العطلة المدرسية:
أطفال في متاهة
* ك . زوايري
إستفادة التلاميذ من العطلة المدرسية التي تفصل في كل مرة وبشكل منتظم ومدروس ومقررات فترات الدراسة مع ما تتطلبه من بذل جهد بدني وفكري أمر بالغ الأهمية حتى في حالات الفشل الذي يميز نتائج بعضهم خلال هذه الفصول الدراسية التي قد لا يبذل خلالها فئة من التلاميذ الجهد الكافي لتحقيق نتائج مرضية تجعل من العطلة بمثابة تتويج لهم وتعويض عمّا بذلوه من تركيز ومتابعة وإلتزام بواجباتهم الدراسية، فالعطلة في هذا السياق هي بمثابة تعويض للتلميذ، وفي نفس الوقت متنفس لتحرير مختلف الضغوطات التي تعرّض لها خلال فترة الفصل الدراسي الذي سبقها سواء الضغط الناتج عن الواجبات المدرسية داخل القسم والإلتزام بالمتابعة للظفر بفهم الدروس أو الضغط الناتج عن توجيهات الأولياء ومطالبتهم للتلميذ بإثبات إلتزامه بهذه الواجبات من خلال تحقيقه لنتائج إيجابية ليتمكن من تفادي عقوباتهم وتوبيخاتهم هذا إن كانوا أولياء مهتمين أصلا غير أن الضغط من الناحية العلمية والنفسية ثابت وموجود حتى في حالة عدم إكتراث التلميذ بدروسه وعدم اهتمامه برأي وتوبيخات أوليائه لأن مجرّد التردد على المؤسسة التربوية يخلق نوعا من الضغط النفسي الناتج من عدم اهتمام التلميذ بدروسه وتوجهه للدراسة رغما عنه ومن تم يمكن لفترة العطلة حتى في هذه الحالة وفي حال عزم ومساعدة أطراف أخرى على مساعدة التلميذ وتوجيهه نحو الطريق الصحيح وإقناعه بأهمية الدراسة وتقبله في حدّ ذاته لهذه الفكرة واقتناعه فعلا بها فإن هذا الفاصل الزمني الذي يتمثل في العطلة المدرسية قد يكون بمثابة محطة التوقف للمراجعة وتصحيح أفكاره حتى في حالة التلاميذ الفاشلين غير أن هذا التحدي وتحديات أخرى تضمن السير الحسن والنتائج الجيّدة لدراسة التلاميذ تتطلب بالضرورة بذل جهد واهتمام بالغين من طرف الأولياء بكل ما يحدث لأبنائهم داخل وخارج المدرسة، وخلال فترة الدراسة والعطلة في نفس الوقت وهنا يتحدد لنا دور وأهمية التخطيط للعطلة المدرسية وهذا لجعلها محطة الراحة لضمان متابعة جيّدة للتلميذ خلال الفصول الدراسية المقبلة، وفي نفس الوقت تحويلها إلى فرصة لبذل جهد إضافي لهضم الدروس وفهمها الجيّد دون الإفراط في تكليف التلميذ بما لا يتحمله وتحويل فرصة الراحة هذه إلى إلتزام إضافي يزيد من إرهاقه ويحول دون تمكنه من المواصلة وهو ما يبرر به المختصون النفسانيون أهمية العطلة المدرسية لذا إتصلنا بكل من الآنسة »عيبودي سارة« طبيبة نفسانية تحدثت لنا عن مدى أهمية التخطيط للعطلة المدرسية، كما قدمت لنا نموذجا صحيحا وفعالا عن تمضية العطلة خاص بالتلاميذ المعنيين بالإمتحانات الرسمية وآخر خاص بالتلاميذ غير المعنيين بها كما حاورنا الطبيبة النفسانية السيدة »مليكش فريدة« التي تحدثت عن النتائج السلبية المترتبة عن إهمال الإهتمام بهذا الموضوع وبالمقابل العوائق الموجودة لتحقيق ذلك .
