لقد تابع الرأي العام الوطني باهتمام كبير سياسة التدبير الرياضي لعديد من المنشآت الرياضية والتنشيطية التي جاء بها الوزير المنتهي ولايته منصف بلخياط والتي تجلت بشكل واضح فيما سمي بالمراكز السوسيو الرياضية للقرب حيث كان الهدف منها وحسب أصحاب الفكرة توسيع قاعدة الممارسين للأنشطة الرياضية بإنشاء مراكز تستجيب لانتظارات المواطنين وخاصة مع المد العمراني والذي لم يواكبه إنشاء فضاءات رياضية وتنشيطية. وفي غياب مثل هذه الخدمات ،فإن المدن تتحول إلى قلاع من الإسمنت المسلح تفتقر إلى الروح والحياة . ومع هذا الهدف النبيل برزت بقوة فكرة تشييد منشآت رياضية وترفيهية من شأنها أن تخفف من الضغط اليومي على السكان ولاسيما إن كانت هذه المنشآت تتوخى سياسة القرب في كل أبعادها النفسية والاجتماعية. ولكن عندما يتعلق الأمر بالنموذج المغربي، غالبا ما يعتري هذه السياسة عديد من الاختلالات بكل أنواعها البنيوية والوظيفية. فالفساد الإداري الذي تعرفه هذه المؤسسات أصبح يطفح إلى السطح خصوصا بعد التصريحات النارية التي أطلقها مسؤول رفيع المستوى بوزارة الشباب والرياضة عن هذه المؤسسات من قبيل الميزانية التي أنشأت بها هذه المراكز وطريقة تدبيرها. و محاولة لكشف بعض الحقيقة عن هذه الممارسات توجهنا إلى المركز السوسيو رياضي للقرب مولاي الحسن ببنسليمان غير بعيد عن العاصمة الرباط إلا بعشرات الكيلومترات، وأيضا لاعتباره أحد أهم المراكز التي حضيت باهتمام كبير من طرف المسؤولين بالوزارة وبالنظر إلى عدد المنخرطين بهذا المركز والذي تجاوز 800 منخرط. هذا المركز الذي يقع على مساحة 5000 متر مربع بقاعة متعددة التخصصات و فضاء للشباب وآخر للأطفال وملعبا مجهزا بالعشب الاصطناعي، ومرافق إدارية واجتماعية بغلاف مالي فاق 3 ملايين ونصف درهم. يقوم بتدبيره جمعية رياضية على رئاستها مديرة المركز هذه الأخيرة اعتبرها كثيرون بمثابة موظف شبح. فمنذ أن عينت وهي في غياب تام عن المؤسسة بحيث لا تحضر إلا أربع أو خمس ساعات في الأسبوع فانفرادها بالجمعية وفبركتها للمكتب المسيير بتقديم لائحة على مقاسها، فأوكلت أمانة المال لكاتبة دورها هو التوقيع على الشيكات فقط ،أما صرف النفقات وأداء واجب العملة، فالمديرة هي من يتكلف بذلك أما فيما يخص حجز الملعب فأوكلته لأحد العملة، وبإعلان صريح في سبورة النشر الخاصة بالمركز حيث جعلته هو المسؤول الوحيد عن هذه العملية مقصية بذلك المسؤول الرياضي أو أي موظف آخر ،نظرا لما يعتري هذه العملية من شبهات و تجاوزات مالية و إدارية خطيرة لتجدر الإشارة أن الملعب المجهز بالعشب الإصطناعي يعاني من حالة يرثى لها علما أن تدشين الملعب لم يمر عليه سوى سنة ونصف، والشركة التي جهزته أعطت ضمانات أن مدة صلاحيته تتجاوز 10 سنوات، ليطرح السؤال من المسؤول عن توقيع الصفقات مع مثل هذه الشركات؟ ومن المستفيد من هذه الصفقات؟ ناهيك عن غض الطرف عن أحد الموظفين الأشباح (ك.خ) مقابل ثلاث عملة من أصهاره يقدمون الخدمة بمنزل المديرة وكذا الولاء التام لها، فيقومون بالتدخل في كل شئ رغم أنهم لا يتوفرون على دبلومات تؤهلهم لذلك بل لا يتوفرون على الشهادة الإبتدائية وبالأحرى شهادات ودبلومات إدارية، حيث أوكلت لأحد هؤلاء الثلاثة تأطير الأطفال في كرة القدم و كرة السلة. ليطرح أكثر من سؤال عن جودة التأطير داخل هذه المؤسسات في ظل تهميش حقيقي للكفاءات. إذ وجب التذكير أن الوزارة تتوفر على معهد يعتبر من خيرت المعاهد في إفريقيا في ميدان التنشيط الرياضي والثقافي.( معهد مولاي رشيد بالمعمورة). أما واجب حجز الملعب الذي يعتبر أغلى تعريفة على المستوى الوطني، تصل إلى 250,00 درهما في الساعة، دون أن يتوصل الفريق المستفيد من الملعب بأي وصل يثبت عدد الساعات المحجوزة ولا أية وثيقة إدارية، ليبرز أيضا سؤال مجانية الخدمات العمومية وكذا سياسة القرب التي أنشئت من أجلها هذه المؤسسات . و فيما يخص التأمين فقد تعرض العديد من المنخرطين لحوادث لم يتم تعويضهم عليها بداعي أنهم أدرجوا في إطار جماعي، في حين أن الانخراط يتم بشكل فردي. وكذا طريقة التدبير المالي لهذه المؤسسات.
إن الواقع الذي تعيشه اليوم المراكز السوسيو رياضية للقرب أصبح يطرح أكثر من علامات الاستفهام حول من يقف وراء هذا الفساد الإداري والمالي الذي تعرفه هذه المؤسسات، ومن المستفيد منه. في الوقت الذي يرفع فيه الشعب شعارات محاربة الفساد والاستبداد بكل أشكاله وتلويناته.