خبراء فسروا موجة الانتحار الأخيرة بـاليأس الكامل من الحياة
محاولات جديدة للانتحار حرقا تعكس أزمة اجتماعية في العالم العربي
أ. ف. ب.
تتواتر أخبار انتحار الشباب العربيّ من عواصم مختلفة ووفق أسلوب احتجاج موحّد: الموت حرقًا. ويبدو أنّ الرياح تنقل شرارة ثورة حرق النفس التي بدأت تونسيّة إلى الدول المجاورة، لتكشف عن أزمة سياسيّة واجتماعية عميقة تعيشها المنطقة العربيّة.
تتعدّد العواصم والسّبب واحد: الاستياء
لهيب تونس ينتقل إلى الجزائر فمصر فموريتانيا
القاهرة: تشهد الدول العربية موجة من محاولات الانتحار حرقا محاكاة للشاب التونسي محمد البوعزيزي، آخرها حادثتان وقعتا الثلاثاء في مصر ما يعكس أزمة اجتماعية وسياسية عميقة في هذه المنطقة.
وبعد البوعزيزي الذي توفي إثر إضرام النار في نفسه في 17 كانون الاول/ديسمبر الماضي، وقعت تسع محاولات مشابهة أدت الى وفاة شخص وإصابة اثنين في مصر وجرح 5 اخرين في الجزائر وإصابة شخص في موريتانيا.
وحاول محام في العقد الخامس من عمره الثلاثاء وضع حد لحياته بإشعال النار في نفسه أمام مقر مجلس الوزراء بينما توفي في الاسكندرية شاب في الخامسة والعشرين من عمره، قالت السلطات إنه "عاطل عن العمل ومختل عقليا" متأثرا بحروق أصيب بها.
وتم تجنب حالة ثالثة عندما سيطرت الشرطة على محاسب متقاعد كان يستعد لإشعال النار في نفسه امام مقر مجلس الشعب.
وانخفض المؤشر الرئيس للبورصة المصرية بنسبة 3,1% الثلاثاء إذ أعرب بعض المستثمرين عن مخاوفهم من أن تنتقل عدوى الانتفاضة في تونس الى مصر.
ويرى الخبير في مؤسسة كارنيغي الاميركية عمرو الحمزاوي أن محاولات الانتحار حرقا تعكس "اليأس الكامل" لجزء كبير من الشعوب العربية وعدم قدرة الأنظمة الاستبدادية التي تحكم هذه البلاد على التعامل مع هذه الاوضاع.
واضاف ان هذه الافعال "مستوحاة بشكل واضح من أحداث تونس" حيث انتحر الشاب محمد البوعزيزي (26 سنة) بإضرام النار في نفسه مفجرا الاحتجاجات الشعبية التي انتهت بسقوط الرئيس زين العابدين بن علي وفراره خارج البلاد يوم الجمعة الماضي.
ويقول الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي انه "كانت هناك من قبل محاولات انتحار احتجاجية في مصر ولكنها المرة الاولى التي نرى فيها أشخاصا يشعلون النار في انفسهم".
ويقول استاذ علم النفس السياسي في جامعة عين شمس قدري حفني إن محاولات الانتحار بإضرام النار في النفس هي رسالة يأس موجهة الى السلطات في منطقة لا تتيح فيها الحياة السياسية والاجتماعية اي وسيلة للتعبير عن الغضب.
ويؤكد حفني ان "لا فرق بين الانتحار غرقا او الانتحار حرقا ولكن الاخير يتضمن رسالة الى السلطات تقول +انني أحتج+".
ويهيمن الوضع في تونس وتداعياته المحتملة في العالم العربي على القمة العربية الاقتصادية التي تلتئم الاربعاء في منتجع شرم الشيخ المصري (على البحر الاحمر).
وتعاني دول عربية عدة مشكلات مماثلة لتلك التي فجرت الانتفاضة التونسية وخصوصا على المستوى الاجتماعي مع نسب بطالة مرتفعة وزيادة في اسعار السلع الاساسية اخيرا.
وعبر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي محمد السالم الصباح عن هذا القلق بوضوح في كلمة افتتاحية ألقاها قبيل الاجتماع التحضيري للقمة الذي بدأ قبيل ظهر الثلاثاء في شرم الشيخ على مستوى وزراء الخارجية.
وقال الصباح ان "العالم العربي يشهد اليوم حراكا سياسيا، فهناك دول تتفكك ودول تشهد انتفاضات ما يدعو الى التساؤل: هل يستطيع النظام العربي ان يواكب هذه التحركات وان يواكب المعاناة بما يضمن للمواطن العربي ان يعيش بكرامة انسانية؟".
اما الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقال ان على الدول العربية الاستفادة من "الدرس التونسي"، مشيرا الى ان المنطقة العربية فيها العديد من عناصر التشابه مع تونس ولذلك فإنه لا يمكن اعتبار ما شهدته تونس "حدثا معزولا".
من جهتها، اكدت مؤسسة الازهر الثلاثاء ان الاسلام يحرم إزهاق الأرواح لأي سبب كان.
وقال المتحدث الرسمي باسم الازهر محمد رفاعة الطهطاوي ان "القاعدة الشرعية العامة تؤكد ان الاسلام يحرم الانتحار تحريما قطعيا لأي سبب كان ولا يبيح للانسان ان يزهق روحه كتعبير عن ضيق او احتجاج او غضب".