العطلة إلزامية على الأولياء
إذ أكدت الآنسة »عيبودي سارة« طبيبة نفسانية خلال استشارتنا لها عن مدى أهمية العطلة المدرسية في حياة التلاميذ جازمة بأن الفترات المقررة من الوزارة الوصية في هذا الشأن كافية جدا لتحقيق محطات الراحة هذه في المسيرة الدراسية للتلميذ مؤكدة في نفس السياق بأن العطلة تكون بمثابة فرصة للترويح عن التلميذ ومساعدته على التخلص من جملة الضغوط التي يتعرض لها خلال الفصل الدراسي السابق من نهوض مبكر وواجبات مدرسية ومتابعة الدروس وتوبيخات المعلمين والأولياء ، كما أن العام المسبق للتلميذ بوجود فرصة راحة مقبلة تتبع مباشرة الإمتحانات في حدّ ذاته محفز.
نفسي على بذل جهد أكبر لأنه يعلم مسبقا بأن فترة التكليف هذه مؤقتة وتسليها فترة راحة كاملة كما أنه يحس في الغالب بنوع من الإلتزام النفسي لإثبات أحقيته بالحصول على هذه العطلة وهو الإحساس الذي يراود في الحقيقة جميع التلاميذ غير أن درجة الإحساس بمسؤولية تحمل هذا الإلتزام تختلف من تلميذ لآخر وكلما كان تحملها جيدا كلما كان بذل الجهد أكبر ومن تم النتائج أحسن لذا فإن العطلة المدرسية وإن كانت في الحقيقة تعويض للتلميذ وجزاء له عما بذله من جهد هي في نفس الوقت محفز لبدل جهد أكبر قصد الحصول المستحق عليها حتى أن بعض التلاميذ وبعد حلول فترة العطلة وعدم تحقيقهم لنتائج جيدة يحسون بتأنيت الضمير ويندمون على إهمالهم وعدم إهتمامهم الجيد بدروسهم في الوقت المناسب من جهة أخرى تضيف هذه المختصة بأن عدم تحرير تلك الضغوط في حال عدم إستفادة التلميذ من هذه العطلة يحول دون تمكنه من المواصلة بعد عودته للدراسة من جديد كما شددت هذه الأخيرة على ضرورة منح فرصة الإستفادة من العطلة المدرسية حتى للتلاميذ الذين فشلوا في تحقيق نتائج إيجابية لأن معاقبتهم بحرمانهم من الإستفادة منها قد تحرمهم من تصحيح خطائهم وإن رغبوا في ذلك بل يجب إقناعهم بأن الفرصة لا تزال سانحة لتصحيح ما حصل وبدل جهد أكبر خلال الفصول المقبلة لكن ذلك يكون بعد المرور بمرحلة توضيح أهمية ما خسره التلميذ بإهماله ذاك لأن تقديره للخسارة سيحدد له حجم الجهد الواجب عليه لتعويضها أما عن التخطيط للعطلة فهو أمر إلزامي على الأولياء وهذا عشية العطلة على أن يكون بعد الإستماع لرغبات التلميذ وأخدها بيعن الإعتبار في وضع البرنامج كما أكدت ذات المختصة بأن التخطيط للعطلة يختلف حسب المستوى الدراسي وإلتزامات التلميذ فيما إذا كان مقبل على إمتحانات رسمية أم لا فأما بالنسبة لغير المعنيين بها فيجب أن يقسم البرامج إلى مرحلتين فترة تشمل حوالي 10 أيام تمنح كاملة لإستراحة التلميذ على أن يخطط لهذه الراحة أيضا ويراقب خلالها وخمسة أيام الأخيرةالتي تبقى للراحة على أن تتخللها فترات للمراجعة خلال ساعات محددة يوميا لإعادة تعويد التلميذ على العودة لنظام الدراسة وتوقيتها المضبوط والإلتزام بالإهتمام بها أما بالنسبة للمعنيين بالإمتحانات وبما أنهم مكلفون أكثر من غيرهم ببذل جهد أكبر فيمكن التخطيط لعطلهم بتخصيص ساعات للدراسة يومية تتخلل الساعات الطويلة خلال اليوم المخصص للراحة على أن تكون دائما هذه الفترات محددة مسبقا ومخطط لها .
