إلى الحاكم العربي: إرحل بكرامة
منذ منتصف الشهر الحالي (يناير) واندلاع انتفاضة الشعب التونسي المجيدة ضد النظام الديكتاتوري رافعة شعار الحرية والكرامة والعدالة، وضد البطالة والفقر هبت رياح الحرية عاصفة بقبضات شعوب منطقتنا ولم تتوقف بعد لتشمل الجزائر وموريتانيا والأردن وليبيا ومنذ 25 يناير تجتاح مصر. ولا يمكن لسياسات الاعتقال والسجن وكبت الحريات والافقار مثلما هو حاصل في سورية أن تكون ناجعة للأنظمة في حجب رياح الحرية (وهنا نوجه تحية إلى المناضلين اليساريين عباس عباس، أحمد النيحاوي، غسان حسن، توفيق عمران التي وجهت إليهم محكمة استثنائية أحكاما جائرة بالسجن من أربع إلى سبع سنوات ونصف فقط لمجرد 'جريمة الكلام' وتحية كذلك إلى كافة معتقلي الرأي في سورية).
الرايات والشعارات المرفوعة من الجماهير الغاضبة هي نفسها 'إرحلوا !' هكذا تتوجه الجماهير العربية الغاضبة إلى حكامها اليوم . ولم يعد يجد الحاكم العربي ملجأً له حتى عند أسياده (فرفض فرنسا استقبال بن علي الهارب ماثل لدينا)، إذ لا الإدارات الأمريكية ولا الحكومات الغربية عادت تطيق هذه الأنظمة المتكلسة والمستبدة التي دفعت بسياساتها الرعناء إلى استبعاد شامل لشعوبها عن المشاركة السياسية، بل دفعت بها إلى فقر مدقع وحولت بلدانها إلى مناطق قابلة للتفجر في كل لحظة، كما فقدت فزاعة الاصولية الاسلامية من قوتها كمبرر تقدمها الانظمة العربية المستبدة للحكومات الغربية لاستمرار تلقيها للدعم منها والتعامل معها وكأنها البديل اللائق الوحيد والمتاح، فلا تونس كانت ثورة أصولية إسلامية ولا الجزائر ولا مصر ولا الأردن ولا ليبيا....إن رهانات الحكام العرب على دعم الغرب لهم بدأت تتآكل، فليس فقط أن مصالح الحكومات الغربية أصبحت تفضل حكومات تقوم على اللعبة الديمقراطية مما يسمح لها بنفوذ حقيقي أكثر في مجتمعات أكثر استقراراً مثلما أن هذه الحكومات الغربية ترى أن ديمومة الرأسمالية كنظام عالمي لم تكن موضع خطر 'حتى الآن' في هذه الانتفاضات، بل أيضا لأن الرأي العام الغربي بدأ يعبر عن قرفه واحتجاجه على دعم حكوماته لأنظمة مترهلة ومستبدة وفاسدة.. فارحلوا أيها الحكام...اليوم قد تجدون ملجأً في مكان ما! أما غداً.. فمن يدري؟
ارحلوا اليوم أيها الحكام فقد طفح الكيل لشعوبكم المفقرة والمضطهدة وطاف...واليوم هو يوم كشف حسابكم أمام الجماهير الغاضبة والطامحة لتعود إلى مسرح التاريخ والفعل برغم كل ما فعلتموه من جرائم بحقها. فارحلوا....لقد دقت ساعة التغيير الشعبي.
غياث نعيس