولم يبق عنده سوى الفرش، وحتى الوسائد تم سحبها منه، كما تم مصادرة السكر والملح والملابس، وأن قوة خاصة تقتحم زنزانته، وبشكل استفزازي.
ووجه سعدات تحياته إلى جميع أبناء الشعب الفلسطيني المتضامن مع الأسرى، قائلا: إنه على ثقة بأنه، مثلما تكللت حركات الأسرى وخطواتهم النضالية في السابق، في تحقيق الإنجازات فإن هذه الخطوة الحالية ستحقق الإنجازات.
من جانبه، الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، إن الأوضاع الصحية للأسرى المضربين "تزداد سوءًا، وتتدهور على نحو خطير، وتتناقص أوزانهم، ما يُعرض حياتهم للخطر".
وفي السياق ذاته، أوضح مصدرٌ حقوقيٌ أن الحالة الصحية لكل من سعدات وأبو الهيجا، تدهورت، نتيجة إضرابهم عن الطعام طوال الأيام الماضية، وأنه تم نقل عدد من الأسرى إلى المستشفيات، نتيجة تدهور حالتهم الصحية، وخاصة في سجن شطة. وأكّد وزير شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أن الوضع الصحي لسعدات داخل سجن نفحة، في تدهور مستمر، وقال إن سعدات يعاني نوبات غيبوبة، وإنه استمر بالتقيؤ خلال زيارة المحامي له، بعد اثني عشر يومًا، من إضرابه عن الطعام.
وحمّل نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، عبد الرحيم ملوح، الحكومةَ الإسرائيلية، كاملَ المسؤولية عن حياة سعدات، الذي فقد خمسة كيلو غرامات من وزنه.
عضو المكتب السياسي للجبهة خالدة جرار، أفادت بأن "محاميين اثنين ومندوبًا عن الصليب الأحمر، زاروا سعدات، الأحد، وأكدوا أنه في حالة صحية سيئة للغاية، وأن سائلاً أصفرَ بدأ يخرج من فمه". وتابعت "نطالب بتحويله فورًا إلى المستشفى".
وبدأ نحو مائتي معتقل من الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، منذ 14 يومًا، احتجاجًا على سياسة العزل الانفرادي، التي يتعرض لها سعدات، وسياسة عزل الأسرى المسجونين عمومًا.
ووفق نادي الأسير الفلسطيني، فقد التحق عشرات المعتقلين الفلسطينيين من فصائل وتنظيمات أخرى بالإضراب عن الطعام، لكن بشكل جزئي. وأوضح مسؤول العلاقات الخارجية في الهيئة، عصام بكر، أن عدد الأسرى المضربين الآن عن الطعام "يتراوح عددهم بين 210 - 800 أسيرًا، وأن هذا الرقم مرشحٌ للزيادة".
ونُصبت خيام تضامنية مع المعتقلين الفلسطينيين، في مراكز المدن الفلسطينية، منها خيمة بالقرب من مقر الصليب الأحمر في البيرة، وقد زارها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الاثنين، وقال إن "إسرائيل تتحمل مسؤولية حياة الأسرى المعتقلين لديها وصحتهم"، مطالبًا الأمم المتحدة "بالتدخل لإنهاء معاناة المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام".
من جهته، دعا القيادي في حركة "حماس"، أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، الفصائل الفلسطينية إلى تكثيف جهودها لأسر جنود إسرائيليين، لمبادلتهم بالأسرى في سجون الاحتلال.
وقال بحر، خلال اعتصامٍ شعبيٍ، أمامَ مقر الصليب الأحمر بغزة: "مطلوب من الفصائل المقاومة بذل مزيدٍ من الجهد العسكري، لنصرة الأسرى والدفاع عنهم، في إضرابهم المفتوح عن الطعام، والتمسك بشروط إنجاز صفقة تبادل الأسرى"، داعيًا الجاليات الفلسطينية في دول العالم إلى التحرك والتظاهر أمام السفارات الإسرائيلية نصرةً لقضية الأسرى.
ويتوقع أن ترتفع وتيرة التظاهرات التضامنية مع المعتقلين في إضرابهم، إذ أعلنت الهيئة العليا تنظيمَ اعتصامٍ، الثلاثاء، أمام سجن عوفر الإسرائيلي، الواقع جنوب مدينة رام الله، كما دعت إلى إضرابٍ تجاريٍ لمدة ساعتين، الأربعاء، في الأراضي الفلسطينية.