الإنترنات : اللعبة المفضلة
في سياق آخر، أشارت المختصة مليكش فريدة إلى النتائج السلبية المترتبة عن عدم إهتمام الأولياء بإلتزام التخطيط للعطلة المدرسية مؤكدة بأن ذلك قد يؤدي فقدان فرصة الإستفادة منها خاصة في حالة الإختيارات الخاطئة للتلاميذ كتمضية العطلة كاملة في اللعب بالشارع أو داخل مقاهي الأنترنيت أو حتى المراجعة المفرطة التي قد تنهكهم وتحرمهم من فرصة إستعادة الأنفاس ضف إلى كون الفراغ والوقت المتوفر دون التخطيط للإستفادة منه قد يوقع الأطفال في أخطاء قد تكون نتائجها وخيمة مشيرة في هذا الإطار إلى ما تعرفه مقاهي الإنترنيت
مقاهي الأنترنيت
إذ تعرف هذه الأخيرة منذ بداية العطلة المدرسية الجمعة الفارطة تزايدا ملحوظا في الإقبال عليها من طرف التلاميذ وهذا مند الصباح على خلاف أيام الدراسة التي لا يقصد فيها التلاميذ هذه القاعات إلا في المساء ولساعات محددة غير أن كونهم موجودين في فترة راحة ولعد م توفر أماكن أخرى يذهبون إليها فإنهم يفضلون التوجه إلى مقاهي الأنترنيت وهنا تختلف إختيارات التلاميذ فيما بينهم وتتوجه أكثر نحو التمتع بالألعاب وهو ما أكده لنا عدد من أصحاب هذه الصالات التي زاد نشاطها خلال العطلة وأصبحت تفتح إلى غاية ساعات متأخرة من كل يوم حتى أن التلاميذ أصبحوا موجودين بها أكثر من الزبائن الكبار الذين يفضلون تمضية ساعات من متعة مشاهدة وممارسة الألعاب مقابل دفع ما بين 50 و60 دينارا للساعة الواحدة غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا الإقبال المفرط وإن كان يمثل رغبة للتلميذ في طريقة تمضيته لعطلته إلا أنه في نفس الوقت يمثل حالة من النتائج السلبية الناتجة عن عدم التخطيط للعطلة لإن الإقبال المتزايد على هذه القاعات يعبر عن وجود إختيارات قليلة مطروحة أمام التلميذ لتمضية عطلته ومن تم تحصيل فائدة أقل منها، ناهيك عن الإشارة للخطر الأخلاقي والتربوي الذي قد يتسبب في وقوعه التردد الدائم والمتكرر والأوقات الطويلة على الأنترنيت وهو ما أشارت إليه الطبيبة النفسانية السيدة "مليكش" بدليل الحالات المرضية التي تعالجها وهي إما حالات أطفال عنيفين أو إرتكبوا جنوحا جنسيا غالبا ما يتسبب في وقوعه الإفراط في التردد على مقاهي الأنترنيت أو مشاهدة البرامج التلفزيونية غير المناسبة أو أصدقاء السوء وهذا دائما يساهم في حصوله عدم إهتمام ومراقبة الأولياء ومن تم عدم تخطيطهم وإشرافهم على سير حياة أبنائهم وهي لا تدعو بذلك إلى حرمان التلاميذ من متعة اللعب والأنترنيت وإنما عدم الإفراط منها وعدم التفريط في شرط وواجب المراقبة وإشراف الأولياء.
الشارع بدل حدائق التسلية
كما تجدر الإشارة أيضا إلى أنه وحتى مع إهتمام الأولياء بإلتزام التخطيط للعطل المدرسية قد يتصادف ذلك مع وجود بعض العوائق التي تحرم التلميذ من المتعة الجيدة والمتنوعة كنقص مراكز الترفيه.
