التجربة الصينية مرجعية للدول النامية

د. سليم قلالة يراها شريكا استراتيجيا
التجربة الصينية مرجعية للدول النامية

أرجع سليم قلالة مدير مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف تعاظم الصين وبروزها كقوة اقتصادية لا يستهان بها إلى وجود رؤية استراتيجية لدى الصينيين منذ الستينيات، عندما اكتشفوا مبكرا التحولات الحاصلة في العلاقات الدولية وشرعوا في الاستعداد للتغيير القادم الذي ظهرت معالمه بعد الحرب الباردة، وليس كما يروج أنه نتيجة لتراجع الدول الكبرى بسبب الحروب التي أنهكتها ماديا ونفسيا، ولكن لأنه بعد المرحلة القصوى تبدأ مرحلة النزول.

وأضاف سليم قلالة، على هامش الندوة الفكرية المنظمة بمركز الدراسات الإستراتيجية لـ ''الشعب'' حول ''دور الصين الاقتصادي المتعاظم ومكانته في الساحة الدولية''، إن الصين رغم كونه بلد شيوعي ونظامه السياسي القائم على الحزب الواحد اكتشف قبل غيره أولوية الإصلاحات الاقتصادية على الإصلاحات السياسية ولم يقع في الأخطاء التي وقعت فيها باقي الدول الشيوعية الأخرى.
فمنذ ١٩٦٨ شرعت الصين في إحياء التراث الثقافي والكونفوشوسي بالتحديد أي تمسك بالنموذج المحلي لكي لا تتم الإصلاحات في نظام القيم الغربية البعيدة عن واقع مجتمعها.
وحول قلب نمو الصين كقوة اقتصادية للموازين على مستوى العالم أجاب قلالة إنه صحيح ويرجع الأمر في ذلك لعدة اعتبارات أهمها الثقل السكاني للصين، مما يجعل منها أكبر مستهلك ومنتج في آن واحد، فهي تستطيع أن تؤثر على أمريكا بإحدى الصفتين أوبهما معا.
فمن وسائل الضغط السريع عدم قبول السلع المنتجة خارجها، وفتح الصين الأبواب للاستثمارات الغربية فكبريات الشركات العالمية تفضل أن تنتج سلعها داخل الأراضي الصينية على أن تنتجها في أمريكا نظرا لتوفر الشروط والتسهيلات واليد العاملة الرخيصة، يضيف سليم قلالة.
وبخصوص نجاح ولوج الصين في إفريقيا عن طريق الاستثمار، علق مدير مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف إن ذلك يعود لعدة أسباب، منها أن الصين ليس لها ماض استعماري في إفريقيا، بل بالعكس علاقاتها مع دول القارة ممتازة ونظيفة، وعدم اصطدام ثقافتها الكنفوشوسية مع ثقافة الشعوب الإفريقية سواء الإسلامية أو اللا دينية، فليس هناك عداء بينهما، بل بالعكس هناك من يرى إمكانية تحالف هذه الثقافات، كما جاء به صمويل هيتغتن في كتابه ''صدام الحضاراتڤ.
وفي نفس السياق قال قلالة، إن إستراتيجية الصين الاستثمارية تقوم على مبدأ التوطين وهي مشجعة للطرف الآخر، حيث تقوم على المشاركة في عملية الإنتاج الصناعي أو الفلاحي داخل البلد الإفريقي في إطار المصلحة المشتركة، مضيفا أن السياسات الغربية القائمة على نهب الثروات الإفريقية وتكريس التبعية لها عززت منافسة الصين لها في المنطقة .
وفيما يتعلق بالجزائر وموقعها في المعادلة وكيف يمكن لها أن تستفيد من العملاق الاقتصادي، أجاب سليم قلالة إن الجزائر بإمكانها أن تحقق أكثر من هدف من خلال تعاملها مع الصين وتوطيد علاقاتها معها من حيث تعزيز موقفها التفاوضي مع أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، وكذا الوصول إلى استقلالية حقيقية في اتخاذ قراراتها الاقتصادية بناء على تحقيق المصالح الوطنية العليا وليس بالتأثر بالإملاءات والضغوطات الخارجية. فالصين شريك قوي للجزائر وبإمكانه إيجاد تعاون في إيجاد توازن سياسة خارجية بين القوى الكبرى الفاعلة مع الجزائر.
سعاد بوعبوش