فهي تفتقر في مدينتنا على حظيرة التسلية وحديقة الحيوانات خاصة خلال فصل الشتاء وما يحد من إختيارات الأولياء والتلاميذ على حد السواء ويجعل منها تتوجه عادة نحو الزيارات العائلية، إضافة إلى بعض مبادرات التنزه داخل هذه المرافق التي تشهد هي الأخرى تزايدا في الإقبال خلال العطل المدرسية وفي هذا الإطار تعرف حديقة التسلية بحي الحمري توافد يومي للزوار على خلاف أيام الدراسة التي يكثر فيها الإقبال على هذا المرفق خاصة خلال أيام نهاية الأسبوع بينما تعرف هذه الأخيرة ومنذ بداية العطلة حركية كبيرة زادت من نشاطها سواءا بالنسبة للتلاميذ والأطفال المقيمين بمدينة وهران أو حتى القادمين من خارجها وهنا يجدر الذكر بأن برمجة الأولياء لمثل هذه الخرجات يزيد من متعة إستغلال التلاميذ لعطلتهم المدرسية حتى وإن كانت قليلة وقد لا تتميز هذه العطلة عن سابقاتها ما دامت المرافق نفسها لا سيما وأنه حتى النشاطات الرياضية التي يفضل التمتع بها التلاميذ الذكور خاصة قليلة وتقتصر على بعض النشاطات التي تنظمها بعض الجمعيات وهو ما تأكد لنا من خلال توجهنا نحو ملعب مدخل حي كنستال القديم فوجدنا بعض التلاميذ يمارسون بعض الحركات الرياضية رفقة أوليائهم كونهم في أيام عطلة غير أنهم لم يكونوا متحمسين جيدا وأكدوا لنا بأن متعتهم محدودة لعدم وجودد برامج رياضية معدة كمقابلات في كرة القدم مثلا تزيد من متعة من يشارك في لعبها ومشاهدتها أيضا ، أما الإختيارات الأخرى الممنوحة للتلاميذ للإستمتاع بالعطلة المدرسية فتبقى محدودة كما سبقت الإشارة خاصة لعدم وجود مناطق غابية كثيرة مؤمنة ومهيأة قد تساعد الأولياء على غرس ثقافة السياحة الغابية في أبنائهم، أما بالنسبة للتلاميذ المعنيين بالإمتحانات أو الذين يفضلون إستغلال العطلة لتلقي دروس إستدراكية فالوجهة هي المدارس الخاصة وأقسام الدروس التدعيمية.
الدروس التدعيمية حل آخر
إذ تكثف برامج التدريس داخل الأقسام التدعيمية خلال العطلة وهذا لتوفر وقت أكبر لتلقين هذه الدروس بالنسبة للتلاميذ الذين هم بحاجة إلى ساعات إستدراك لتحسين مردودهم الدراسي خاصة بالنسبة للتلاميذ المعنيين بالإمتحانات الرسمية ونخص بالذكر تلاميذ الأقسام النهائية وهو ما تأكد لنا من خلال زيارتنا لإحدى هذه الأقسام التي وجدنا بها إقبالا كبيرا للتلاميذ لا سيما خلال الفترات الصباحية والتي يفتحها غالبا الأساتذة والمدرسون فالبعض من التلاميذ يدفع لتلقي دروس مكثفة في بعض المواد خلال أيام العطلة ضمن برنامج تدريس خاص بهذه الفترة فقط وهوبرنامج يتضمن في الغالب تمارين ودروسا تدعيمية حول الدروس المأخوذة في الفصل السابق وهذا لمراجعتها وفهمها الجيد وفي هذا السياق أكد لنا أحد الأساتذة الذي يقدم دروسا تدعيمية بأن الإقبال يزيد عليه خلال العطل المدرسية من طرف التلاميذ الذين يتلقون دروسا طوال السنة وحتى من غيرهم ممن يفضلون الإستفادة من دروس تدعيم مكثفة في بعض المواضيع ضمن بعض المواد غير المفهومة لديهم.
ومن تم فإن العطلة وإن كانت محطة للراحة فهي أيضا فرصة لتدارك بعض النقائص لدى التلاميذ ومحاولة إحتوائها بإستغلال هذه المحطة التي تمنح فرصة للتوقف وإستعادة الأنفاس وتصحيح الأخطاء مع الإشارة إلى بعض الحالات لتلاميذ لا يملكون هذه الفرصة نظرا لحالتهم المادية والإجتماعية البائسة لأنهم يضطرون إلى العمل خلال أيام العطلة لكسب بعض النقود.